تشير أحدث الدراسات الطبية إلى أن اعتماد روتين رياضي منتظم قد يكون بالفعل أحد أنجع الوسائل للتصدي لظاهرة الأرق، التي تؤرق ملايين الأشخاص، وتؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة والصحة العامة. وتتماشى نتائج تلك الدراسات مع توصيات جهات علمية مرموقة مثل المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، والتي أكدت أن الحركة المنتظمة والتمارين الرياضية تسهم في تحسين جودة النوم والحد من معاناة الأرق، إذا طُبقت بالشكل الصحيح وباختيار نوعية التمارين المناسبة.
وفي تقرير تحليلي أعدته شبكة “سي إن إن” العربية، نقلًا عن أخصائيين معتمدين وخبرات عالمية في الصحة والنوم السليم، تم رصد أبرز أربع تمارين رياضية أثبتت فعاليتها في مساعدة الجسم على الاسترخاء، وتوفير الراحة التي يحتاجها للانغماس في نوم عميق ومتواصل.
أولًا: تمارين اليوغا
أظهرت مراجعات بحثية حديثة، شملت تحليل تجارب سريرية عدة، أن اليوغا تبرز كواحدة من أفضل التمارين لتحسين جودة النوم وتقليل أعراض الأرق، خصوصًا للأشخاص الذين يعانون من ضغوط نفسية يومية. وتؤكد دراسة نشرتها مجلة “بي إم جي إيفيدنس-بيزد ميديسن” أن جلسات اليوغا المنتظمة تساعد في تعزيز الشعور بالهدوء العقلي، وتخفف من التوتر العضلي، كما تزيد بشكل ملحوظ من مدة النوم المريح، مع تقليل صعوبة الدخول في النوم.
الخبراء ينصحون باعتماد بعض أوضاع اليوغا البسيطة قبل النوم مثل وضعية الساقين المرفوعتين على الحائط ووضعية الاسترخاء الكامل، مع التركيز على تنفس هادئ وعميق للحصول على أفضل النتائج.
ثانيًا: الأنشطة الهوائية (الأيروبيك)
يؤكد المتخصصون في علم النوم أن التمارين الهوائية، مثل المشي السريع، الجري، أو ركوب الدراجات، تسهم في تنظيم الساعة البيولوجية للجسم وتحفيز إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم دورة الاستيقاظ والنوم. وبحسب مراجعات علمية منشورة عبر معاهد الصحة الأمريكية، فإن ممارسة التمارين الهوائية بوتيرة معتدلة لمدة تتراوح بين 20 و30 دقيقة يوميًا، خصوصًا في الصباح الباكر أو بعد الظهر، تساعد على تقليل نوبات الأرق وتخفف من أعراض اضطرابات التنفس أثناء النوم.
هذه التمارين ترفع معدل ضربات القلب وتدعم حالة الاسترخاء النفسي، كما ترفع مستويات هرمونات السعادة، مما يجعل الجسم مستعدًا للنوم عند حلول المساء.
ثالثًا: تمارين التمدد (الإطالة)
برزت تمارين التمدد البسيطة كوسيلة فعالة للتحضير للنوم، إذ تساعد على فك العضلات المشدودة وتسهيل الدورة الدموية وتقليل التوتر العام. وأكد موقع “اليوم السابع” نقلًا عن توصيات خبراء اللياقة أن تمارين مثل جسر الكتف، دوران العمود الفقري، وإطالة أوتار الركبة، يجب أن تُنفذ بوتيرة هادئة وبالاستمرار على كل وضعية بين 15 إلى 30 ثانية، مع التركيز على التنفس المنتظم.
توصي المصادر الطبية بمزج التمدد مع تمارين التنفس العميق لضمان إزالة التوتر البدني والنفسي قبل الخلود إلى النوم.
رابعًا: تمارين الاسترخاء والتنفّس العميق
شددت نتائج الأبحاث، المنشورة عبر “الشرق الأوسط” و”ويب طب”، على أن تمارين الاسترخاء، لاسيما التنفس العميق وتمارين التوقف التدريجي للعضلات، تُعدّ من الوسائل المفضلة لمعالجة الأرق دون دواء. وتتمثل إحدى الطرق الفعالة في تمرين “تنفس 4-7-8″، حيث يؤخذ شهيق من الأنف لمدة 4 ثوان، ويُحبس النفس 7 ثوان، ثم يُزفر ببطء لمدة 8 ثوان. أثبتت التجارب العملية أن تطبيق هذا التمرين يقلل من سرعة نبض القلب، ويهيئ الجهاز العصبي للدخول في نوم أكثر هدوءًا.
هذه التمارين يمكن تنفيذها أثناء الجلوس أو الاستلقاء، وتتناسب مع جميع الأعمار، ولا تتطلب تجهيزات خاصة، وتُوصى بها الجهات الصحية العالمية لكونها آمنة وفعالة.
نصائح عامة حول تطبيق التمارين للحد من الأرق
ذكرت منصة “الشارقة 24” نقلاً عن مراجعات منشورة في معاهد الصحة الوطنية الأمريكية، أن أفضل النتائج تتحقق عندما تندمج التمارين الرياضية المنتظمة مع تغيير بعض العادات غير الصحية، مثل تجنب الكافيين مساءً، والمحافظة على غرفة نوم هادئة ومظلمة، إضافة إلى تجنب استخدام الشاشات الذكية قبل النوم بوقت كافٍ. كما أكد أخصائيون أهمية ممارسة التمارين في المواعيد المناسبة خلال اليوم، وعدم الإفراط في النشاط البدني قبل أوقات النوم مباشرة، إذ قد يؤدي ذلك لنتائج عكسية