أبقى رئيس الوزراء العراقي السوداني بلاده بعيداً مع احتدام الصراعات العسكرية في الجوار منذ ما يقرب من عامين، وتطلب ذلك وفقاً لتقرير لوكالة أسوشيتد برس، تحقيق التوازن بين علاقات العراق مع دولتين حيويتين لسلطته، واعداء بعضهما البعض، الولايات لمتحدة وإيران.
هذا الإنجاز أصبح صعباً بشكل خاص خلال الشهر الماضي عندما اندلعت الحرب بين إسرائيل، وإيران، وقصفت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية.
وقال محمد شياع السوداني إنه استخدم مزيجاً من الضغوط العسكرية والسياسية لمنع الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران من الدخول في المعركة.
وفي مقابلة حصرية مع وكالة أسوشيتد برس، يشرح السوداني كيف فعل ذلك، وكيف يخطط لإبقاء هذه الجماعات تحت السيطرة للمضي قدماً، ولماذا يريد الاقتراب من إدارة ترامب، حتى مع احتفاظه بعلاقات قوية مع الأحزاب السياسية المدعومة من إيران التي ساعدته في دفعه للسلطة عام 2022.
البقاء على الهامش في الوقت الذي تبادل فيه إسرائيل وإيران الضربات
السوداني قال إنه بعد أن شنت إسرائيل غارات جوية على إيران، وردت بإطلاق صواريخ على تل أبيب، حاولت جماعات مسلحة في العراق إطلاق صواريخ، وطائرات بدون طيار باتجاه إسرائيل، وعلى قواعد في العراق تؤوي القوات الأمريكية، لكن تم احباط 29 محاولة من العمليات الأمنية للحكومة العراقية، دون ذكرها بالتفصيل.
السوداني أضاف، “نحن نعلم أن الحكومة الإسرائيلية لديها سياسة، – ولا تزال تفعل – لتوسيع الحرب في المنطقة، لذلك حرصنا على عدم إعطاء أي تبرير لأي طرف لاستهداف العراق”.
السوداني قال إن حكومته تواصلت أيضاً مع القادة في إيران، “لحثهم على الهدوء وإفساح المجال للحوار والعودة إلى المفاوضات”.
مستقبل الوجود الأمريكي في العراق في حالة تغير مستمر
أعلنت الولايات المتحدة والعراق العام الماضي عن اتفاق لإنهاء مهمة التحالف اذي تقوده الولايات المتحدة في العراق لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وفي مارس أعلن السوداني أن زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا قد قتل في عملية مشتركة عراقية أمريكية.
وكان من المفترض أن تكتمل المرحلة الأولى من انسحاب التحالف بحلول سبتمبر 2025، لكن لم تكن هناك مؤشرات تذكر على حدوث ذلك.
السوداني قال إن الولايات المتحدة والعراق، سيجتمعان بحلول نهاية العام “لترتيب العلاقات الأمنية الثنائية” بين البلدين.
رئيس الوزراء العراقي يأمل كذلك في تأمين الاستثمار الاقتصادي الأمريكي – في النفط والغاز، وكذلك الذكاء الاصطناعي – والذي قال إنه سيساهم في الأمن الإقليمي ويجعل “البلدين عظيمين معاً”.
وقال السوداني، إن وجود قوات التحالف وفر “مبرراً” للجماعات العراقية لتسليح نفسها، لكن بمجرد اكتمال انسحاب التحالف، “لن تكون هناك حاجة أو أي مبرر لأي جماعة لحمل أسلحة خارج نطاق الدولة”.
مصير المليشيات المدعومة من إيران في العراق غير واضح
واحدة من أكثر القضايا تعقيداً بالنسبة للسوداني، هي كيفية التعامل مع قوات الحشد الشعبي.
ويناقش البرلمان العراقي تشريعاً من شأنه ترسيخ العلاقة بين الجيش وقوات الحشد الشعبي، مما أثار اعتراضات من واشنطن، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان الأسبوع الماضي، إن التشريع “سيضفي الطابع المؤسسي على النفوذ الإيراني، والجماعات الإرهابية المسلحة التي تقوّض سيادة العراق”، بحسب وكالة أسوشيتد برس.
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، دافع عن التشريع المقترح، قائلاً إنه جزء من جهد لضمان سيطرة الدولة على الأسلحة، وأكد أن “الأجهزة الأمنية يجب أن تعمل بموجب القوانين، وأن تخضع لها وتخضع للمساءلة”.
مؤشرات على ضعف سلطة الدولة
في الأسابيع الأخير، استهدفت سلسلة من الهجمات بالطائرات بدون طيار منشآت نفطية في المنطقة الكردية شبه المستقلة في شمال العراق، واتهمت سلطات إقليم كردستان جماعات في الحشد الشعبي بتنفيذ الهجمات، بحسب وكالة أسوشيتد برس.
وقد شككت السلطات في بغداد في ذلك، لكنها لم تلق باللوم، ووصف السوداني الهجمات بأنها “عمل إرهابي”، وقال إن حكومته تعمل مع السلطات الكردية، وقوات التحالف لتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم.
ومثلما أثارت هجمات الطائرات بدون طيار تساؤلات حول سيطرة بغداد على الجماعات المسلحة، كذلك فعلت الباحثة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف، التي اختفت في العراق في عام 2023.
لم يذكر السوداني اسم المجموعة المسؤولة عن اختطاف تسوركوف، لكنه رفض فكرة أن حكومته لم تبذل جهوداً جادة لإطلاق سراحها، وقال إن حكومته لديها فريق مكرس للعثور عليها، وأضاف بقوله “نحن لا نتفاوض مع العصابات والخاطفين”، لكن الفريق يجري مناقشات مع الفصائل السياسية التي قد تكون قادرة على المساعدة في تحديد مكانها.
إعادة بناء العلاقات مع دمشق
العلاقات بين العراق والحكومة الجديدة في سوريا هشة منذ سقوط الرئيس السابق بشار الأسد، السوداني قال إن حكومته تنسق مع الحكومة السورية الجديدة، لا سيما فيما يتعلق بالأمور الأمنية، وأضاف “بالتأكيد لدينا والإدارة في سوريا عدو مشترك هو داعش، وهو موجود بشكل واضح وعلني داخل سوريا”.
وقال السوداني إن حكومته حذرت السوريين من الأخطاء التي حدثت في العراق بعد سقوط صدام حسين، عندما أدى الفراغ الأمني الذي أعقب ذلك إلى سنوات من العنف الطائفي، وصعود الجماعات المتطرفة المسلحة.
ودعا السوداني القيادة السورية الحالية إلى مواصلة “عملية سياسية شاملة تشمل جميع المكونات والطوائف”، مبيناً بقوله، “لا نريد تقسيم سوريا هذا غير مقبول، ونحن بالتأكيد لا نريد أي وجود أجنبي على الأراضي السورية”، في إشارة على ما يبدو إلى التوغلات الإسرائيلية في جنوب سوريا.