تعيد منصة نتفليكس العالمية إحياء واحدة من أكثر قضايا الاختفاء غموضاً في التاريخ البحري الحديث، من خلال عرضها مؤخراً لمسلسل وثائقي جديد يحمل عنوان “Amy Bradley Is Missing” (إيمي برادلي مفقودة)، والذي يتناول في ثلاثة أجزاء قصة اختفاء الشابة الأميركية إيمي لين برادلي البالغة من العمر 23 عاماً.
تعود الحادثة إلى يوم 24 مارس 1998، عندما اختفت برادلي في ظروف غامضة خلال رحلة بحرية عائلية على متن سفينة “Rhapsody of the Seas” التابعة لشركة رويال كاريبيان. كانت برادلي، الخريجة الحديثة من الجامعة والتي تدرس علم نفس الرياضة، برفقة عائلتها في رحلة لمدة سبعة أيام إلى منطقة البحر الكاريبي.
تفاصيل الليلة الأخيرة
شُوهدت إيمي للمرة الأخيرة حوالي الساعة 5:30 صباحاً وهي نائمة على شرفة مقصورة العائلة. وفقاً لوالدها رون، كان قد رآها تنام على كرسي الاستلقاء مع علبة سجائر بجانبها، والباب الزجاجي للشرفة كان مغلقاً. عندما استيقظ مرة أخرى بعد 30 دقيقة في الساعة 6:00 صباحاً، اكتشف أن الباب الزجاجي أصبح مفتوحاً وأن إيمي قد اختفت.
في الليلة السابقة لاختفائها، كانت إيمي قد قضت الأمسية ترقص في ملهى السفينة الليلي مع شقيقها براد. عادت إلى المقصورة حوالي الساعة 3:40 صباحاً وفقاً لسجلات نظام بطاقة المفاتيح الإلكتروني بالسفينة.
نظريات محتملة وشهادات شهود العيان
يستعرض المسلسل الوثائقي عدة نظريات حول اختفاء برادلي:
نظرية الاختطاف والاتجار بالبشر: تدعمها شهادات أشخاص زعموا رؤية امرأة تطابق أوصاف إيمي في جزيرة كوراساو وأماكن أخرى في منطقة الكاريبي بعد سنوات من اختفائها. من بين هؤلاء جندي في البحرية الأميركية يُدعى بيل هيفنر، الذي زعم أنها اقتربت منه في بيت للدعارة وطلبت مساعدته قبل أن تُقتاد بعيداً.
تورط أحد أفراد الطاقم: يركز الوثائقي على أليستر “يلو” دوغلاس، وهو عازف في فرقة موسيقية على السفينة. شُوهد دوغلاس يرقص مع إيمي في الليلة السابقة لاختفائها، وزعم ثلاثة شهود رؤيتهما معاً في ساعات الفجر الأولى. خضع دوغلاس لاستجواب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي وأجرى اختبار كشف الكذب، لكن النتائج كانت غير حاسمة ولم توجه إليه أي تهم.
تطورات جديدة بعد عرض الوثائقي
منذ عرض المسلسل في 16 يوليو 2025، تدفقت عشرات البلاغات الجديدة على مكتب التحقيقات الفيدرالي وعائلة برادلي. صرح براد برادلي، شقيق إيمي، أن العائلة تلقت أكثر من 70 بلاغاً جديداً في الأيام الأولى بعد العرض.
أثار الوثائقي اهتمام شخصيات مشهورة، حيث نشرت النجمة كيم كارداشيان منشوراً على حسابها في إنستغرام وصفت فيه الوثائقي بأنه “مذهل” ودعت متابعيها للمساعدة في العثور على إيمي. استجاب براد برادلي بإرسال رسالة مباشرة إلى كارداشيان يطلب فيها مساعدتها في رفع الوعي حول القضية.
التحقيقات المستمرة
تواصل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي التحقيق في القضية، وتعرض مكافأة قدرها 25 ألف دولار لأي معلومة تؤدي إلى العثور على برادلي. رغم إعلان وفاتها قانونياً في عام 2010، تبقى القضية مفتوحة وتحتل مكانة على قائمة الأشخاص المفقودين الأكثر طلباً لدى المكتب.
موقف العائلة
أكد براد برادلي دعم العائلة للمسلسل الوثائقي، مشيراً إلى أنه “لم يكن عرضاً كاملاً وترك الكثير من المعلومات”. أضاف أن الأمر “كان سيتطلب 10 مواسم لحكاية كل شيء”، لكنه أشاد بالعمل الذي قام به المنتجون.
تحدث براد عن إحساس داخلي لدى العائلة بأن إيمي لا تزال على قيد الحياة، قائلاً: “لدينا إحساس داخلي، أنا ووالداي شعرنا بنفس الطريقة منذ اليوم الأول”. تواصل العائلة جمع التبرعات لمتابعة الخيوط المحتملة والسفر حيثما لزم الأمر للبحث عن الحقيقة.
تأثير عالمي متجدد
حقق الوثائقي نجاحاً واسعاً على منصة نتفليكس وأصبح من أكثر العروض مشاهدة. يأمل صانعو الفيلم، آري مارك وفيل لوت، أن تؤدي الشهرة العالمية للمنصة إلى الحصول على المعلومة الحاسمة التي تحل هذا اللغز المستمر منذ عقود.
تبقى قضية إيمي برادلي واحدة من أعقد حالات الاختفاء البحري في التاريخ الحديث، حيث تجمع بين الغموض والشهادات المتضاربة وعشرات الإشاعات غير المؤكدة حول رؤيتها في أماكن مختلفة حول العالم، مما يبقي الأمل حياً لدى عائلتها في العثور عليها يوماً ما.