أصدر سعادة الشيخ فيصل بن ثاني بن فيصل آل ثاني وزير التجارة والصناعة في دولة قطر القرار رقم (80) لسنة 2025 بشأن تنظيم مواعيد العمل في المحال التجارية والصناعية والعامة المماثلة. نشرت الجريدة الرسمية لدولة قطر في عددها رقم (21) الصادر الأحد الموافق 17 أغسطس 2025 هذا القرار الذي يهدف إلى تعزيز القيم الدينية واحترام الشعائر الإسلامية.
التزام إجباري بالإغلاق لمدة ساعة ونصف
ينص القرار في مادته الثانية على إلزام جميع المحال التجارية والصناعية والعامة المماثلة بإغلاق أبوابها والتوقف عن القيام بأية أعمال أثناء صلاة الجمعة، وذلك لمدة ساعة ونصف ابتداءً من الأذان الأول للصلاة. يهدف هذا الإجراء إلى تمكين العاملين من أداء صلاة الجمعة براحة وطمأنينة، مع مراعاة الطابع الديني والاجتماعي للمجتمع القطري.
أوضح السيد سيف علي العذبة رئيس قسم الرقابة والمعاينة بوزارة التجارة والصناعة أن القرار يمنح مرونة أكبر للقطاع التجاري، حيث يسمح للمحال بالعمل طوال اليوم دون قيود، باستثناء فترة صلاة الجمعة المحددة. وأكد أن هذا التوقيت لن يؤثر سلبياً على الأنشطة التجارية لأن الحركة التجارية تنخفض عادة في هذا الوقت.
استثناءات شاملة للخدمات الحيوية
استثنى القرار اثني عشر نشاطاً حيوياً من الالتزام بالإغلاق أثناء صلاة الجمعة، وتشمل هذه الاستثناءات الصيدليات والفنادق وأماكن الإيواء. كما تضم القائمة المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات الطبية الخاصة، ومحطات التزويد بالوقود، والمحال التجارية الكائنة في منافذ الدولة كالمطارات والمنافذ البرية والموانئ.
تشمل الاستثناءات أيضاً شركات الاتصالات السلكية واللاسلكية، وإدارة الآلات المولدة للقوى الكهربائية والمائية، والمخابز. كما يستثنى القرار مكاتب شركات الطيران في المطارات والموانئ، والأعمال التي يستمر التشغيل فيها دون توقف مع استمرار العمل بنظام المناوبات.
يشمل الاستثناء كذلك أنشطة نقل الركاب والبضائع بطريق البر أو البحر أو الجو، وأية أنشطة أخرى تحددها الإدارة المختصة وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة.
آلية التنفيذ والمتابعة الميدانية
ينص القرار في مادته الثالثة على إلزام جميع الجهات المختصة، كل فيما يخصه، بتنفيذ هذا القرار، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. وبناءً على ذلك، يدخل القرار حيز التنفيذ اعتباراً من يوم الجمعة الموافق 22 أغسطس 2025.
ستقوم وزارة التجارة والصناعة بمتابعة تنفيذ القرار ميدانياً للتأكد من التزام المحال بما جاء في القرار بالإغلاق في الوقت المحدد لصلاة الجمعة. وأكدت الوزارة أن هذه المتابعة تهدف إلى ضمان احترام تطبيق الشعائر الدينية وتجنب اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.
عقوبات مالية رادعة للمخالفين
حددت وزارة التجارة والصناعة عقوبات صارمة للمحال التي تخالف القرار، حيث تنص المادة رقم (27) من القانون رقم (5) لسنة 2015 على فرض غرامة مالية لا تتجاوز عشرة آلاف ريال قطري على المخالفين. وحذرت الوزارة من أن عدم الالتزام بأحكام القرار قد يعرض المخالفين لهذه العقوبات المالية.
أوضح المسؤولون في الوزارة أن هذه العقوبات تهدف إلى ضمان الالتزام بالقرار وتعزيز احترام القيم الدينية في المجتمع. وشددوا على أن الهدف ليس فرض العقوبات بل ضمان التطبيق السليم للقرار بما يحقق المصلحة العامة.
تأييد أكاديمي ومجتمعي واسع
ثمّن عدد من الأكاديميين والدعاة القرار الذي أصدره وزير التجارة والصناعة، معتبرين إياه قراراً صائباً يطبق قول المولى عز وجل في محكم كتابه “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ”.
أكد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل ثاني الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية أن هذا القرار يعود بالنفع العظيم على الفرد والمجتمع، لاسيما أن الوقت المحدد للإغلاق يسير وكافٍ لأداء صلاة الجمعة والاستماع إلى الخطبة بصفاء ذهن وراحة بال. ولفت إلى أن القرار فيه اقتداء بالمسلمين الأوائل الذين كانوا في أسواقهم يتاجرون فإذا سمعوا النداء بالصلاة ألقوا ما بأيديهم وقاموا إلى المساجد.
السياق الاقتصادي والاجتماعي
يأتي هذا القرار في دولة قطر التي يبلغ عدد سكانها نحو 3.1 ملايين نسمة، بينهم ما يقارب 2.2 مليون عامل يمثلون الأغلبية العظمى في سوق العمل. ويشكل العمال الوافدون النسبة الأكبر في الأنشطة التجارية والصناعية، مما يجعل هذا القرار يطال شريحة واسعة من العاملين في القطاع.
تضم دولة قطر أكثر من ألفي مسجد بتصاميم معمارية مميزة تعكس مزيجاً من التاريخ والإيمان والفن، وتشكل جزءاً محورياً في الحياة اليومية للمجتمع. ويعكس القرار الجديد التوازن بين دعم الأنشطة الاقتصادية والالتزام بالقيم الدينية والمجتمعية في البلاد.
مرونة في التطبيق ومراعاة للمصلحة العامة
ينص القرار في مادته الأولى على أن للمحال التجارية والصناعية والعامة المماثلة مزاولة أنشطتها وفقاً للمواعيد التي تقدرها، ولها أن تزاول تلك الأنشطة طوال اليوم. واستثناءً من ذلك، ولمقتضيات المصلحة العامة، يكون للإدارة المختصة بالوزارة بعد موافقة الوزير أن تُلزم بعض المحال التجارية والصناعية والعامة المماثلة بمزاولة أنشطتها وفقاً لساعات عمل محددة.
هذا التنظيم يعكس حرص الحكومة القطرية على تحقيق التوازن بين المرونة في العمل التجاري ومراعاة الاعتبارات الدينية والاجتماعية. كما يؤكد على أن القرار ليس مقيداً بشكل مطلق، بل يتيح للسلطات المختصة اتخاذ إجراءات استثنائية عند الحاجة.