دشن مطار دبي الدولي ممراً ثورياً جديداً يعمل بالذكاء الاصطناعي، ما يتيح للمسافرين تجاوز إجراءات الهجرة خلال ثوانٍ معدودة دون الحاجة إلى إظهار جوازات السفر أو الوثائق الثبوتية. يأتي هذا الإنجاز ضمن مبادرة “السفر بلا حدود” التي تعكس رؤية دبي المستقبلية لتحويل تجربة السفر إلى رحلة سلسة وخالية من التعقيدات.
أعلن الفريق أول محمد أحمد المري، مدير عام الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، أن هذا النظام الجديد يمثل “نقلة نوعية في عالم السفر الذكي”، مؤكداً أن مطار دبي الدولي ليس مجرد نقطة عبور، بل بوابة حيوية تعكس هوية الإمارات المتقدمة. يستطيع النظام معالجة ما يصل إلى عشرة مسافرين في الوقت ذاته، مقارنة بالأنظمة التقليدية التي تتطلب المرور الفردي.
آلية العمل المتطورة والأمان المضمون
يعتمد الممر الذكي على تقنيات متقدمة في التعرف على الوجه والبيانات البيومترية المسجلة مسبقاً، حيث يتم التحقق من هوية المسافرين قبل وصولهم إلى نقطة التفتيش فعلياً. تستغرق عملية التحقق من الهوية أقل من 14 ثانية، ما يسمح للمسافرين بالمرور دون توقف أو إظهار الوثائق.
يضمن النظام مستويات عالية من الأمان من خلال خوارزميات ذكية تكتشف أي مخالفات أو جوازات سفر مشبوهة، وتحيلها فوراً إلى خبراء مكافحة التزوير للمراجعة الدقيقة. هذا التوازن بين السرعة والأمان يجعل النظام ثورياً في مجال إدارة الحدود، حيث يضاعف قدرة المعالجة مع الحفاظ على أعلى معايير الأمان.
التطوير التدريجي والتوسع المستقبلي
بدأ تشغيل الممر الذكي في صالات الدرجة الأولى ورجال الأعمال في المحطة الثالثة بمطار دبي الدولي، ضمن خطة توسع تدريجية تهدف إلى تطبيق نظام “السفر الذكي اللامحدود” على نطاق أوسع. يمثل هذا المشروع تطويراً لمبادرة “النفق الذكي” التي أُطلقت عام 2020، والتي مكنت المسافرين من المرور عبر منطقة مسح بيومترية بدلاً من الانتظار في الطوابير.
تعتمد التقنية الجديدة على قاعدة بيانات النفق الذكي السابق، حيث استفادت الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب من الخبرة المكتسبة خلال خمس سنوات لتطوير نظام أكثر تطوراً. يخطط المسؤولون لتوسيع الخدمة لتشمل المسافرين الواصلين بعد أن تقتصر حالياً على المغادرين، مع إمكانية التسجيل مرة واحدة فقط لحفظ البيانات بشكل آمن.
إنجازات مطار دبي الدولي وريادته العالمية
حافظ مطار دبي الدولي على مركزه كأكثر مطارات العالم ازدحاماً من ناحية حركة الركاب الدولية للعام الحادي عشر على التوالي، حيث استقبل 92.3 مليون مسافر في عام 2024، بزيادة قدرها 6.1% عن العام السابق. هذا الرقم القياسي يتجاوز الرقم السابق البالغ 89.1 مليون مسافر المسجل عام 2018.
يربط المطار 272 وجهة عبر 107 دولة من خلال 106 شركة طيران دولية، ما يجعله واحداً من أكثر مطارات العالم ارتباطاً. تجاوزت النتائج المحققة في 2024 التوقعات بحوالي 200 ألف مسافر، مما يؤكد قوة الجاذبية العالمية للمطار.
التكامل مع المبادرات التقنية الأخرى
يتماشى إطلاق الممر الذكي مع استراتيجية شاملة تشمل عدة مبادرات تقنية متطورة. طيران الإمارات أطلقت عام 2020 “المسار البيومتري المتكامل” الذي يسمح للمسافرين بإنهاء إجراءات تسجيل الوصول والهجرة والدخول إلى الصالة والصعود إلى الطائرة باستخدام تقنيات التعرف على الوجه والقزحية.
تشمل نقاط اللمس البيومترية مكاتب تسجيل الوصول المحددة في المحطة الثالثة، وبوابات الهجرة بما في ذلك “النفق الذكي”، ومدخل صالة طيران الإمارات في الردهة B، بالإضافة إلى بوابات الصعود المختارة. هذا التكامل يخلق تجربة سفر متصلة وسلسة من نقطة الوصول إلى المطار حتى الصعود للطائرة.
شهادات المسافرين والتقييم الميداني
أشاد المسافرون الذين جربوا النظام الجديد بسرعته وسلاسته. محمد عامر، وهو مواطن سوري، أكد أنه وعائلته تمكنوا من المرور “في وقت قياسي دون التوقف عند مكاتب جوازات السفر”. كما وصف محمود بالو من كندا الممر بأنه يجعل العملية “أكثر سلاسة وراحة”، بينما أشار علي عبدالله الشراوي، رجل الأعمال الدبي، إلى أن النظام يوفر “مستوى من السلاسة لم أشهده حتى في المطارات العالمية الرائدة مثل سنغافورة وطوكيو ولندن”.
الرؤية المستقبلية والأهداف الاستراتيجية
يهدف هذا المشروع إلى تحقيق رؤية “السفر بلا وثائق” كجزء من استراتيجية دبي الشاملة لإعادة تعريف تجربة السفر العالمية. تسعى دولة الإمارات من خلال هذه المبادرة إلى ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتميز التشغيلي في قطاع الطيران.
أكد الفريق أول محمد أحمد المري أن هذا النظام يتماشى مع خارطة طريق الابتكار طويلة المدى التي تركز على الاستفادة من التكنولوجيا لتحديث وتبسيط إجراءات مراقبة الحدود. من المتوقع أن يصبح التحول نحو السفر الآلي الخالي من الوثائق سمة مميزة للسفر الجوي العالمي، مع قيادة دبي لهذا التحول.
يمثل إطلاق هذا النظام الرائد نموذجاً قابلاً للتطبيق في مطارات أخرى حول العالم، حيث يجمع بين تحسين تجربة المسافر وتعزيز الأمان من خلال إزالة الأخطاء البشرية من عمليات فحص الوثائق. مع توقع زيادة حركة المسافرين بنسبة 8%، يساعد هذا النظام في إدارة الازدحام المتزايد مع الحفاظ على الكفاءة والأمان.