حققت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، من خلال جهود خاصة بشخصيات مقرّبة منه، تقدّماً ملحوظاً في مسار إعادة تفعيل الحوار بين كل من سوريا ولبنان من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
وتمثّل هذه الخطوات المفاجئة إضافة إلى سلسلة تفاهمات غير معلنة، رغم عدم إحراز إنجازات حاسمة في ملف غزة، كما ذكر موقع أكسيوس.
إدارة ترامب دعمت قيادات جديدة لتمهيد الطريق
في إطار استراتيجيته الدبلوماسية، منح فريق ترامب دعماً قوياً للرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس اللبناني جوزيف عون.
ورغم أن الاثنين تولّيا مناصبهما بعد سقوط نظام بشار الأسد وهزيمة حزب الله أمام الضربات الإسرائيلية، فإنّ اسم ترامب أُدخل كحافز لإقناع البلدين بتحسين علاقتهما مع واشنطن وإسرائيل.
رفع العقوبات عن سوريا أولى الخطوات
أعلن ترامب في مايو الماضي رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، ثم كلف سفير الولايات المتحدة لدى تركيا وصديقه المقرب منذ أربعين عاماً، توم باراك، مبعوثاً خاصاً إلى دمشق.
وتحمّل باراك مسؤولية إعادة بناء العلاقات الأميركية– السورية، والعمل على تثبيت الاستقرار، والبدء في عملية سلام محتملة مع إسرائيل.
احتواء أزمة السويداء وتثبيت وقف إطلاق نار
بعد قيام إسرائيل بقصف دمشق في يوليو، وتصاعد اشتباكات قرب السويداء، تدخل باراك ووزير الخارجية ماركو روبيو لاحتواء الموقف، وقد نجحا في فرض تهدئة مؤقتة لوقف التصعيد بين الجيش السوري وإسرائيل.
وأعقبت ذلك دعوة إلى اجتماع ثلاثي في باريس جمع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بحضور المبعوث الأميركي، وهو الاجتماع الأول من نوعه منذ عام 2000 بقيادة إدارة كلينتون.
لبنان وأولويات واشنطن
منذ نحو شهرين، تولّى باراك أيضاً متابعة الملف اللبناني، بتكليف إضافيٍّ يهدف إلى تقوية الحكومة الجديدة ودفعها نحو نزع سلاح حزب الله.
وقدّم المبعوث الأميركي خطة لإنهاء الحرب مع إسرائيل بشكل دائم، إذ إنّ الهدنة المطبقة منذ نوفمبر 2023 لم تُنفّذ بالكامل.
واستجابت الحكومة اللبنانية للمقترح بطلب إعداد الجيش خطة لتفكيك الميليشيات المسلحة، وخصوصاً حزب الله، في خطوة وصفت بالسابقة في بلدٍ لطالما هيمنت فيه هذه القوة السياسية والعسكرية.
ما الذي تحتاجه أمريكا في جهودها في سوريا ولبنان!
تجمع هذه المبادرات بين مسارين رئيسيين: الأول السلام السوري– الإسرائيلي، إذ ساد جوٌّ من الاحترام المتبادل خلال الاجتماعات الثلاثية، مع إقرار الطرفين برغبتهم في تحقيق استقرار الجنوب السوري دون عداء أو غضب.
والثاني السلام اللبناني– الإسرائيلي، الذي يتوقف نجاحه على قدرة الدولة اللبنانية على تفكيك سلاح حزب الله ومقابله تجاوب إسرائيلي ملموس.
لا تزال هذه الجهود في مراحلها المبكرة، ونجاحها يتطلب استمرارية الضغط والدفع السياسي من واشنطن، إضافة إلى قرار الطرفين السوري واللبناني بتحمّل تبعات تطبيع العلاقة مع إسرائيل.
وفي انتظار النتائج النهائية، تبدو رهانات إدارة ترامب على التأثير غير المباشر عبر مبعوثين يمتلكون الثقة نفسها اسماً ونفوذاً، مساراً جديداً في صياغة الاتفاقيات المعقّدة في الشرق الأوسط.