تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً في دبي، ظهور خدمة جديدة تُعرف بـ”دولا الطلاق” التي تقدم دعماً عاطفياً وعملياً للأشخاص الذين يمرون بتجربة إنهاء الزواج، على غرار دولا الولادة التي ترشد الوالدين الجدد خلال فترة الحمل والولادة.
تشرح الدكتورة تارا واين، الطبيبة النفسية الإكلينيكية في مركز “ذا لايت هاوس أرابيا” للرفاهية، أن هؤلاء المختصين يساعدون العملاء على التأقلم مع التحديات العاطفية واللوجستية للطلاق، مقدمين التوجيه في كل خطوة من الرحلة.
دور دولا الطلاق في الدعم النفسي
تؤكد الدكتورة واين أن دولا الطلاق “يمكنهم المساعدة في حمل العبء الهائل ودعم الشخص في بناء الشجاعة واتخاذ الخطوات اللازمة والتنقل عبر جميع المجهولات. يمكنهم أيضاً العمل كشريك نزاهة إذا انخرطوا فعلياً في محادثات شجاعة مع العميل – أي ليس فقط الدعم والانعكاس، بل أيضاً تقديم التغذية الراجعة البناءة الحقيقية”.
وتصف الدكتورة واين دولا الطلاق بأنهم “رفقاء يدعمون الأفراد الذين يفكرون في الطلاق أو يمرون به أو يتنقلون عبره، ويساعدونهم في التعامل معه عاطفياً وعملياً”. وتؤمن بأن دولا الطلاق يمكنهم أن يكونوا شاهداً متعاطفاً ويساعدوا في تأكيد مشاعر الشخص أثناء مروره بالاضطراب والتغيير.
خدمات متخصصة تواكب التحديات الثقافية
تعمل فرحانة حسين، المقيمة في لندن والتي أسست “My Divorce Doula” قبل حوالي عامين، حصرياً عبر الإنترنت مع عملاء منتشرين في عدة دول، بما في ذلك الإمارات، من خلال جلسات خاصة وجماعية.
تقول حسين: “معظم عملائي من الشرق الأوسط جاءوا من دبي في الماضي”، مضيفة أن خلفيتها الدينية والثقافية تساعدها على التواصل والعمل مع النساء من المنطقة، حيث يتنقلن عبر تحديات فريدة تتعلق بالشعور بالذنب والمغفرة والهوية والتوقعات العائلية والثقافية.
نهج شامل للتعافي العاطفي
تدعم حسين العملاء عملياً في التحضير لاجتماعات المحامين وإجراءات المحاكمة واستراتيجيات التواصل. لكنها تشير إلى أن “معظم الناس ينتقلون مباشرة إلى الأمور العملية بينما لا يزالون في حالة فوضى عاطفية. وهذا عندما تصبح الأمور فوضوية ومربكة ومكلفة”.
تؤكد حسين أن “أذكى شيء يمكن لأي شخص أن يفعله هو أن يؤسس نفسه أولاً ويعرف ما يريده قبل أن يبدأ في التفاوض عليه”. وتعمل مع العقل والجسد معاً، حيث تعلم أدوات بسيطة لمساعدة الأفراد على استعادة ثقتهم والبقاء هادئين في الحالات عالية الصراع.
تقنيات تنظيم الجهاز العصبي
تشرح حسين أن “الطلاق ينتهي إلى أن يصبح تجربة مربكة ومضغوطة وغالباً صادمة لكثير من الناس لدرجة أن الجسد يصبح مخدراً، لذا أعمل مع التنفس لمساعدتك في تنظيم جهازك العصبي. نعمل أيضاً مع الصوت والحركة، وهو أمر جيد جداً لإطلاق التوتر والضغط في الجسد”.
خبرات محلية في دبي
آن جاكسون، المدربة العلاجية الرئيسية المقيمة في دبي ومؤسسة “One Life Coaching ME” و”دولا الطلاق”، بدأت مجموعة الدعم “Leaves Dubai” قبل 15 عاماً، والتي كانت أيضاً عندما مرت بطلاقها الخاص.
تنظم جاكسون اجتماعات لمجموعة الدعم يدعو إليها المحامين لتقديم معلومات قانونية مجانية للنساء اللواتي يكافحن مع طلاق صعب. ساعدتها تفاعلاتهم على فهم قانون البلد وتستخدم تجاربها لمساعدة العملاء على التنقل عبر العملية المعقدة.
حدود مهنية واضحة
تضع معظم دولا الطلاق حدوداً واضحة في عملهن. تقول جاكسون: “لست أفضل صديق، ولست العكاز”. وهي لا تمانع من العملاء الذين يرسلون لها رسائل نصية عبر واتساب في أي وقت، لكنها تخبرهم مسبقاً أنها ستجيب على جميع الرسائل معاً خلال جلستهم التالية.
تشدد جاكسون على أهمية تعليم العملاء الاعتماد على أنفسهم قائلة: “معظم النساء كن في زيجات خانقة مع أزواج سابقين متحكمين يقررون كل تحركاتهن، لذا إذا تدخلت دولا الطلاق وسيطرت بالكامل، فلن يتعلمن إدارة حياتهن بأنفسهن”.
اعتبارات مهنية مهمة
تشير الدكتورة واين إلى أن دولا الطلاق “لا يتطلبون مؤهلات أو ترخيص واضح لهذا الدور”. وتحذر من أن “رغم قدرتهم على تقديم المساعدة والدعم في حالات الطلاق المعقدة، حتى دولا الطلاق حسن النية يمكن أن ينحرف إلى تقديم النصائح حول القرارات القانونية، أو لعب دور المعالج والنصح حول تربية الأطفال المشتركة، أو محاولة احتواء وإدارة الألم النفسي العميق عندما يكونون غير مؤهلين لفعل ذلك، مما قد يؤدي إلى ضرر أكثر من النفع”.
منظومة دعم متكاملة في الإمارات
تشهد الإمارات نمواً في خدمات الاستشارة العائلية والزوجية، حيث تقدم مراكز متعددة مثل “The Lighthouse Arabia” و”Nafsology” و”Thrive” و”OpenMinds Center” خدمات شاملة للأزواج والعائلات المارة بمرحلة الطلاق أو الانفصال.
تقدم هذه المراكز خدمات تشمل العلاج الفردي والزوجي، والاستشارة العائلية، ودعم الأطفال خلال فترة الطلاق، ومساعدة الوالدين على تطوير استراتيجيات تربية مشتركة فعالة.
تطور قانوني يواكب الاحتياجات
مع تطور القوانين في الإمارات لتشمل خيارات أكثر للمقيمين غير المسلمين، بما في ذلك إدخال القانون الاتحادي رقم 41 لسنة 2022 بشأن الأحوال الشخصية لغير المسلمين، يزداد الطلب على خدمات الدعم المتخصصة أثناء عملية الطلاق.
تمثل خدمات دولا الطلاق إضافة قيمة لمنظومة الدعم المتاحة في الإمارات، حيث تقدم نهجاً أكثر شمولية يركز على الجوانب العاطفية والعملية للطلاق، مما يساعد الأفراد على التنقل عبر هذه المرحلة الصعبة بطريقة أكثر صحة واستقراراً.