يواجه العديد من الموظفين حول العالم ظاهرة التنمر في بيئة العمل، والتي تُعتبر من أخطر المشاكل التي تهدد صحتهم النفسية والمهنية. هذه الظاهرة المدمرة لا تقتصر على مستوى وظيفي أو نوع عمل معين، بل تنتشر عبر جميع القطاعات والمؤسسات، تاركةً آثاراً عميقة على الأفراد والمنظمات على حد سواء.
أشكال التنمر المتعددة
يتخذ التنمر في بيئة العمل أشكالاً متنوعة ومعقدة، منها التنمر اللفظي الذي يظهر في صورة الصراخ والانفعالات، والتنمر النقدي القائم على استخدام كلمات تقلل من قيمة الضحية وتشوه صورته المهنية. كما يشمل التنمر الوظيفي الذي يتمثل في حجب المعلومات الضرورية عن العمل لإيقاع الشخص في الفشل.
يُضاف إلى ذلك التنمر الاجتماعي الذي يعتمد على نشر الشائعات وتشويه السمعة بين الزملاء، والتنمر من خلال الإساءة اللفظية والتهديد والتدخل في أداء العمل وإساءة استخدام السلطة. ووفقاً للدراسات، فإن النوع الأكثر شيوعاً هو الإجهاد بزيادة عبء العمل، يليه التهديد الوظيفي وزعزعة الاستقرار.
استراتيجيات المواجهة الفعّالة
المواجهة المباشرة والتوثيق
تنصح الخبرات المتخصصة بضرورة توثيق جميع حوادث التنمر بالتفصيل، مع تسجيل التواريخ والشهود والآثار المترتبة على هذه السلوكيات. هذا التوثيق يُعتبر أساسياً عند تقديم الشكاوى للجهات المختصة أو الموارد البشرية.
يُنصح الموظفون بمطالبة المتنمر بطريقة ودية بالتوقف عن سلوكه غير اللائق، خاصة إذا كان هذا السلوك غير مقصود. وفي حالة استمرار التنمر، يجب التوجه بشكوى رسمية إلى قسم الموارد البشرية أو الإدارة العليا مع تقديم الأدلة الموثقة.
طلب الدعم والمساندة
تشدد الدراسات على أهمية الحصول على الدعم الاجتماعي من العائلة والأصدقاء والزملاء الموثوقين. كما يُنصح بطلب إفادات من الشهود الذين شاهدوا حوادث التنمر، وفي حالات الضرورة، يمكن استشارة طبيب أو معالج نفسي للتعامل مع الآثار النفسية المترتبة.
تعزيز المناعة النفسية
توضح الأخصائية النفسية ريهام الهواري أن التنمر في بيئة العمل يمثل “فيروساً مدمراً” يحتاج إلى مناعة نفسية قوية لمواجهته. وتكمن هذه المناعة في إدارة الوعي والإدراك بأن المشكلة لا تخص الضحية، بل تعكس خللاً عند المتنمرين أنفسهم.
الحماية القانونية المتاحة
القوانين الإماراتية
يحظر قانون العمل الإماراتي صراحة جميع أنواع المضايقات، حيث تنص المادة 14 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 33 لسنة 2021 على أنه “يحظر التحرش الجنسي أو التنمر أو ممارسة أي عنف لفظي أو جسدي أو نفسي على العامل”.
في حالة الإساءة أو تلقي لغة مهينة من قبل المدير أمام الآخرين، يكون الفاعل عرضة للسجن لمدة ستة أشهر أو دفع غرامة تصل إلى 5000 درهم وفقاً للمادة 427 من قانون الجرائم والعقوبات. كما يحق للموظف الاستقالة دون إنذار خلال 5 أيام من تسجيل الشكوى إذا تعرض للإساءة أو التنمر.