وثقت مصادر إسبانية ومنصات التواصل الاجتماعي حادثة وصول سبعة مراهقين جزائريين إلى جزيرة إيبيزا الإسبانية بعد أن سرقوا قارباً صغيراً من ميناء تامنفوست (لابيروز) في الجزائر العاصمة، في حادثة أثارت جدلاً واسعاً حول ظاهرة الهجرة غير النظامية في صفوف القاصرين، وفقاً لفرنسا 24.
وأكد الناشط الإسباني فرانشيسكو خوسي كليمنتي، المتخصص في تتبع حالات الهجرة غير النظامية، وصول المجموعة إلى سواحل جزر البليار مساء الأربعاء الماضي، فيما أشار إلى أن أعمار المراهقين تتراوح بين 14 و17 عاماً.
ونشر كليمنتي صوراً للقارب المستخدم ومعلومات مفصلة حول الرحلة عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي.
تفاصيل رحلة إيبيزا والظروف المحيطة بها
أفادت بلدية إيبيزا بأن القارب تم اكتشافه عند الساعة السادسة والنصف مساء بالتوقيت المحلي على شاطئ بلاتجا دن بوسا، حيث باشرت الشرطة عمليات بحث عن ركابه بالتعاون مع خدمة الإنقاذ البحري.
وتم سحب القارب إلى الميناء منعاً لأي تلوث بيئي، بينما أُحيل المراهقون إلى الجهات المختصة لمتابعة أوضاعهم القانونية والإنسانية.
وقد وثق المراهقون رحلتهم بأنفسهم عبر مقاطع فيديو نشروها على منصات التواصل الاجتماعي، حيث ظهروا وهم يقطعون البحر الأبيض المتوسط ويرددون أهازيج ملاعب شهيرة في العاصمة الجزائرية تحمل رسائل احتجاجية على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
وقال أحد المراهقين في مقطع مصور: “انطلقنا من لابيروز واستخدمنا تطبيقاً يحدد المسار، وكان المحرك يتعطل بشكل متكرر لكننا تمكنا من إصلاحه.
تخطيط المراهقين الجزائريين لرحلة إيبيزا
وكشفت التحقيقات عن التخطيط المسبق للعملية، حيث أشار أحد المراهقين إلى أنهم قاموا بتخزين الوقود مسبقاً من خلال “شراء عدة مرات بيدونات سعة 30 لتراً”.
وأوضح المراهق ذاته أن المجموعة استخدمت “تطبيقاً للملاحة وبوصلة” للوصول إلى وجهتهم، مؤكداً أنهم “كانوا يزودون القارب بالبنزين من دراجاتهم النارية”.
الحادثة أظهرت مستوى متقدماً من التخطيط للعملية، حيث تمكن المراهقون من تقدير استهلاك الوقود لمحرك بقوة 85 حصاناً ودراسة المدة الزمنية المطلوبة للوصول إلى الأراضي الإسبانية، والتي استغرقت نحو 9 ساعات بحرية.
كما أشار تقرير إلى أن المجموعة حاولت تنفيذ المخطط نفسه في العام السابق دون نجاح، عندما كان أصغر أفرادها يبلغ 13 عاماً.
الجدل الاجتماعي والتأثيرات الإعلامية لرحلة إيبيزا
أثارت الحادثة جدلاً واسعاً في الأوساط الجزائرية بين من اعتبرها “تعبيراً عن أزمة اجتماعية حادة” وبين من رأى أنها “نتيجة لتأثير محتويات وسائل التواصل الاجتماعي”.
وانقسمت ردود الأفعال على منصات التواصل الاجتماعي بين منتقدين لسرقة القارب والمغامرة بحياة الأطفال، وبين من اعتبرها “مؤشراً على انسداد الأفق أمام جيل بأكمله”، وكتب أحد المستخدمين: “لم يسرقوا فقط قارباً.. بل حاولوا الهرب من مستقبل مسروق أصلاً”.
السياق الأوسع لظاهرة الهجرة الجزائرية
تأتي هذه الحادثة في ظل تصاعد مستمر في أعداد المهاجرين الجزائريين نحو إسبانيا عبر ما يُعرف بـ”الطريق الجزائري”، حيث وصل أكثر من 10,600 شخص إلى الأراضي الإسبانية عام 2023 انطلاقاً من الجزائر.
وتشير البيانات الرسمية إلى وصول حوالي 8,000 شخص إضافي عبر هذا المسار منذ بداية 2024 حتى شهر أغسطس الماضي.
وحذرت منظمة “كامِندو فرونتيراس” الإسبانية من ارتفاع أعداد الضحايا على الطريق البحري الرابط بين الجزائر والسواحل الشرقية لإسبانيا، حيث سُجلت 517 وفاة في عام 2024، بزيادة قدرها 19% عن العام السابق.
وصنف التقرير هذا المسار كثاني أخطر طريق بعد طريق المحيط الأطلسي المؤدي إلى جزر الكناري.