تشهد تركيا، وتحديداً إسطنبول، ظاهرة طبية واجتماعية مثيرة للجدل تتمثل في إقبال النساء على جراحة تقصير القامة بهدف تحسين فرص الزواج، بينما يتزايد في الوقت نفسه إقبال الرجال على جراحات تطويل القامة لأهداف مماثلة.
تزايد الطلب على جراحة تقصير الطول
أظهرت تقارير صحيفة “ديلي ميل” البريطانية أن عدداً متزايداً من النساء طويلات القامة يلجأن إلى هذا الإجراء الجراحي المعقد، حيث أجرت عيادة واحدة في إسطنبول 10 عمليات لتقصير الساقين منذ عام 2023. وتقدم العيادات التركية هذه الجراحة ضمن باقات شاملة تتضمن الإقامة في المستشفى، والجولات السياحية، ووجبات في المطاعم، وحتى الرحلات البحرية.
تتضمن جراحة تقصير الأطراف قطع عظم الساق لإزالة جزء من عظم الفخذ، ثم تثبيت العظام المقطوعة بقضيب معدني حتى يلتئم العظم. ويزعم الأطباء الأتراك أن بإمكانهم تقصير الفخذ بما يصل إلى 5.5 سنتيمتر، والساق بما يصل إلى 3 سنتيمترات.
الدوافع وراء جراحة تقصير القامة
تفيد المريضات بأن دوافعهن للخضوع لهذا الإجراء ترتبط أساساً بتحسين فرص الارتباط والزواج، حيث تشير الدراسات الاجتماعية إلى أن معظم الرجال يفضلون النساء الأقصر منهم قامة، بينما تميل النساء لتفضيل الرجال الأطول. وتعتقد بعض النساء أن الطول الزائد يقلل من فرص العثور على شريك، خاصة إذا كن أطول من الرجال.
ذكرت إحدى المريضات الأمريكيات التي خضعت للعملية في يوليو 2024 أنها قللت طولها من 172 سم إلى 167.9 سم، وتمكنت بعد أربعة أسابيع من استخدام العكازات والخضوع لعلاج طبيعي مكثف.
مخاطر وتحديات الجراحة
يحذر الخبراء الطبيون من المخاطر الجسيمة التي تنطوي عليها هذه العملية، والتي تشمل الألم الشديد، وفترة نقاهة طويلة، وتلف الأعصاب المحتمل، وضعف العضلات، وفقدان الوظائف الحركية، وتأخر التئام العظام. كما تتضمن المضاعفات المحتملة العدوى، وتخثر الدم، وفي حالات نادرة مضاعفات مهددة للحياة.
وتشترط العيادات أن يتراوح وزن المريضات بين 70 إلى 75 كيلوغراماً بسبب الحد الأقصى لوزن القضبان المعدنية المستخدمة. كما تتطلب العملية إقامة في المستشفى من 3 إلى 5 أيام، يعقبها استخدام كرسي متحرك أو مشاية لمدة شهر، مع العلاج الطبيعي المكثف 4 إلى 5 جلسات أسبوعياً لثلاثة أشهر.
اتجاه معاكس: تطويل القامة للرجال
في المقابل، تشهد تركيا إقبالاً متزايداً من الرجال على جراحات تطويل القامة، حيث تُجرى سنوياً آلاف العمليات للرجال الذين يسعون لزيادة طولهم. وتشير الإحصائيات إلى أن معدل نجاح عمليات تطويل الأطراف في تركيا يصل إلى 99.6%.
تتراوح تكلفة عمليات تطويل القامة في تركيا بين 15 ألف إلى 50 ألف دولار أمريكي، مما يجعلها أقل تكلفة بنسبة 90% مقارنة بالدول الغربية. ويقدر خبراء أن عيادة “وانا بي تولر” في إسطنبول ساعدت 450 مريضاً على زيادة طولهم خلال السنوات السبع الماضية.
السياق الاجتماعي والثقافي
تنظم القوانين التركية الزواج بشكل صارم، حيث يحدد السن القانوني للزواج بـ 18 عاماً، مع إمكانية الزواج في سن 16 عاماً بموافقة الوالدين وقرار محكمة. ويحظر القانون التركي تعدد الزوجات بشكل قاطع، ويمنع الزواج بين الأقارب من الدرجة الأولى والثانية.
تعكس هذه الظاهرة ضغوطاً اجتماعية متزايدة حول معايير الجمال والقبول في المجتمع، حيث تلجأ النساء إلى تقصير قامتهن والرجال إلى تطويلها، سعياً وراء تحقيق صورة جسدية تتماشى مع التوقعات المجتمعية والرغبة في العثور على شريك حياة مناسب.