أصدرت منصة نتفليكس إرشادات رسمية شاملة حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في عمليات الإنتاج، مما يمثل خطوة مهمة في تحديد معايير الصناعة للاستخدام المسؤول لهذه التكنولوجيا. المنصة الرائدة في بث المحتوى تؤكد أن الذكاء الاصطناعي مقبول للاستخدام في مراحل الإبداع المبكرة مثل لوحات المزاج والصور المرجعية، لكن أي استخدام أكثر تقدماً يتطلب موافقة كتابية.
5 مبادئ أساسية تحكم الاستخدام
تتمحور الإرشادات حول خمسة مبادئ توجيهية أساسية يجب على شركاء الإنتاج اتباعها. أولاً، يجب ألا تعيد المخرجات إنتاج أو تنتهك الأعمال المحمية بحقوق الطبع والنشر أو الخصائص المميزة التي لا تملكها الشركة. ثانياً، يُحظر على أدوات الذكاء الاصطناعي تخزين أو إعادة استخدام أو التدرب على بيانات الإنتاج الخاصة بنتفليكس .
ثالثاً، يجب تشغيل جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي في بيئات آمنة على مستوى المؤسسات كلما أمكن ذلك. رابعاً، يجب معاملة الأصول المُنتجة بالذكاء الاصطناعي كمواد مؤقتة واستبعادها من التسليمات النهائية ما لم تحصل على موافقة. خامساً وأهم المبادئ، لا يجوز استخدام الذكاء الاصطناعي لاستبدال أو إنتاج أداءات المواهب أو الأعمال المشمولة بالنقابات دون موافقة.
الحالات التي تتطلب موافقة كتابية إلزامية
تحدد نتفليكس عدة حالات تتطلب دائماً موافقة كتابية قبل المضي قدماً. تشمل هذه الحالات استخدام البيانات الشخصية أو المملوكة مثل النصوص غير المنشورة أو تفاصيل الطاقم، والتدريب على أصول المواهب الخارجية مثل أساليب الفنانين أو ملامح المشاهير، وإنتاج الشخصيات الرئيسية أو العناصر البصرية الأساسية أو الإعدادات الحاسمة للقصة.
كما يُحظر الرجوع إلى المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر أو المواد المُسيطر عليها من قبل التركات دون موافقة، وإنتاج النسخ الرقمية لوجوه أو أصوات أو أداءات الممثلين. حتى الاستخدام العرضي للذكاء الاصطناعي مثل ملصق في الخلفية أو لافتة في المشهد يجب الإبلاغ عنه مبكراً، لأن المخاطر القانونية أو السمعية قد تنشأ إذا ظهر في المخرجات النهائية.
أمثلة توضيحية للحدود الحمراء
تقدم نتفليكس أمثلة واضحة للخطوط الحمراء في دليل القواعد. لا يمكن للذكاء الاصطناعي إنتاج دمية قاتل ثانوية لمسلسل “Squid Game” دون موافقة، لأنها حاسمة للقصة. كما أن نموذجاً مُدرباً على صورة “الفتاة الأفغانية” للمصور مكوري أو مصمماً لمحاكاة أنف ميريل ستريب سينتهك قوانين حقوق الطبع والنشر والمظهر.
تُعامل “تحسينات المواهب” بحذر خاص، حيث تتطلب النسخ الرقمية موافقة صريحة، وحتى التغييرات الروتينية مثل الدبلجة الصوتية أو التغييرات في التوقيت أو النبرة أو التنظيفات التجميلية يجب أن تلتزم بالمعايير الصارمة للصناعة. لا يمكن إعادة استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي المُدربة لتحسين الممثلين في إنتاجات أخرى دون موافقة.
مصفوفة حالات الاستخدام العملية
لجعل الإرشادات عملية، أصدرت نتفليكس “مصفوفة حالات الاستخدام” التي تصنف المستويات المختلفة للمخاطر. الاستخدامات منخفضة المخاطر تشمل الإبداع ولوحات المزاج والصور المرجعية. الاستخدامات التي تتطلب الحذر تشمل العناصر العرضية في الخلفية أو استخدام المواد المملوكة لنيتفليكس. أما الاستخدامات التي تتطلب المراجعة فتشمل إنتاج الشخصيات النهائية أو الأصوات الاصطناعية أو استخدام بيانات التدريب غير المملوكة.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحالية في نيتفليكس
كشفت نتفليكس عن استخدامها للذكاء الاصطناعي في عدة مشاريع بالفعل. في مسلسل الخيال العلمي “The Eternaut”، استُخدم الذكاء الاصطناعي لخفض تكاليف المؤثرات البصرية وإكمال مشهد انهيار مبنى في الأرجنتين. قال الرئيس التنفيذي المشارك تيد ساراندوس إن “الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة لا تصدق لمساعدة المبدعين على صنع أفلام ومسلسلات أفضل، وليس فقط أرخص”.
أضاف ساراندوس أن استخدام أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي مكنهم من “تحقيق نتائج مذهلة بسرعة ملحوظة؛ في الواقع، تم إكمال تسلسل المؤثرات البصرية هذا عشر مرات أسرع مما كان يمكن إكماله بأدوات وسير العمل التقليدية”.
الدوافع وراء وضع الإرشادات
تأتي هذه الإرشادات في أعقاب جدل كبير واجهته نتفليكس عام 2024 بسبب استخدام صور مُنتجة بالذكاء الاصطناعي في الوثائقي الجريمة الحقيقية “What Jennifer Did”. انتقد الكثيرون استخدام الصور الاصطناعية في صيغة وثائقية، حيث جادلوا بأن ذلك يقوض التزام الإنتاج بالحقيقة والأصالة، مثيراً أسئلة جدية حول الشفافية وثقة الجمهور.
كما تعكس الإرشادات مخاوف أثيرت خلال إضرابات هوليوود عام 2023، حيث أصبحت حماية المهنيين المبدعين من استبدال الذكاء الاصطناعي قضية محورية في مفاوضات العقود. بوضع المبدأ الخامس الذي يحظر صراحة استبدال العمل النقابي، تعترف نتفليكس بالمخاوف المشروعة للكتاب والممثلين وغيرهم من المهنيين المبدعين.
