تشهد ألمانيا نقاشًا حادًا حول قضية ترحيل اللاجئين السوريين، خاصة في ضوء تصاعد التصريحات السياسية حول انتهاء الحرب في سوريا وتغير الواقع الأمني في أجزاء من البلاد. وفي هذا السياق، تحدثت منصة “لنا” باللاجئ السوري عامر القضماني، الذي يعيش في ألمانيا منذ ما قبل سقوط نظام بشار الأسد، ليشرح تفاصيل الإجراءات التي يتعرض لها السوريون، وأسباب الترحيل أو البقاء، بناءً على تجربته الشخصية واطلاعه القانوني.
يقول عامر: “الترحيل في ألمانيا يبدأ عندما تقرر السلطات أن الشخص لم يعد لديه سبب للحماية، بحسب تقييم دائرة الهجرة أو القضاء. وأكثر الحالات المستهدفة بالترحيل هم من ارتكبوا جرائم جنائية أو اعتُبروا خطراً على المجتمع، إضافة لمن صدر بحقهم قرار رفض نهائي ولم يتقدّموا باستئناف قانوني فعال.”.

ويكمل : “هناك أسباب قانونية يمكن أن تمنع الترحيل، مثل وجود خطر على الحياة أو احتمال التعرض للتعذيب في سوريا، وهذا محمي بالقانون الدولي. إضافة لوجود عائلة من الدرجة الأولى مثل (زوج، زوجة، أطفال في المدارس) أو الاستقرار عائلي ما يجعل الترحيل معقدًا للغاية، ويُنظر إليه باعتباره انتهاكًا لحقوق الإنسان. أما الاندماج في المجتمع، فقد أصبح دليلاً مهمًا أمام القضاء، لكنه لا يعد ضمانة نهائية منع الترحيل إذا لم توجد أسباب حماية قوية أو حالة صحية موثقة تمنع الترحيل.”
يشير عامر إلى أن الأوضاع النفسية والصحية تلعب دوراً كبيراً، ويمنح القانون إجراء تأجيلاً مؤقتاً (Duldung) إذا أثبت المهاجر عدم إمكانية الحصول على العلاج في بلده الأصلي. أما عن “إطار الحماية الإنسانية”، فهذا يمنح الأشخاص حق الإقامة المؤقتة إذا كانت العودة غير آمنة أو غير ممكنة عمليًا.
العودة والبقاء
حول أسباب التفكير في العودة، يروي عامر بحسب روايات اللاجئين السوريين في المخيم الذي يعيش فيه أن: “البعض يشعر أن حياته وذكرياته وأصدقائه بقيت في سوريا، ويرى أن وجوده في ألمانيا مؤقت. إضافة لمشاكل الاندماج واللغة وصعوبة بناء مستقبل لذلك شجعت البعض على التفكير بالعودة، خاصة إن كان له أهل بدأوا في الاستقرار من جديد داخل سوريا. كما يجد بعض اللاجئين أن العلاقات الاجتماعية هناك أدفأ وأسهل مما هي في ألمانيا، ويعانون من الوحدة وصعوبة الاعتراف بالشهادات أو الحصول على عمل مناسب.”
فيما يؤكد البعض الآخر عن أسباب الرغبة في البقاء، حيث قال عامر ــ ومعه الغالبية العظمى ــ أن الخوف من الوضع الأمني في سوريا هو السبب الأول؛ فحتى إذا تغير الوضع السياسي، يبقى خطر الاعتقال والانتقام وتجنيد الشباب من القضايا الجدية. إضافة إلى كون العديد من اللاجئين من الأقليات التي تعرضت للاضطهاد ولا أشكال أمان واضحة لهم في سوريا، فضلاً عن أن حياة جديدة أُسست في ألمانيا من عمل ودراسة وأطفال في المدارس، أضحت عنصر توازن وأمل لمستقبل أفضل خاصة للأبناء. ويشير إلى أن الصدمات النفسية وذكريات الحرب تؤثر على قرار العودة لدى الكثيرين، إذ يخشى البعض مواجهة التجارب المؤلمة مرة أخرى.
التشجيع على العودة الطوعية
عمليات الترحيل ما تزال قيد الجدل في المشهد السياسي الألماني، حيث تتباين الآراء بين التصعيد الحكومي والدعوات الحقوقية لحماية مكتسبات اللاجئين. وبين الحق القانوني والواقع الإنساني المعقد تبقى حياة آلاف السوريين معلقة بين الخوف من العودة والأمل في الاستقرار والاندماج ضمن المجتمع الألماني.

دعا المستشار الألماني “فريدريش ميرتس” إلى إعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم، وإلى ترحيلهم إذا لزم الأمر، على اعتبار أنّ “الحرب الأهلية في سوريا انتهت”. وقال ميرتس “لم يعد هناك أي سبب لطلب اللجوء في ألمانيا”، معتبرا أنّه بات بالإمكان البدء بعمليات إعادة السوريين إلى بلادهم.
وخاصة بعد عدة حواث في الفترة الماضية التي أججت هذا الملف، وبحسب موقع “دويتشه فيله” الألماني، اعتبر وزير الخارجية الألمانية، يوهان فاديفول، الترحيل إلى سوريا أمرا مشكوكا فيه حاليا. لكن الحكومة تزيد بشكل أساسي الضغط على الأشخاص المطالبين بمغادرة البلاد وترحيلهم بغض النظر عن بلدهم الأصلي، فيما عارض الرئيس الألماني فرانك – فالتر شتاينماير فكرة إعادتهم لعدم توفر البنية التحتية لاستقبالهم.




