تخطط شركة آبل لإحداث ثورة جديدة في مجال الاتصال عبر الأقمار الصناعية، حيث تستهدف أن تجعل هذا النوع من الاتصال سلساً وسهلاً للمستخدمين بدرجة تقارب بساطته الاتصال بشبكات الواي فاي التقليدية. تشير تقارير رسمية صدرت خلال نوفمبر 2025، نقلاً عن وكالة بلومبرغ ومصادر تقنية متخصصة، إلى أن الشركة الأمريكية تعمل حالياً على تطوير مزايا وخدمات جديدة في أجهزة آيفون لتعزيز إمكانيات الاتصال بالأقمار الصناعية بشكل غير مسبوق، ليشمل خدمات مثل تطبيق الخرائط (Apple Maps)، وإرسال الصور عبر تطبيق الرسائل، وحتى الاستخدام داخل المباني دون الحاجة لتوجيه الهاتف نحو السماء.
تنطلق هذه المبادرة الطموحة من رغبة آبل في تزويد مستخدمي هواتفها بخدمات اتصال حيوية في المناطق التي لا تتوفر فيها تغطية لشبكات الهواتف المحمولة. وقد أكدت الشركة أنها تركز على دمج تقنية الاتصال الفضائي مع خدمات تقنية الجيل الخامس غير الأرضية (5G NTN)، ما سيتيح لمستخدمي آيفون الحصول على تغطية عالمية موسعة وفعالة حتى في أقصى المناطق النائية.
الشراكات التقنية تعد جزءاً محورياً في استراتيجية آبل الجديدة، إذ تستثمر الشركة بشكل مباشر في تحسين بنية شريكها التقني “جلوبال ستار” (Globalstar)، الذي يوفر البنية الأساسية الحالية للاتصال الفضائي في أجهزة آيفون، وذلك لضمان تطوير الخدمات وتوفيرها بالمواصفات العالية المطلوبة. كما ذكرت تقارير تقنية وجود مناقشات بين آبل وشركة “سبيس إكس” المالكة لشبكة “ستارلينك”، لدراسة فرص دمج خدمات الإنترنت الفضائي في هواتف آيفون المستقبلية، إلا أن مصادر رسمية أوضحت عدم وجود اتفاق رسمي حتى الآن في هذا الصدد.
وتؤكد المعلومات المتداولة أن آبل تطور واجهات برمجة تطبيقات (APIs) خاصة بالشبكات الفضائية، ما سيتيح للمطورين من شركات التطبيقات الأخرى دمج هذه التقنية في تطبيقاتهم لتوسيع دائرة الاستفادة منها. وتطمح الشركة بحسب المصادر ذاتها إلى جعل الاتصال الفضائي جزءاً أساسياً من كل التطبيقات والخدمات اليومية، دون الحاجة لأي إجراءات تقنية معقدة، بحيث تصبح عملية الاتصال بالقمر الصناعي تلقائية وسلسة كالاتصال بالواي فاي.
جدير بالذكر أيضاً، أن غالبية هذه المزايا ستتوافر مجاناً للمستخدمين في البداية، خاصة في خدمات الطوارئ والرسائل، بينما قد تطبق الشركة في المستقبل رسوم اشتراك مباشرة لبعض خيارات الاتصال الموسعة بالتعاون مع مزودي الخدمات الفضائية. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة ستمثل نقلة نوعية في عالم التقنيات الذكية، إذ تلغي عملياً الحدود الجغرافية وتُبقي المستخدم متصلاً بالعالم في كل الظروف.
وفي السياق ذاته، أفادت التقارير أن هذه الاستراتيجية تتطلب تحديثات كبيرة في الشبكات الأرضية والفضائية، مما يفسر الاستثمارات الكبيرة التي ضختها آبل في تطوير منظومة “جلوبال ستار” وتجهيز البنية التحتية لدعم الاتصال بالأقمار الصناعية في الإصدارات الجديدة من هواتف آيفون.
يُذكر أن خدمات الاتصال عبر الأقمار الصناعية ظهرت لأول مرة في هواتف آيفون 14 عام 2022، حيث اقتصرت حينها على خدمات الطوارئ فقط، ثم توسعت تدريجياً لتشمل مشاركة الموقع وبعض الرسائل الأساسية في حالات الطوارئ. واليوم تستعد آبل للانتقال بهذه التجربة إلى مجالات أوسع، في ظل تحولات كبرى في قطاع الاتصالات الذكية حول العالمل العالم.




