قبل ساعات قليلة من انطلاق الحفلين اللذين يحييهما الفنان هاني شاكر والمطرب خالد سليم في العاصمة الكويتية احتفاءً بروائع العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، اندلعت أزمة قانونية مفاجئة ألقت بظلالها على الأجواء الفنية التي سبقت الفعالية.
فعلى الرغم من حملة الدعاية الواسعة التي سبقت الحدث، وتفاعل الجمهور الكبير مع الإعلان عن ليلة طربية تستعيد العصر الذهبي للأغنية العربية، جاءت تحركات أسرة عبدالحليم حافظ لتضع الشركة المنظمة في موقف صعب.
وكان الحفل قد حقق حضوراً لافتاً على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، بعدما حرص هاني شاكر على الترويج المكثف عبر حساباته الرسمية، داعيًا جمهوره إلى “رحلة مع روائع حليم” تتضمن نخبة من أشهر الأغاني، بينها سواح وزي الهوى وقارئة الفنجان وعلى حسب وداد قلبي. كما انتشرت ملصقات الإعلان في منصات رقمية متعددة، مرفقة بتأكيدات من الشركة المنظمة على أن الليلة تحمل طابعًا استثنائيًا داخل مسرح مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي.
لكن بياناً صدر عن مكتب المستشار القانوني ياسر قنطوش، الممثل القانوني لأسرة الفنان الراحل عبدالحليم حافظ، قلب المشهد رأساً على عقب، فقد أكدت الأسرة أنها فوجئت باستخدام اسم وصورة العندليب في الترويج لحفلين إضافيين من تنظيم شركة “ليلة العمر” خلال يومي 19 و21 ديسمبر 2025، من دون أن تحصل الشركة على أي موافقة مسبقة من الورثة.
وأوضح قنطوش أن الاتفاق الذي أبرمته الشركة مع هاني شاكر وخالد سليم لا يمنحها حق استغلال اسم الفنان الراحل في أي مواد دعائية، مشيراً إلى أن الأسرة لم توقّع أي عقود أو تصاريح تتعلق باستخدام صورة أو اسم عبد الحليم حافظ.
واعتبر البيان أن استخدام الاسم في الحملات الترويجية، بما في ذلك الإعلانات عبر البريد الإلكتروني والاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يُعد تعدياً صريحاً على الحقوق الفكرية والملكية الخاصة بالفنان الراحل.
وأشار قنطوش في بيانه إلى أن الأسرة بدأت بالفعل اتخاذ خطوات قانونية رسمية، شملت مخاطبة وزير الإعلام والثقافة الكويتي، ورئيس دار الأوبرا، والنائب العام، للمطالبة بوقف الحفلات المخالفة لحين تسوية حقوق الورثة، موضحاً أن محامي الأسرة في الكويت، ناصر الصليلي، سيقدم طلباً عاجلًا لوقف الفعالية وإحالتها للتحقيق القانوني لحسم مسألة الملكية الفكرية.
ورغم أن الأزمة تتعلق بحفلات لاحقة أعلنت عنها الشركة، إلا أن توقيتها قبل ساعات من حفل هاني شاكر وخالد سليم أثار تساؤلات حول مدى تأثيرها على أجواء الاحتفال وعلى المهرجان نفسه، خصوصاً أن الدعاية التي سبقت الحدث اعتمدت بصورة واضحة على الإرث الفني للعندليب الراحل.
يحتل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ مكانة فريدة في تاريخ الموسيقى العربية، إذ استطاع بصوته العاطفي الدافئ وحضوره الاستثنائي أن يصوغ ذاكرة فنية خالدة ما زالت تتردد في وجدان الجمهور رغم مرور عقود على رحيله، ولّد حليم مدرسة خاصة في الغناء تقوم على الإحساس والصدق وتفاصيل الأداء الحي، فكانت أغانيه أشبه بيوميات عاطفية شكّلت وجدان الملايين. ورغم أن الزمن تغيّر وتطورت الموسيقى العربية.
ورغم الخلود الذي يتمتع به إرث عبدالحليم حافظ، إلا أن أسرته تجد نفسها في معارك مستمرة لحماية اسمه وصورته من الاستغلال غير المشروع. فعلى مدار السنوات الماضية، خاض الورثة مواجهات قانونية متعددة ضد شركات ومنتجين وجهات فنية حاولت استخدام اسم العندليب أو شخصيته أو صورته في حفلات، أو حملات دعائية، أو مشروعات رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، دون الحصول على موافقة مسبقة.
وتؤكد الأسرة أن هذه المعارك ليست دفاعاً عن حقوق ملكية فحسب، بل صون لتراث فنان قدّم حياته للفن العربي، وأن أي استخدام غير منضبط لاسمه يُعد انتقاصاً من القيمة العاطفية والتاريخية التي يمثلها عبدالحليم للأمة العربية.





