أُغلق متحف اللوفر في باريس، الأكثر زيارة في العالم، أمام الجمهور بعد دخول مئات الموظفين في إضراب مفتوح قابل للتجديد، ما تسبب في شلل كامل لحركة الدخول ومنع آلاف السياح من زيارة المتحف في واحدة من أكثر الفترات ازدحامًا قبل أعياد الميلاد. واصطف الزوار أمام هرم اللوفر الزجاجي ليبلغهم عناصر الأمن بأن المتحف مغلق بسبب الإضراب، فيما رفع العاملون لافتات تؤكد أن تحركهم يستهدف «الدفاع عن شروط عمل لائقة» ورفض «تدهور ظروف الاستقبال والأمن داخل المتحف».
من يقود الإضراب ولماذا الآن؟
أعلنت ثلاثة نقابات رئيسية تمثل عمال اللوفر، هي الكونفدرالية العامة للعمل (CGT) والاتحاد الديموقراطي الفرنسي للعمل (CFDT) ونقابة «سود»، أن نحو 400 موظف صوّتوا بالإجماع في جمعية عامة على إضراب مفتوح يبدأ من 15 ديسمبر ويُجدّد يومًا بيوم حتى تلبية المطالب. وتقول النقابات إن قرار الإضراب جاء بعد «سنوات من تدهور ظروف العمل» وتفاقم الضغط اليومي الناتج عن الاكتظاظ ونقص عدد الموظفين، إضافة إلى الشعور بأن الإدارة تتجاهل تحذيراتهم المتكررة بشأن الأمن والصيانة.
يشدد ممثلو العمال على ثلاثة محاور أساسية في مطالبهم: زيادة الأجور بما يتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة، وتوظيف مزيد من العاملين لمواجهة الازدحام القياسي، واتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز الأمن وصيانة البنية التحتية للمتحف. كما تعترض النقابات على خطة إدارة اللوفر لرفع أسعار التذاكر لزوار الدول من خارج الاتحاد الأوروبي بنحو 45% اعتبارًا من يناير، معتبرة أن القرار «تمييزـي» ويستغل شعبية المتحف لزيادة الإيرادات بدل معالجة أوجه الخلل في التنظيم والموارد البشرية.
يأتي الإضراب في سياق عام صعب على اللوفر شهد في أكتوبر عملية سرقة «هوليوودية» لمجوهرات وتيجان ملكية تقدّر قيمتها بنحو 88 إلى 102 مليون يورو، ما فجّر انتقادات حادة لمنظومة الأمن والإدارة. وبعد أسابيع فقط، اضطر المتحف إلى إغلاق إحدى القاعات بسبب عيوب هيكلية، كما أدى تسرّب مياه إلى إتلاف مئات الكتب والوثائق النادرة في مكتبة الأبحاث، وهي حوادث تقول النقابات إنها «أجراس إنذار» على إهمال الاستثمارات الضرورية في الصيانة والأمن.
أثر الإضراب على الزوار والسياحة
بحسب تقارير إعلامية أوروبية، يُحرم ما يقارب 30 ألف زائر يوميًا من دخول اللوفر خلال فترات الإغلاق، في وقت ترتفع فيه حركة السياحة إلى باريس قبل أعياد الميلاد، ما يربك برامج شركات السياحة ويجبر الكثير من المجموعات المنظمة على تعديل جداولها في اللحظات الأخيرة. وتُحذّر تقارير متخصصة في السفر من أن استمرار الإضراب قد ينعكس سلبًا على صورة باريس الثقافية خلال موسم حيوي، كما قد يفتح نقاشًا أوسع حول قدرة أبرز المتاحف العالمية على التوفيق بين العوائد المالية وحقوق العاملين وجودة تجربة الزوار.




