أعلنت الحكومة المصرية عبر وزارة التخطيط وعدد من الجهات الرسمية عن حزمة من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تعكس استمرار تعافي الاقتصاد في عام 2025، وتؤكد قدرة الدولة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية عبر مزيج من الإصلاحات المالية والنقدية، وبرامج دعم الاستثمار والإنتاج.
نمو مستدام وتحسّن في المؤشرات الكلية
بحسب البيانات الحكومية، ارتفع معدل الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.4% خلال العام المالي 2024/2025 مقارنة بـ2.4% في العام السابق، مدفوعًا بنشاط قطاعات الصناعة التحويلية، الاتصالات، والسياحة. كما ارتفع معدل النمو في الربع الرابع وحده إلى 5%، وهو الأعلى منذ عدة سنوات، ما يعكس مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على التعافي السريع.
كذلك، ارتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي ليسجل 49.2 مليار دولار، وهو أعلى مستوى تاريخي، ما يمنح الاقتصاد هامش أمان قوي أمام تقلبات الأسواق العالمية. وحققت تحويلات المصريين بالخارج قفزة غير مسبوقة بلغت 66.2%، الأمر الذي ساعد في تعزيز السيولة الدولارية ودعم استقرار سعر الصرف.
نمو الصادرات وطفرة في السياحة
أظهرت البيانات ارتفاع الصادرات المصرية غير البترولية بنسبة 13.7% على أساس سنوي، نتيجة توسع الأسواق التصديرية وزيادة تنافسية المنتج المصري، لا سيما في مجالات الصناعات الغذائية والكيماوية ومواد البناء.
في المقابل، شهد قطاع السياحة طفرة حقيقية، حيث ارتفعت الإيرادات السياحية بنسبة 14.5% لتصل إلى 12.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي، بينما زاد عدد السياح بنسبة 25% عن العام الماضي، مدعومًا بتحسين البنية التحتية السياحية والتوسع في حملات الترويج الدولية.
الاستثمارات والإيرادات الضريبية
استقطبت مصر استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 46.1 مليار دولار، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين في الاقتصاد المحلي والإصلاحات التشريعية التي سهّلت إجراءات الاستثمار. كما أعلنت وزارة المالية تحقيق أعلى فائض أولي في تاريخ الموازنة بقيمة 629.2 مليار جنيه، بالتوازي مع نمو الإيرادات الضريبية بنسبة 35%، ما يشير إلى تحسن كفاءة النظام الضريبي.
تراجع التضخم وتوقعات مستقبلية
على صعيد الأسعار، تراجعت معدلات التضخم السنوي إلى 12% في أغسطس 2025، مقارنة بـ20% في نفس الفترة من العام السابق، مدفوعة باستقرار أسعار السلع الأساسية وانخفاض تكاليف النقل والطاقة.
وفي هذا السياق، توقعت تقارير صندوق النقد الدولي أن يواصل الاقتصاد المصري مساره التصاعدي، مدعومًا ببرامج الإصلاح، وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي، وتقليل الواردات، إلى جانب توسع الدولة في المشروعات القومية الكبرى مثل قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية، ومحطات الطاقة المتجددة.
رؤية استراتيجية
أكدت الحكومة أن هذه المؤشرات ليست مجرد أرقام، بل تمثل خريطة طريق نحو اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة، حيث تركز السياسات الاقتصادية الجديدة على:
- دعم القطاعات الإنتاجية والصناعية.
- تشجيع الصادرات عالية القيمة المضافة.
- جذب الاستثمارات في مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.
- تعزيز دور السياحة كمحرك رئيسي للنمو.
وبينما لا تزال التحديات قائمة نتيجة الأوضاع الإقليمية والتقلبات في الأسواق العالمية، إلا أن المؤشرات المعلنة تؤكد أن مصر تتحرك بخطوات ثابتة نحو تعزيز مكانتها الاقتصادية إقليميًا ودوليًا، وتحقيق معدلات نمو مستدامة تعود بالنفع المباشر على المواطنين.