لم يعد تعريف المسكن يقتصر على كونه جدراناً وأسقفاً، بل تحوّل إلى منظومة متكاملة من التجارب والخدمات التي تشكّل مجتمعةً ما يُعرف بأسلوب الحياة. في قلب هذا التحول، شركة “إعمار العقارية“، التي تأسست في دبي عام 1997، كفاعل رئيسي لم يكتفِ بتغيير الأفق العمراني للمدينة، بل أعاد تعريف مفهوم التطوير العقاري ذاته.
يتجاوز نموذج عمل الشركة حدود البناء التقليدي ليصنع “وجهات” متكاملة، حيث لا يتم بيع وحدات سكنية، بل يتم تقديم نمط معيشي مدروس بعناية. يستند هذا النهج إلى استراتيجية واضحة ترتكز على إنشاء مجمعات مخططة بالكامل، وهي فكرة كانت إعمار رائدة في تطبيقها على نطاق واسع في المنطقة.

يكمن جوهر هذا النموذج في مبدأ الاكتفاء الذاتي للمجمّع السكني. فبدلاً من تطوير أبنية سكنية معزولة، عملت إعمار على تصميم أحياء توفر للسكان كل ما يحتاجون على بعد خطوات قليلة سيراً على الأقدام. تشمل هذه المكونات، إلى جانب الوحدات السكنية المتنوعة، مرافق أساسية مثل المدارس، ومراكز الرعاية الصحية، ومتاجر التجزئة، والمساحات المكتبية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الخيارات الترفيهية والاجتماعية. يتجلى هذا المفهوم بوضوح في مشاريع أيقونية مثل وسط مدينة دبي، الذي لا يضم فقط برج خليفة ودبي مول، بل يجمع بشكل متناغم بين الأبراج السكنية والفنادق والمكاتب والحدائق والمساحات العامة، لينشئ بيئة حضرية حيوية ومتكاملة. وبالمثل، حوّل مشروع مرسى دبي (دبي مارينا) مساحة ساحلية واسعة إلى مجمّع نابض بالحياة على الواجهة المائية، يضم مرسى اصطناعياً تحيط به الأبراج السكنية والمطاعم والمتاجر وممشى حيوي، مما يوفر أسلوب حياة فريداً يمزج بين السكن الحضري والترفيه الساحلي.
إن التركيز على التجربة بدلاً من العقار هو ما يميز استراتيجية إعمار. ففي مجمّعات مثل المرابع العربية، تم تصميم بيئة هادئة ذات طابع صحراوي تستهدف العائلات الباحثة عن السكينة والرحابة. يشتمل هذا المجمّع على فلل واسعة، وملعب غولف، ونادٍ للبولو والفروسية، ومسارات للمشي وركوب الدراجات، وحدائق ومناطق لعب للأطفال، ما يولّد شعوراً بالانتماء إلى مجمّع صغير ومترابط. هذا التنوع في العروض يسمح للشركة باستهداف شرائح مختلفة من السكان، بدءاً من الموظفين الشباب في وسط مدينة دبي، وصولاً إلى العائلات الكبيرة في دبي هيلز استيت، المعروف بقلب دبي الأخضر نظراً لمساحاته الخضراء الشاسعة وحديقته المركزية.
تمتد هذه الفلسفة لتشمل أحدث مشاريع الشركة، التي تعكس فهماً عميقاً للتوجهات المستقبلية في السكن الحضري. فمشاريع مثل “إعمار بيتشفرونت” تقدم نمط حياة ساحلياً حصرياً على جزيرة خاصة، مع شاطئ خاص ومرافق تشبه المنتجعات، وإطلالات مباشرة على البحر. بينما تم تصميم مشاريع أخرى مثل “ذا فالي” لتكون أولى المدن المكتفية ذاتياً في دبي، مع تركيز خاص على تعزيز التفاعل الاجتماعي والتماسك المجمّعي من خلال بنية تحتية مدروسة ومرافق مشتركة متنوعة.

إن إدارة هذه المجمّعات بعد تسليمها تلعب دوراً محورياً في الحفاظ على جودة أسلوب الحياة الذي وُعد به السكان. تتولى فرق متخصصة تابعة لإعمار إدارة المجمّعات، ما يضمن صيانة المرافق والمساحات الخضراء وتوفير الخدمات بشكل مستمر. ويساهم هذا النموذج المتكامل، الذي يجمع بين التطوير والإدارة، في الحفاظ على قيمة العقارات على المدى الطويل ويعزز من تجربة السكان اليومية.
في المحصلة، نجحت إعمار في تحويل منتجها من مجرد عقار إلى أسلوب حياة متكامل. لقد أدركت الشركة مبكراً أن القيمة الحقيقية لا تكمن في الخرسانة والزجاج، بل في البيئة المشيدة حولهما. من خلال استراتيجية المجمّعات المتكاملة، والتركيز على تنوع الخيارات لتناسب مختلف الشرائح، والالتزام المتنامي بالاستدامة، وتقديم خدمات إدارة ما بعد البيع، أرست إعمار نموذجاً فريداً في السوق العقارية، جعل من اسمها مرادفاً للجودة المعمارية، بل وركيزة لتجربة معيشية شاملة ترتقي بتوقعات السكان وتعيد تعريف مفهوم السكن العصري.