أصدرت السلطات المصرية القانون رقم 164 لسنة 2025 الذي يقضي بإلغاء نظام “الإيجار القديم” تدريجيًا، وهو الإطار القانوني الذي كان ينظم العلاقة بين الملاّك والمستأجرين منذ عقود، مما أثار موجة من المخاوف والاستياء بين قطاعات واسعة من المستأجرين تخوّفًا من الإخلاء أو فقدان المأوى.
بنود القانون الجديد وتفاصيل التطبيق
ينصّ القانون الجديد على إنهاء جميع عقود الإيجار القديمة بنهاية فترة انتقالية مدتها سبع سنوات للوحدات السكنية، وخمس سنوات للوحدات غير السكنية مثل المحلات والمكاتب، على أن يتم تطبيق زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية بنسبة 15% سنويًا خلال هذه المرحلة. ويخضع العقار بعد نهاية الفترة الانتقالية لقواعد السوق الحر وأحكام القانون المدني، ما يمنح المالك الحق الكامل في استعادة وحدته أو التفاوض مع المستأجر دون قيود قانونية سابقة.
وتم تحديد القيم الإيجارية الأدنى حسب تصنيف المناطق: ألف جنيه للمناطق المتميزة، 400 جنيه للمناطق المتوسطة، و250 جنيهًا للمناطق الاقتصادية. كما ينص القانون على تشكيل لجان رسمية لحصر الوحدات السكنية وتصنيفها خلال ستة أشهر من بدء التنفيذ، لضمان العدالة في التطبيق.
مخاوف المستأجرين وردود أفعال المجتمع
عبّر العديد من المستأجرين، خاصة من كبار السن وذوي الدخل المحدود، عن قلقهم من العجز عن دفع الإيجارات الجديدة أو التعرّض للإخلاء بعد انتهاء الفترة الانتقالية، خصوصًا مع غياب برامج دعم كافية أو بدائل سكنية في ظل غلاء أسعار السوق العقاري وارتفاع تكاليف المعيشة. وأكد مستأجرون مثل الحاجة صفاء البالغة 68 عامًا أنهم عاجزون عن تحمّل الإيجارات الجديدة، علمًا بأن أغلبهم يعتمد على معاشات متواضعة لا تكفي لتغطية كلفة السكن والحياة اليومية.
وتحذّر منظمات المجتمع المدني وخبراء في الشأن العمراني من أن تحرير السوق الإيجارية دون توفير ضمانات اجتماعية كافية قد يعرّض آلاف الأسر لمخاطر الإخلاء القسري، ويهدد النسيج الاجتماعي للأحياء بسبب تفاقم الفجوة الطبقية وزيادة الجهد المالي على محدودي الدخل.
الإجراءات الحمائية وخطط الدولة
رغم المخاوف، ينص القانون على حالات استثنائية تُمكّن بعض الفئات من الحصول على وحدات سكنية بديلة أو دعم مادي، مع إعطاء الأولوية لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. إلا أن الانتقادات مستمرة بشأن آليات التطبيق ومدى فاعلية الإجراءات الحكومية لضمان العدالة الاجتماعية وحقوق السكن في المدى القريب والمتوسط.
وقد وعدت الحكومة ومجلس النواب بمراقبة تطبيق القانون ورصد الحالات الاجتماعية المتضررة، مؤكدين أن الهدف هو تحقيق التوازن بين حقوق الملاّك والحفاظ على السلم المجتمعي، مشددين على أن أي إخلاء سيتم فقط وفق الأطر القانونية وبقرار من المحكمة لضمان عدم الإضرار بأي طرف.
خلفية تاريخية ودوافع القرار
منذ عشرات السنين، خضع سوق الإيجارات في مصر لقوانين شديدة الصرامة بشأن قيمة الإيجار وحقوق الورثة والامتداد القانوني للعقود، وهو ما أدى إلى تدني القيمة الإيجارية لعشرات الآلاف من الوحدات السكنية والتجارية، وأربك التوازن بين حقوق الملاّك واستقرار المستأجرين، خصوصًا مع تصاعد التضخم وغلاء الأسعار. ويأتي القانون في محاولة لحل أزمة تراكمية في قطاع الإسكان وإعادة تنظيم العلاقة الإيجارية بما يحفز الاستثمار العقاري ويحمي الحقوق التاريخية للطرفين.