اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي موجة جديدة من التحديات الفيروسية، حيث برز “تحدي الكعب العالي” المستوحى من النجمة نيكي ميناج كأحد أبرز الترندات على تطبيق تيك توك خلال الأسابيع الماضية. يعتمد التحدي على إعادة تمثيل الوضعية الشهيرة التي ظهرت بها ميناج في فيديو كليب أغنيتها “المدرسة الثانوية” عام 2013.
التحدي، الذي حمل هاشتاغ #nickiminajchallenge، جمع أكثر من 130 ألف فيديو على تطبيق تيك توك وحده. تتضمن المشاركة في التحدي ارتداء أحذية عالية الكعب والوقوف على قدم واحدة مع عبور الساق الأخرى، محاولة تقليد الوضعية التي ظهرت بها ميناج بجانب حمام السباحة في الفيديو الأصلي.
تطور التحدي من البساطة إلى المخاطرة الشديدة
بدأ التحدي في أبريل 2025 عندما نشر مستخدم تيك توك @1jacore محاولته الأولى لتقليد الوضعية. لكن ما بدأ كمحاولة بسيطة لإعادة تمثيل مشهد من فيديو موسيقي، تطور بسرعة إلى تحد أكثر خطورة، حيث بدأ المشاركون في التوازن على أدوات وأشياء مختلفة لزيادة صعوبة التحدي.
تنوعت الأدوات المستخدمة في التحدي بشكل مثير للقلق، فاستخدم البعض أوزان الرياضة، وعلب الطلاء، وحتى عبوات معجون الأسنان الصغيرة للوقوف عليها. سجلت مقاطع فيروسية تجاوزت مشاهداتها 61 مليون مشاهدة، منها فيديو لعاملة في صالون تقف على عبوتين من طلاء الأظافر.
نيكي ميناج تدخل على الخط مع تحذيرات من المخاطر
انضمت النجمة نيكي ميناج شخصياً إلى التحدي في 5 أغسطس 2025، عندما نشرت فيديو لها وهي تحاول إعادة تمثيل الوضعية بفستان شانيل أسود قصير. إلا أنها واجهت مشكلة في الملابس، حيث كتبت في التعليق: “فستان شانيل هذا كان أقصر مما ظننت، والملابس الداخلية لم تساعد بالتأكيد. لم أرد أن أجعله فاضحاً”.
أكدت ميناج في منشورها على أهمية إبقاء القدمين على الأرض، قائلة: “كلا القدمين على الأرض. عشرة أصابع قدم. سأرتدي ملابس مختلفة لا تظهر الكثير من الجلد وأفعلها مرة أخرى لكم لاحقاً”. وفعلاً نشرت ميناج فيديو ثان في 8 أغسطس بملابس أكثر تحفظاً، حيث ارتدت بدلة شبكية وأحذية عالية أكثر سمكاً.
مشاركات نجمات مشهورات تضفي زخماً على التحدي
شهد التحدي مشاركة واسعة من النجمات والمشاهير، حيث انضمت المغنية سيارا إلى التحدي بطريقتها الخاصة، حيث وقفت على مجموعة من أوزان الرياضة وهي تحمل زجاجة من مشروب الروم. كما شاركت النجمة ويتني كارسون، راقصة برنامج “الرقص مع النجوم”، في التحدي بوضع قدمها على كأس الكرة المرآوية الشهيرة من البرنامج.
من بين النجمات الأخريات اللواتي شاركن في التحدي جينا بوش هاغر التي وقفت على مجموعة من الكتب، وبورشا ويليامز من برنامج “ربات البيوت الحقيقيات في أتلانتا”، وأنجيلا سيمونز. كما شارك في التحدي نجوم ذكور مثل ويلي غايست وآلان بيرستن.
حادثة مروعة تسلط الضوء على مخاطر التحدي
سلطت حادثة مروعة الضوء على المخاطر الحقيقية لهذا التحدي، حيث تعرضت المؤثرة الروسية ماريانا باروتكينا (32 عاماً) لكسر في العمود الفقري أثناء محاولتها تنفيذ التحدي في مطبخها. الحادثة وقعت بعد ثمانية أسابيع فقط من ولادتها، عندما حاولت التوازن على عبوة حليب أطفال موضوعة فوق مقلاة مقلوبة على منضدة المطبخ.
انتشر فيديو سقوطها بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تظهر وهي تفقد توازنها وتسقط للخلف من على المنضدة. تم تشخيص إصابتها بـ”كسر ضغطي انثنائي في الفقرة الصدرية التاسعة”، وهي إصابة تتطلب ارتداء مشد للظهر لمدة ثلاثة أشهر.
رغم الإصابة الخطيرة، أظهرت باروتكينا موقفاً إيجابياً من الحادثة، حيث كتبت في منشورها: “المفارقة؟ القدر؟ أم مجرد الحياة التي تختبر قوتنا في أكثر اللحظات غير متوقعة؟”. وأضافت في منشور لاحق: “بفضل فيديو واحد لم يتم تصويره بنجاح، استيقظت كشخص مشهور. أكثر من 50 شخصاً أرسلوا لي الفيديو من منشورات مختلفة اليوم”.
تحذيرات طبية تصاعدت مع انتشار التحدي
أثار انتشار التحدي قلق الأطباء والمتخصصين الطبيين، حيث أصدر العديد منهم تحذيرات من المخاطر المحتملة. الدكتور جهاد أبو علي، جراح العظام في مستشفى مايكل غارون في تورنتو، حذر من أن التحدي يضع الشخص في وضعية مفرطة الانثناء للركبة، مما يضع ضغطاً كبيراً على المفاصل والغضاريف.
وأوضح الدكتور أبو علي أن السقوط أثناء هذا التحدي قد يؤدي إلى تمزق في الغضروف الهلالي أو إصابة في الرباط الصليبي الأمامي، وفي حالات أخرى قد يؤدي إلى إصابات في العمود الفقري. وأشار إلى أنه يرى مريضاً واحداً أسبوعياً تقريباً أصيب بسبب محاولة تقليد تحد من وسائل التواصل الاجتماعي.
وضعت منصة تيك توك قيوداً عمرية على بعض مقاطع الفيديو المتعلقة بتحدي نيكي ميناج بسبب خطورتها، مع تحذير ينص على: “قد لا تكون هذه المشاركة مريحة لبعض الجماهير”. ونصحت الدكتورة مولي غاغنون، أخصائية العلاج الطبيعي في مستشفى الجراحة الخاصة في نابلس، بالتدرج في التدريب قبل محاولة التحدي.
تأثيرات اجتماعية وثقافية واسعة النطاق
تجاوز تأثير التحدي المستوى الفردي ليصبح ظاهرة اجتماعية وثقافية واسعة، حيث أظهر قوة وسائل التواصل الاجتماعي في إحياء المحتوى القديم وتحويله إلى اتجاهات جديدة. فالمشهد الذي استمر ثانيتين فقط في فيديو كليب عام 2013 أصبح أساساً لتحد فيروسي يشارك فيه ملايين الأشخاص حول العالم.
كما أثار التحدي نقاشات حول المسؤولية المشتركة بين منصات التواصل الاجتماعي والمستخدمين والمؤثرين في منع السلوكيات التي تعرض الشباب للخطر. وسلطت حادثة المؤثرة الروسية الضوء على الحاجة الملحة لوضع بروتوكولات أمان أوضح للتحديات الفيروسية.
يستمر التحدي في الانتشار رغم التحذيرات الطبية، مما يثير تساؤلات حول التوازن بين الترفيه والأمان في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، وحول دور المشاهير والمؤثرين في توجيه سلوك متابعيهم نحو ممارسات أكثر أماناً.