قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، يوم الأربعاء 16 سبتمبر 2025، بقبول دعوى إلغاء الترخيص الممنوح لحفل مغني الراب الأمريكي ترافيس سكوت المقرر إقامته 15 أكتوبر المقبل أمام الأهرامات بمحافظة الجيزة. ويعد هذا الإلغاء الثاني منذ محاولة الفنان إقامة الحفل الأولى في يوليو 2023، والتي ألغتها نقابة المهن الموسيقية لاعتبارات ثقافية وأمنية.
خلفية الدعوى القضائية
رفع المحامي المصري عصام رفعت الدعوى رقم 74942 لسنة 79 قضائية، مستنداً إلى مخالفة شروط تنظيم الحفلات وقوانين حماية التراث الوطني. وجّه رفعت الدعوى ضد وزير الثقافة ومحافظ الجيزة ووزير الآثار، مطالباً بوقف الترخيص الممنوح لإقامة الحفل. وأوضح أن إجراءات الحصول على تراخيص الحفل لم تُستوفِ كامل الموافقات المطلوبة من الجهات المعنية، لا سيما وزارة الآثار التي رأت في إقامة حفلة راب قرب الأهرامات إهانة للتراث التاريخي المصري.
أسباب الحظر والقلق الشعبي
استند قرار الدعوى إلى مزاعم بأن عروض سكوت تتضمّن «طقوساً غريبة» وممارسات متعارضة مع التعاليم الإسلامية والعادات المصرية. وأثار تداول صور ومقاطع فيديو لمؤثرات ضوئية وصور رمزية في حفلاته جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها بعض المستخدمين «طقوساً شيطانية» و«ممارسات مسيئة للثقافة المصرية».
كما شكّل حادث Astroworld الذي أودى بحياة عشرة أشخاص عام 2021 في الولايات المتحدة، دافعاً للخوف من تكرار أزمة أمنية مماثلة خلال الحفل، ما عزّز موقف المعارضين ومنظّمي الدعوى أمام القضاء.
الإلغاء السابق في يوليو 2023
سبق أن ألغت نقابة المهن الموسيقية في مصر ترخيص الحفل الأول المخطط لإقامته في 28 يوليو 2023 أمام أهرامات الجيزة. وعللت النقابة حينها قرارها بأن عروض سكوت تنتهك «القيم والموروث الثقافي المصري»، وذكرت ضرورة احترام الهوية الوطنية وضمان سلامة الجمهور. وأكدت شركة Live Nation أن «مشاكل إنتاجية معقدة» منعت إقامة الحفل، وقدمت اعتذارها للجمهور وتعهدت برد قيمة التذاكر.
ردود الأفعال الرسمية والشعبية
أثار حكم القضاء الإداري ترحيباً من المحافظات الأثرية والجهات الرسمية التي رأت فيه حماية للتراث. وفي المقابل، شكّك بعض الفنانين والجمهور في تأثير القرار على السياحة الثقافية، معتبرين أن مصر بحاجة إلى فعاليات فنية عالمية دون المساس بالقيم.
كما دعا محامون مستقلون إلى توضيح معايير منح التراخيص في المستقبل، ومراعاة الأطر القانونية والأمنية والثقافية بوضوح للمحافظة على سمعة الصناعة الفنية في مصر.
تبعات الإلغاء واستحقاقات مستقبلية
يتعيّن على شركة Live Nation Middle East إعادة تنظيم مسار إحياء جولة سكوت العالمية، مع تمديد مواعيد قادمة بعيدة من الأهرامات. كما تشترط وزارة الآثار والجهات الحكومية عقد اجتماعات جديدة لمراجعة ضوابط إقامة الفعاليات الدولية في المواقع الأثرية.
يبقى مصير حفل الراب العالمي بمثابة اختبار لقدرة مصر على تنظيم فعاليات فنية كبرى، مع الحفاظ على القيم الثقافية والأمنية.
