الشاعرة اليمنية جمانة جمال تفرض حضورها بصمت في عالم الموسيقى العربية، حيث نجحت في كتابة وتلحين أعمال مؤثرة لكبار النجوم مثل كاظم الساهر وفضل شاكر وأصالة، لتُثبت أن الإبداع الحقيقي لا يحتاج إلى ضجيج إعلامي بقدر ما يحتاج إلى موهبة أصيلة ورسالة فنية عميقة.
النشأة والشرارة الأولى
نشأت جمانة جمال في عائلة مثقفة، حيث قضت طفولتها بين رفوف مكتبة والدها الغنية بالكتب والمراجع. وفاة والدتها المبكرة، عندما كانت في السابعة من عمرها، دفعتها إلى العزلة، فقضت وقتها في القراءة والاستماع إلى الموسيقى.
بدأت كتابة الشعر في سن الثانية عشرة بقصيدة مجاراة لقصيدة “مدرسة الحب” لنزار قباني، ومنها انطلقت شرارة موهبتها الأدبية. كتبت حينها:
“علمني حبك أن أكبر وأنا ما زلت صغيرة
لا أعرف ما معنى الشبان
لا أعرف غير أبي رجلاً
لا أدرك ما معنى الأحزان
علمني حبك ما المرآة وما الألوان”
انطلاقتها الفنية عبر “سفينة نوح”
دخلت جمانة المجال الفني عام 2020، حين اكتشفها الملحن السعودي ياسر بوعلي (الأمير نايف بن سلمان)، وقدمها في ألبوم “سفينة نوح” للفنان ناصر نايف، من خلال أغنيتي “ما في اليد حيلة” و”بين معدنه” من كلماتها وألحانها.
تعاونات مع أسماء لامعة
نجحت جمانة في التعاون مع نخبة من كبار الفنانين العرب، من أبرزهم عبدالله الرويشد الذي غنى من كلماتها وألحانها “كل ما قلت ارتويت”، ونوال الكويتية التي لحنت لها أغنية “على مهلك” من كلمات الشاعر خلف الخلف.
مع القيصر كاظم الساهر
مثّل التعاون مع كاظم الساهر نقطة تحول كبيرة، حين لحّنت له قصيدة “مررت بصدري” في ألبومه “كاظم.. مع الحب”. وقالت جمانة عن تجربتها معه: “القيصر كاظم الساهر يعلمك كيف تتصرف كفنان؛ فالساهر ليس نجماً غنائياً كبيراً وحسب، بل هو مجرة غنائية”.
بصمتها مع فضل شاكر
حققت جمانة إنجازاً لافتاً من خلال كتابتها وتلحينها لكامل ألبوم الفنان فضل شاكر الأخير. ومن أبرز الأغاني: “هوى الجنوب” التي حققت أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة خلال أيام، و”أحلى رسمة” التي تجاوزت 30 مليون مشاهدة. وصفها فضل شاكر بأنها “أمل الفن العربي”.
ألحانها لأصالة نصري
لحّنت جمانة لأصالة نصري أغنية “الكرسي” من كلمات الشاعر خلف الخلف، والتي صدرت في يوليو 2024 ضمن ألبوم “ثم أنا”.
خصوصية فنية وهوية مستقلة
تتميّز جمانة بقدرتها على الكتابة والتلحين بلهجات عربية متعددة، وتؤمن أن “اللهجة ليست نطقاً فقط، بل إيقاع وشحنة شعورية”، وأن “الموسيقى ليست ملحقاً للكلمة، بل رئتها الثانية”.
ريادة يمنية في مجال التلحين
تُعدّ جمانة أول فنانة يمنية تقتحم مجال التلحين العربي بهذا الزخم، وقد لحنت شارات درامية مثل شارة مسلسل “العالية” الذي عُرض على قناة يمن شباب وتلفزيون العربي 2.
فلسفة فنية ترفض الضجيج
تعتمد جمانة أسلوباً فنياً يركّز على الجوهر لا المظاهر، وتقول: “الفن يجب أن يُقدّم قبل أن يُعرف”، مؤكدة رفضها لتحويل الفن إلى استعراض شكلي وإعلامي.
أثر ثقافي يتجاوز الفن
ترى جمانة أن الموسيقى قادرة على مداواة الخسارات، خاصة في بلد مثل اليمن، وتؤمن بأن المجتمع العربي بات أكثر تقبلاً لموهبة المرأة. وهي تُعدّ اليوم صوتاً ملهماً للفنانات الشابات، يعبّر عن جوهر الإبداع العربي بهدوء وثقة وموهبة حقيقي
