أشعلت أزمة إيقاف الفنان اللبناني راغب علامة عن الغناء في مصر موجة تضامن واسعة النطاق من الوسط الفني العربي، تنوعت بين دعوات إعادة النظر في القرار وانتقادات لاذعة للنقابة المصرية. شهدت الساعات الـ48 الماضية تفاعلات مكثفة امتدت من القاهرة إلى بيروت، محورها الدفاع عن فنان عُرف بمسيرته الحافلة والنظيفة على مدى 35 عاماً.
رد فعل الوسط الفني على أزمة راغب علامة..
الإعلامية مفيدة شيحة
تصدرت الإعلامية مفيدة شيحة قائمة المدافعين عن راغب علامة، معتبرة أن إيقافه “إجراء لا تجد له تفسير”. قالت شيحة عبر برنامج “الستات” على قناة النهار: “راغب علامة نجم محبوب عند المصريين، وكأنه مصري مش لبناني.. هو فنان محترم، وما حصل في الحفل مش ذنبه”.
ووجهت اللوم للسيدات اللواتي يصعدن إلى المسرح، قائلة: “هو إيه حكايتنا يا ستات؟ إزاي إحنا بنطلع على المسرح بنرقص باللبس اللي إحنا شايفينه؟”. واعتبرت أن زاوية التصوير ظلمت راغب علامة، وأن المسؤولية تقع على منظمي الحفل.
الإعلامي خالد أبو بكر
وصف الإعلامي خالد أبو بكر الجدل المثار بأنه “تناقض مجتمعي”، متسائلاً: “ما الخطأ الذي ارتكبه راغب؟”. انتقد أبو بكر القرار ودعا لإعادة النظر فيه، معتبراً أن الفنان لا يتحمل مسؤولية تصرفات الجمهور.
الفنان صبري فواز
تفاعل الفنان صبري فواز بطريقة ساخرة، حيث نشر فيديو قديم للفنان تامر حسني وهو يهرب من معجبة حاولت تقبيله على المسرح. وعلق صبري قائلاً: “كما عوقب راغب يجب مكافأة تامر”، في إشارة ساخرة لازدواجية المعايير.
موقف النقيب مصطفى كامل
رغم صدور القرار، أظهر النقيب مصطفى كامل مرونة في التعامل مع الأزمة. أكد أن راغب علامة “أخي وصديق عمر على مدى 30 سنة، وهو فنان كبير”. وقال في حوار تلفزيوني: “لا أنكر أن الفنان راغب علامة أخي وحبيبي، لكن عندما يكون هناك سلوك غير منضبط لأي شخص لا بد من مراجعته”.
وأعرب كامل عن تقديره لسرعة تواصل راغب علامة معه، قائلاً: “أقدر سرعة اتصال الفنان الكبير راغب علامة لتوضيح الأمر وتأكيده على احترام مصر وشعبها”.
التضامن في الوسط الفني اللبناني
شهد لبنان حملة تضامن واسعة مع راغب علامة. كتب الإعلامي عادل سميا: “راغب علامة يُكرم ولا يُحاسب”، مضيفاً: “كثيرون رأوا أن ما حدث لا يتعدى كونه لحظة تلقائية من معجبة عبّرت عن محبتها لنجمها المفضل”.
انتقد الإعلامي مارك بخعازي قرار النقابة المصرية، مستشهداً بواقعة عمرو دياب الذي ضرب معجباً على المسرح، متسائلاً: “نقيب الموسيقيين بمصر منع راغب علامة يغني بمصر لأنو معجبة طلعت على المسرح باستو.. قال هاي مش أخلاق الفن المصري شو أخلاقكن بس عمرو دياب ضربو كف لمعجب نزلوا سنان عل الفرصة؟”.
كما أطلق ناشطون لبنانيون وسم “#كلنا_راغب” لدعم النجم، واعتبروه “سفيراً للفن اللبناني” لا يستحق هذه المعاملة.
رد الفنان راغب علامة
تعامل راغب علامة مع الأزمة بحكمة واحترافية عالية. اتصل بالنقيب مصطفى كامل فور صدور القرار، وأرسل له رسالة صوتية قال فيها: “أخي وحبيبي وصديق العمر النقيب مصطفى كامل، مصر هي بلدي الثاني، وسياحة مصر مسؤوليتنا كفنانين عرب”.
أقسم راغب في رسالته “بالله أن ما حدث من تصرف تلك الفتاة لم يكن بقصدي أو برغبة مني نهائياً، والصورة خادعة ولم تكن كما ظهرت”. وأكد أن ما حدث “نتيجة سوء تنظيم الصعود على المسرح”، متعهداً بالحضور لمقر النقابة في “بيته الثاني”.
في حوار مع “اليوم السابع”، قال راغب: “أنا شايف الموضوع خد أكبر من حجمه، وصراحة أنا لا أري أن تفاعل الجمهور مع المطربين يعد شيء مُشين أو مُعيب”. وأوضح أن “الصورة دائماً تكون خادعة، والزوايا دائما تظهر عكس الصورة”.
تصدر وسائل التواصل الاجتماعي
تصدر وسم “#راغب_علامة” قوائم الترند على منصة إكس لأكثر من 48 ساعة متواصلة. انقسمت التعليقات بين مؤيد ومعارض، لكن الغالبية العظمى أيدت الفنان اللبناني. إلا أننا لا ننسى أن هذا القرار ليس الأول من نوعه فقد سبق ومنع العديد من النجوم من قبل ولعل أحدثها صدر بالأمس من نقابة الموسيقيين بمصر.
كما أعيد تداول فيديوهات قديمة لفنانين آخرين في مواقف مشابهة، خاصة مقطع تامر حسني وهو يهرب من معجبة، مما أثار جدلاً حول ازدواجية المعايير.
الأبعاد الثقافية والاجتماعية
كشفت الأزمة عن تباين في الرؤى حول حدود التفاعل بين الفنانين والجمهور. فبينما رأى البعض أن ما حدث “تجاوز للعادات والتقاليد”، اعتبر آخرون أنه “لحظة عفوية طبيعية” لا تستحق هذا التضخيم.
أثارت القضية أسئلة حول مسؤولية الفنان تجاه تصرفات جمهوره، ودور منظمي الحفلات في ضبط التفاعل. كما سلطت الضوء على أهمية التنسيق بين النقابات العربية لوضع معايير موحدة للحفلات.
التحركات نحو الحل
تشير المؤشرات إلى اتجاه الطرفين نحو حل سريع للأزمة. أكد النقيب مصطفى كامل أن النقابة “منفتحة على إنهاء الأزمة إذا قُدِّمت إيضاحات مقنعة”. كما تعهد راغب علامة بزيارة النقابة لمقابلة “صديق عمره” في أقرب وقت.
من المتوقع أن تنتهي الأزمة خلال الأيام القادمة، خاصة في ظل التأييد الواسع الذي حظي به راغب علامة من الوسط الفني المصري واللبناني. النجم اللبناني الذي أحيا أكثر من 100 حفل في مصر على مدى 35 عاماً، يبدو أن علاقته بـ”بلده الثاني” ستستمر رغم هذه العاصفة المؤقتة.
الأزمة، في نهاية المطاف، فتحت نقاشاً مهماً حول ضوابط الحفلات الغنائية في العالم العربي، والتوازن المطلوب بين الحفاظ على القيم والتقاليد من جهة، والسماح بالتفاعل الطبيعي بين الفنانين وجمهورهم من جهة أخرى.