تعيش الفنانة تارا عماد حالة من النشاط السينمائي الملحوظ في الفترة الأخيرة، إذ تخوض عدة تجارب فنية متميزة، تحمل تنوعًا على صعيد الأدوار والمضامين، في إطار سعيها المستمر لكسر القوالب النمطية وتقديم شخصيات ذات طابع خاص. ومن بين هذه التجارب، يبرز فيلمها الجديد “درويش”، الذي يجمعها بالنجمين دينا الشربيني وعمرو يوسف، ومن إخراج وليد الحلفاوي، حيث تظهر تارا من خلاله بشخصية مختلفة على المستويين النفسي والشكلي، في عمل يُتوقع أن يترك بصمة مميزة على الساحة السينمائية.
تارا عماد.. نشاط فني متجدد وتنوع في الأدوار
تجسد تارا في الفيلم شخصية “كريمان”، وهي شخصية تنتمي إلى حقبة زمنية قديمة، تتمتع بوقار واتزان داخلي، وتتمحور ملامحها حول الهدوء والتماسك النفسي، في مقابل قرارات حياتية تتسم أحيانًا بالتسرع، وهو التناقض الذي حاولت تارا تقديمه بوعي درامي. وتشير إلى أن طبيعة هذه الشخصية المثيرة، والتي تحمل أبعادًا إنسانية حقيقية، كانت من أبرز العوامل التي دفعتها للموافقة على الدور فور عرضه عليها من قبل المخرج وليد الحلفاوي، حتى قبل قراءة النص الكامل، حيث شعرت منذ البداية بأنها أمام مشروع فني يستحق التفرغ والمجهود.
“درويش”: تجربة استثنائية تجمع النخبة
تصف تارا تجربتها في “درويش” بأنها واحدة من أكثر التجارب التي خاضتها نضجًا من حيث التحضير الفني. فقد تم عقد عدة جلسات عمل تحضيرية مع فريق العمل والمخرج، تم خلالها مناقشة الأدوار والمشاهد بشكل تفصيلي، وهو ما أسهم في تعزيز التفاهم بين فريق العمل وصقل تفاصيل الشخصيات. تؤكد أن تلك الجلسات الجماعية كانت بمثابة منصة لتبادل الأفكار، وأسهمت في بناء روح جماعية انعكست بوضوح على أجواء التصوير وأداء الممثلين.
ورغم أن العمل يدور في حقبة زمنية ماضية، إلا أن تارا ترى أن التفاصيل البصرية لم تكن عبئًا على الممثل بقدر ما كانت عاملاً مساعدًا في بناء الشخصية. فقد حرصت، قبل بدء التصوير، على مشاهدة أفلام مصرية قديمة تعود إلى الأربعينيات، من أجل تكوين خلفية ثقافية عن طبيعة تلك المرحلة، سواء على مستوى الأداء أو الشكل أو حتى طريقة الحديث والحركة. وتشير إلى أن الاهتمام بالتفاصيل ساعدها على استحضار روح تلك المرحلة وتجسيد كريمان بشكل أكثر واقعية.

أما من حيث المظهر الخارجي، فكان للشخصية بصمة واضحة انعكست على الشكل النهائي، لا سيما فيما يتعلق بطريقة تصفيف الشعر واختيار الأزياء. تؤكد تارا أنها عملت بشكل وثيق مع فريق التصميم والأزياء لاختيار ما يتناسب مع طبيعة الشخصية وزمنها، حيث لعبت الألوان والإكسسوارات دورًا كبيرًا في رسم صورة متكاملة عن “كريمان”. وتوضح أن تلك التحضيرات المسبقة ساعدتها على الانغماس في الشخصية حتى خلال اللحظات التي لم تكن فيها أمام الكاميرا.
من أبرز سمات “كريمان” في فيلم “درويش” أنها ليست فقط حاضرة في المشاهد، بل حاضرة بتأثيرها. وتارا ترى أن الأدوار المؤثرة هي ما تبحث عنه، حتى وإن لم تكن صاحبة المساحة الأكبر. فالتأثير في مسار الأحداث هو ما يمنح الشخصية قيمتها الحقيقية داخل البناء الدرامي، وهو ما وجدته في هذا الدور، الذي اعتبرته تجربة مختلفة، تطلبت منها تحضيرًا نفسيًا وفنيًا مكثفًا، وكان بمثابة تحدٍّ حقيقي لقدراتها التمثيلية.
تؤمن تارا عماد بأن التجديد هو السبيل الوحيد لاستمرار الفنان وتطوره، ولهذا فإنها تفضل دائمًا اختيار الأدوار التي تحمل أبعادًا جديدة أو تضعها في منطقة تمثيلية غير مألوفة بالنسبة لها. لا يشغلها حجم الإنتاج أو الميزانية، بقدر ما تهتم بنوعية العمل وفريقه. كما تؤكد أنها لا تمانع أبدًا في التعاون مع أي فنان أو فنانة، طالما أن العمل يحمل قيمة فنية ويمنحها فرصة لتقديم شيء مختلف. وتعتبر أن كل تجربة تشارك فيها تضيف إلى رصيدها المهني وتمنحها رؤى جديدة عن الأداء والتمثيل.
تحضيرات مكثفة وبناء جماعي للشخصيات
على مستوى كواليس التصوير، تصف تارا الأجواء بأنها كانت إيجابية ومحفزة للغاية. إذ اتسم فريق العمل، سواء من الممثلين أو الفنيين، بروح تعاون عالية، وكان الشغف بالمشروع حاضرًا في كل التفاصيل. وترى أن اللحظات التي كانت تجمع الفريق خارج أوقات التصوير، خاصة خلال فترات الراحة، ساهمت في تعزيز الروابط الإنسانية بين الجميع، ما انعكس إيجابًا على التفاهم في مواقع التصوير وسهّل من أداء المشاهد الصعبة.
تحدي جديد في “7Dogs” وقصة قص الشعر
من جانب آخر، تترقب تارا عرض فيلم آخر لها بعنوان ” 7Dogs “، والذي كان سببًا في اتخاذها خطوة جريئة وهي قص شعرها بشكل كامل، لتظهر لأول مرة بشعر قصير تمامًا، تنفيذًا لمتطلبات الشخصية التي تقدمها في العمل. وتؤكد أن هذا القرار لم يكن سهلاً، لكنه نابع من التزامها الكامل بمصداقية الأداء، وسعيها لتقديم صورة واقعية وحقيقية للشخصية. وتشير إلى أن هذا النوع من القرارات يعكس مدى استعدادها للتحوّل من أجل الدور، وهي ترى أن التغيير الخارجي أحيانًا يكون مدخلاً لفهم أعمق للشخصية.
وفي ظل تعدد المنصات السينمائية وتزايد فرص العرض، ترى تارا أن تقييم الأعمال لم يعد مرتبطًا فقط بشباك التذاكر، وإنما أيضًا بتفاعل الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي، وآراء المتابعين والنقاد. وتتابع تارا بشكل دائم ما يُكتب عن أعمالها، سواء على وسائل الإعلام أو عبر المنصات الرقمية، إذ تعتبر أن التفاعل الجماهيري بات جزءًا من تجربة العرض السينمائي. وترى أن الجمهور اليوم أكثر وعيًا وتنوعًا في تذوقه للأعمال، ما يدفعها إلى تحمل مسؤولية أكبر في اختيار أدوارها بعناية.