“فيلم الست”… مشروع سينمائي ضخم يعيد رسم صورة كوكب الشرق

فيلم “الست” عن أم كلثوم يثير جدلًا بفضل سرية إنتاجه وتحضير منى زكي المكثف، مع رهان كبير على نجاحه سينمائيًا وثقافيًا.

فريق التحرير
فريق التحرير
فيلم الست

ملخص المقال

إنتاج AI

يتناول فيلم "الست" سيرة أم كلثوم، ويحيط إنتاجه سرية تامة. الفيلم لا يقتصر على قصة نجاحها الفني، بل يغوص في صراعاتها كامرأة. وتجسد منى زكي دور أم كلثوم بعد تحضيرات دامت عامًا، والفيلم يعتبر اختبارًا للسينما المصرية وقدرتها على المنافسة دوليًا.

يعتبر فيلم “الست” من أكثر المشاريع السينمائية إثارة للجدل والاهتمام في السنوات الأخيرة، ليس فقط لأنه يتناول سيرة كوكب الشرق أم كلثوم، وإنما بسبب الطريقة غير المسبوقة التي جرى بها التعامل مع إنتاجه وتصويره.

فمنذ اللحظة الأولى كان هناك إصرار واضح من القائمين على الفيلم على فرض حالة من السرية التامة، لم يُكشف أي شيء عن تفاصيل السيناريو أو طبيعة الشخصيات، بل إن جميع الفنانين الذين شاركوا في العمل وقعوا عقودًا صارمة تمنعهم من الإدلاء بأي تصريحات أو الحديث عن طبيعة أدوارهم أو مشاركة أي صورة من مواقع التصوير. 

شخصية منى زكي في فيلم الست

حتى منى زكي، التي تجسد شخصية أم كلثوم، التزمت الصمت التام، وهو ما زاد من غموض الفيلم ورفع سقف التوقعات حوله إلى أقصى درجة، هذه السرية لم تكن مجرد تكتيك تسويقي، بل تعكس فلسفة الإنتاج التي أرادت حماية العمل من أي تسريبات أو اجتهادات صحفية قد تضر بالصورة النهائية للفيلم.

الفيلم لا يقتصر على كونه عملًا عن حياة مطربة عظيمة، بل هو قراءة سينمائية شاملة لمراحل حياة إنسانة استطاعت أن تتجاوز ظروف قريتها الفقيرة في دلتا النيل، وتتحول إلى رمز نسائي وثقافي وفني تجاوز حدود الموسيقى، التركيز في الفيلم لا ينحصر فقط على نجاح أم كلثوم الفني، بل يغوص في صراعاتها مع مجتمع كان يقيد المرأة ويفرض عليها قوالب محددة، واستطاعت هي أن تحطم هذه القوالب عبر موهبتها وإصرارها وذكائها.

هكذا أراد مروان حامد أن يروي الحكاية، ليس كقصة نجاح فني فقط، بل كرحلة إنسانية معقدة مليئة بالمخاوف والضعف والقوة والانتصار على الذات والمجتمع في آن واحد. ومن هنا جاءت اختيارات المخرج سواء في بناء السيناريو مع أحمد مراد، أو في تفاصيل الإعداد البصري من مكياج وملابس وديكور، لتخدم هذه الرؤية العميقة. 

منى زكي بدورها لم تتعامل مع الدور على أنه مجرد أداء لشخصية تاريخية، بل خاضت رحلة تحضير طويلة استمرت لعام كامل، شملت دروس غناء وتدريبات على الحركة واللهجة، وجلسات مكياج استغرقت ساعات طويلة كل يوم، في محاولة لتحقيق أعلى درجة من المصداقية في تجسيد مختلف مراحل حياة كوكب الشرق.

ما يزيد من أهمية الفيلم أنه يأتي بعد عشرين عامًا تقريبًا من تجربة منى زكي المثيرة للجدل حين قدمت شخصية سعاد حسني في مسلسل السندريلا، وهي التجربة التي لم تحقق النجاح المرجو حينها.

كثيرون يرون أن منى زكي تعتبر هذا الفيلم بمثابة رهان جديد لاستعادة ثقة الجمهور والنقاد في قدرتها على تقديم الشخصيات التاريخية. الفرق هنا أن العمل يأتي ضمن مشروع سينمائي ضخم بإنتاج غير مسبوق، وبتحضير فني ومعنوي استثنائي، وبدعم من صناع على أعلى مستوى من الخبرة والاحتراف.

ولذلك فإن المقارنة بين التجربتين ليست عادلة تمامًا، لأن الظروف والمعطيات مختلفة، ومن الواضح أن كل الأطراف المعنية بالفيلم حرصت على عدم تكرار أي أخطاء سابقة، سواء في الإعداد أو في اختيار التوقيت المناسب للعرض أو في أسلوب تقديم الشخصية.

من المثير أن الشركة المنتجة فضلت تأجيل عرض الفيلم، رغم أن الموعد الأصلي كان محددًا خلال الشهر الجاري، وذلك من أجل تقديمه في أفضل صورة تليق بقيمة العمل وضخامته الإنتاجية. بعض التقارير تشير إلى أن هناك خطة لعرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان سينمائي عالمي كبير قبل أن يطرح تجاريًا في صالات العرض العربية، وهو توجه يعكس الرغبة في تقديم العمل كتحفة سينمائية قادرة على المنافسة دوليًا، وليس مجرد فيلم تجاري. 

كما يجري التحضير لإطلاق الفيلم في مصر والسعودية من خلال فعاليات خاصة، تؤكد حجم الرهان عليه كأحد أهم مشاريع السينما العربية في السنوات الأخيرة. هذا الحرص يعكس قناعة بأن الفيلم لا يخص فقط صناع العمل، بل هو مشروع ثقافي يعبر عن مصر والمنطقة كلها، ويحمل رسالة فنية وإنسانية عابرة للحدود.

اللافت أن الاهتمام الجماهيري بالفيلم لم يتوقف منذ الإعلان عنه، بل تضاعف مع الكشف عن عرض 18 دقيقة منه خلال الدورة الماضية من مهرجان مراكش السينمائي. تلك المشاهد القليلة أظهرت للجمهور أن العمل مختلف في لغته البصرية وفي أسلوب معالجته للشخصية، 

فيلم “الست” ليس مجرد تجربة سينمائية عادية، بل هو اختبار حقيقي للسينما المصرية في قدرتها على تقديم أعمال كبيرة تنافس على الساحة الدولية. كما أنه اختبار لمنى زكي كممثلة تراهن على استعادة بريقها في تقديم الشخصيات التاريخية مع تألقها الدرامي والسينمائي بالسنوات الأخيرة.