تألقت سماء العاصمة السريلانكية كولومبو في الأيام الماضية بمئات الطائرات الورقية الملوّنة، ضمن فعاليات مهرجان كولومبو الدولي للطائرات الورقية لعام 2025، والذي اجتذب أنظار العالم وحول سماء المدينة إلى لوحة فنية تفيض بالحياة والإبداع. يُعد المهرجان من أبرز الفعاليات الثقافية في جنوب آسيا، حيث استضاف هواة الطائرات من أكثر من 25 دولة وجذب مئات المشاركين المحليين، ليؤكد مكانة كولومبو عاصمة للابتكار الفني والتنوع الثقافي في المنطقة.
مشهد فريد وألوان ساحرة
شهد المنتزه البحري الرئيسي “جالي فيس جرين” تجمع آلاف الزوار الذين احتشدوا لمتابعة عروض الطائرات الورقية، حيث تنافست مئات المجسمات الضخمة على التحليق: أفيال متراقصة، فهود مدهشة، دببة باندا، طيور ملونة وثعابين عملاقة. وقد تمازجت الألوان الزاهية والتصاميم الإبداعية مع زرقة السماء وموجات المحيط، لينعكس المشهد في صور وفيديوهات انتشرت عالميًا وعبّرت عن روح الطفولة والفرح والحلم الجماعي.
مشاركة دولية واسعة
جاء المشاركون من ألمانيا، هولندا، ماليزيا، إندونيسيا، فرنسا، أستراليا، الصين، تايلاند، كوريا الجنوبية، الهند، وسنغافورة وغيرهم، إضافة إلى أكثر من 500 هاوٍ سريلانكي. قدّم كل وفد أفكاره وألوانه الخاصة، من الطائرات التي تحاكي البيئة المحلية والفاونا الآسيوية إلى التصاميم الهندسية الحديثة والطائرات ثلاثية الأبعاد. لم تقتصر المنافسة على التحليق فحسب، بل ظهرت تصاميم تتحدى الجاذبية بأشكال لم تشهدها السماء من قبل.
ورش وعروض جانبية وتواصل ثقافي
لم يكن الحدث مجرد استعراض للطائرات، بل تخلله ورش عمل للأطفال والعائلات عن فنون صناعة الطائرات الورقية، ومحاضرات بيئية حول أهمية المحافظة على السماء والمساحات الخضراء، ومسابقات مجتمعية لأفضل تصميم وأعلى طيران وأكثر الطائرات ابتكارًا. جمعت الفعاليات بين التعليم والترفيه وعززت من حوار الثقافات، من خلال تعارف المشاركين وتبادل القصص والعادات وتبادل الطائرات ذات الرمزية الوطنية الخاصة لكل بلد.
طابع بيئي وحضور جماهيري
حرص المنظمون من مجلس السياحة السريلانكي وبلدية كولومبو على جعل المهرجان صديقًا للبيئة؛ فتم استخدام خامات قابلة للتحلل وفرض اشتراطات مشددة على المشاركين بعدم ترك أية مخلفات في المنتزه والشاطئ. وقد شكل الحدث فرصة لتنشيط السياحة، إذ زار آلاف السياح المدينة خصيصًا لهذه المناسبة، في وقت يسعى فيه قطاع السياحة السريلانكي للتعافي وتعزيز موقعه بعد سنوات من التحديات الاقتصادية والوبائية.
رسائل ورموز من السماء
مجسمات الطائرات العملاقة حملت رسائل بيئية وثقافية: مجسم الفيل رمزًا للحياة البرية الوطنية، الطيور تعبير عن الحرية والآمال المشتركة، بينما عبّرت لوحات السماء عن التناغم بين الشعوب. وتناقلت وكالات الأنباء ووسائل التواصل الاجتماعي مشاهد الطائرات ترفرف فوق رؤوس عائلات من مختلف الجنسيات والأديان، في صورة جسدت أن الحلم والجمال والفن لغة عالمية تجمع الجميع.
أصداء المهرجان ومستقبله
حظي المهرجان بتغطية إعلامية كثيفة واحتفاء نقدي كبير من خبراء الثقافة والسياحة والتنمية المستدامة. أجمع المتابعون على أن المهرجان صار تقليدًا سنويًا يعزز مكانة سريلانكا عالميًا كوجهة للسلام والإبداع وملتقى للثقافات من مختلف القارات. كما أعلنت اللجنة المنظمة عن خطط لتوسيع أنشطة المهرجان في العام المقبل، ليشمل معارض فنية، عروض موسيقية، ومبادرات تعليمية لطلاب المدارس لتعزيز مهارات الصناعة اليدوية والابتكار لدى الأجيال الناشئة.
كرست كولومبو عبر هذا الحدث الطائر حضورها كمركز عالمي للتلاقي الفني والثقافي، مؤكدة أن سماء سريلانكا قادرة على أن تلهم العالم وتوحده في مشهد يبقى في ذاكرة كل زائر. هكذا، تبقى مئات الطائرات الورقية الملونة شاهداً وطنيًا ودوليًا على قدرة الفنون البسيطة في صنع الفرح وتجاوز الحدود وتوحيد الإنسانية تحت أجنحة الأمل والألوان.




