يشهد الشاي الفوار نمواً عالمياً ملحوظاً بفضل فوائده الصحية ومذاقه الفريد، ما يجعله بديلاً واعداً في سوق المشروبات الخالية من الكحول. تُقدر قيمة السوق العالمية حالياً بنحو 474.1 مليون دولار، مع توقعات بالوصول إلى 661.8 مليون دولار بحلول عام 2030.
نشأة الشاي الفوار في المطاعم العالمية الراقية
بدأت قصة الشاي الفوار في عام 2009 عندما واجه خبير النبيذ يعقوب كوشيمبا تحدياً أثناء عمله في مطعم حائز على نجمة ميشلان في كوبنهاغن. لم يجد النبيذ المناسب لمرافقة حلوى الفراولة البرية، ما دفعه لابتكار مشروب يعتمد على الشاي.
نال هذا الابتكار استحسان رواد المطعم، ما شجّع كوشيمبا على إطلاق شركة “كوبنهاغن للشاي الفوار” في عام 2017 بالشراكة مع بو ستن هانسن. تم بيع أول زجاجة في مايو من نفس العام، ومنذ ذلك الحين شهدت الشركة نمواً مطرداً.
الشاي الفوار يُعيد تشكيل سوق المشروبات
ساهم تزايد الوعي الصحي بين جيل الألفية والجيل Z في ارتفاع مبيعات المشروبات الخالية من الكحول بنسبة 300% في أوروبا والولايات المتحدة خلال عام 2024. ومن المتوقع أن ينمو سوق الشاي الفوار بمعدل سنوي مركب يبلغ 6.3% حتى عام 2030.
تتصدر أمريكا الشمالية السوق بنسبة 40%، تليها أوروبا بنسبة 30%، بينما تسجل آسيا والمحيط الهادي أسرع نمو بمعدل 11.1%. أما الشرق الأوسط وأفريقيا، فتشهدان نمواً سنوياً يُقدّر بـ8.5%، نتيجة لتزايد الطبقة الوسطى والاهتمام المتزايد بالتغذية الصحية.
الشركات الرائدة والابتكار في صناعة الشاي الفوار
تُعد “كوبنهاغن للشاي الفوار” من أبرز الشركات في هذا المجال، حيث تُباع منتجاتها في أكثر من 50 دولة وتُقدم في أكثر من 100 مطعم عالمي راقٍ. يتم تصنيع المشروب يدوياً باستخدام ما يصل إلى 13 نوعاً من الشاي العضوي، ما يمنحه طعماً معقداً وغنياً.
تشمل الشركات الأخرى: “جرين ليدي” البريطانية التي تأسست عام 2013، و”ريشي تي آند بوتانيكالز” التي تقدم خيارات خالية من السكر، بالإضافة إلى “ساي تشو” التي تركّز على الشاي أحادي المنشأ وتُقدم منتجاتها في مطاعم مرموقة حول العالم.
فوائد الشاي الفوار الصحية والتغذوية
يُعتبر الشاي الفوار بديلاً صحياً للمشروبات الغازية، إذ يحتوي على مضادات أكسدة مثل الفلافونويدات والكاتيشين، ما يساعد في تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. كما يُساهم في الترطيب وتحسين الهضم والتحكم في الوزن.
ويؤكد خبراء التغذية أن 82% من المستهلكين يفضلون المشروبات التي تحتوي على مكونات وظيفية، ما يجعل الشاي الفوار خياراً مرغوباً. كما أن انخفاض السعرات الحرارية فيه يُناسب من يسعون لنمط حياة صحي.
تحديات القطاع وآفاق النمو المستقبلية
رغم النمو، يواجه القطاع تحديات عدة، أبرزها ارتفاع تكلفة المواد الخام العضوية والحاجة إلى توعية المستهلكين بالفوائد. كما أن الأسعار المرتفعة تعكس التكاليف المرتبطة بالإنتاج اليدوي والمكونات الفاخرة.
لكن في المقابل، تُعد الأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية فرصاً واعدة بفضل الوعي المتزايد بالممارسات الصحية وارتفاع الدخل. كما أن التوسع في قنوات البيع الإلكترونية يُعزز من فرص الوصول إلى شرائح جديدة من المستهلكين.
الاستدامة كعنصر أساسي في نجاح الشاي الفوار
تعتمد شركات عديدة في القطاع على ممارسات بيئية مستدامة، مثل استخدام المكونات العضوية والتعبئة الصديقة للبيئة. شركة “هوبتونيك تي” تتبنى الزراعة التجديدية، فيما تسعى “فاير بيلي تي” إلى تقليل البصمة الكربونية بالكامل.
وتُظهر هذه الجهود التزاماً متزايداً بالمسؤولية البيئية، وهو ما يلقى صدىً إيجابياً لدى المستهلكين المعاصرين الذين يبحثون عن منتجات تجمع بين الجودة والأثر الإيجابي على الكوكب.
مستقبل الشاي الفوار في سوق المشروبات
مع تزايد الإقبال على المشروبات الصحية والوظيفية، من المتوقع أن يرسخ الشاي الفوار مكانته في قوائم المطاعم والبارات الراقية حول العالم. كما تشير التقديرات إلى إمكانية بلوغ السوق 10.5 مليار دولار بحلول عام 2032.
لم يعد الشاي الفوار مجرد بديل للكحول، بل يُعد تحولاً نوعياً في سوق المشروبات، حيث يجمع بين النكهة المميزة والفائدة الصحية والممارسات المستدامة، مما يجعله خياراً مثالياً لجيل جديد من المستهلكين.
