حقن أوزيمبيك تعكس الشيخوخة البيولوجية بمقدار 3 سنوات.. هذا ما أظهرته دراسة سريرية جديدة على العقار الذي، لا يقتصر أثره على السيطرة على مرض السكري وإنقاص الوزن فقط، بل يمتد إلى قدرته على عكس الشيخوخة البيولوجية للجسم بمقدار 3.1 سنوات، خاصة في الدماغ والجهاز المناعي حيث تباطأت الشيخوخة بحوالي 5 سنوات.
تجربة سريرية عشوائية تؤكد الفوائد المضادة للشيخوخة
نشرت الدراسة على خادم medRxiv كمراجعة أولية، وهي أول تجربة سريرية عشوائية تُظهر أن سيماجلوتايد يؤثر على المؤشرات الحيوية للشيخوخة. شملت الدراسة 84 مشاركاً يعانون من ضمور دهني مرتبط بفيروس نقص المناعة البشرية، تناول نصفهم حقن سيماجلوتايد أسبوعياً لمدة 32 أسبوعاً، بينما تلقى النصف الآخر علاجاً وهمياً.
استخدم الباحثون ما يُسمى بـ”الساعات النسيجية” لقياس الشيخوخة البيولوجية، وهي تقنية تحلل التغيرات الكيميائية في الحمض النووي التي تحدث مع التقدم في العمر. أظهرت النتائج انخفاضاً كبيراً في عدة مؤشرات للشيخوخة البيولوجية، منها PCGrimAge بمقدار 3.1 سنوات، وPhenoAge بمقدار 4.9 سنوات، وDunedinPACE بنسبة 9%.
آثار واعدة على الدماغ والجهاز العصبي
تشير الأدلة المتراكمة إلى أن سيماجلوتايد يمتلك خصائص وقائية للدماغ والأعصاب. نشرت دراسة في مجلة الجزيئات الدولية للعلوم تؤكد أن أدوية GLP-1 مثل سيماجلوتايد تُظهر تأثيرات حماية عصبية في النماذج الحيوانية لمرض الزهايمر وباركنسون. تعمل هذه الأدوية على تقليل الالتهاب العصبي والإجهاد التأكسدي وتحسين وظائف الميتوكوندريا.
أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة eClinicalMedicine أن المرضى الذين تناولوا سيماجلوتايد لديهم خطر أقل للإصابة بمشاكل معرفية وأقل اعتماداً على النيكوتين. شملت الدراسة أكثر من 100 ألف مريض أمريكي مصاب بالسكري من النوع الثاني، بينهم 20 ألف تناولوا سيماجلوتايد.
تجارب سريرية كبرى في المرحلة الثالثة لمرض الزهايمر
تقوم شركة نوفو نورديسك حالياً بإجراء تجربتين سريريتين ضخمتين في المرحلة الثالثة تُسميان EVOKE وEVOKE+ لاختبار فعالية سيماجلوتايد في علاج المراحل المبكرة من مرض الزهايمر. تشمل كل تجربة حوالي 1840 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 55 و85 عاماً، ومن المتوقع إعلان النتائج في سبتمبر 2025.
يقول الدكتور فاران دوراكا، المؤلف الرئيسي للدراسة ومدير المعلوماتية الحيوية في شركة TruDiagnostic: “قد لا يُبطئ سيماجلوتايد معدل الشيخوخة فحسب، بل يمكن أن يُعكسها جزئياً لدى بعض الأشخاص”.
دراسات واسعة تؤكد الحماية من الخرف
نشرت دراسة في مجلة جاما للشبكة المفتوحة تشمل 60860 مريضاً، تُظهر أن المرضى الذين تناولوا سيماجلوتايد لديهم خطر أقل بشكل كبير للإصابة بالخرف والسكتة الدماغية والوفيات من جميع الأسباب. كانت الفوائد أكثر وضوحاً لدى البالغين الأكبر سناً والنساء والأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة جسم بين 30 و40.
أشارت دراسة أخرى من جامعة كيس ويسترن ريزيرف شملت 1.7 مليون مريض بالسكري من النوع الثاني إلى أن سيماجلوتايد مرتبط بانخفاض كبير في خطر الإصابة بالخرف المرتبط بمرض الزهايمر. تراوح معدل الخطورة من 0.54 مقارنة بالأنسولين إلى 0.80 مقارنة بأدوية GLP-1 الأقدم.
الآليات البيولوجية المحتملة للتأثير المضاد للشيخوخة
يُعتقد أن التأثيرات المضادة للشيخوخة لسيماجلوتايد ترجع إلى قدرته على تحسين توزيع الدهون والصحة الأيضية. تؤدي تراكم الدهون حول الأعضاء الداخلية إلى إطلاق جزيئات تُسرع الشيخوخة عبر تغيير أنماط الميثيلة في الحمض النووي.
كما يُقلل سيماجلوتايد من الالتهاب المزمن منخفض الدرجة، وهو عامل رئيسي في تسريع الشيخوخة النسيجية. يؤثر الدواء أيضاً على نشاط الخلايا الدبقية الصغيرة في الدماغ، حيث يُحولها من النمط الالتهابي M1 إلى النمط المضاد للالتهاب M2.
الحاجة لمزيد من الأبحاث قبل الاستخدام الواسع
رغم هذه النتائج الواعدة، يُحذر الخبراء من التسرع في وصف سيماجلوتايد كعلاج مضاد للشيخوخة. يقول دوراكا: “من المبكر وصفه على نطاق أوسع كعلاج مضاد للشيخوخة”. يؤكد الدكتور راندي سيلي من كلية الطب بجامعة ميشيجان أن معظم الفوائد قد تأتي من تحسن الصحة العامة وليس من تأثيرات خلوية مباشرة.
تُشير المراجعة المنهجية المنشورة في مجلة الجزيئات الدولية للعلوم إلى عدم وجود دراسات بشرية تقيم تحديداً تأثير سيماجلوتايد على الوظائف المعرفية. تؤكد المراجعة أن “أحد القيود المهمة هو نقص الدراسات على البشر”، مما يُبرز الحاجة الماسة لإجراء تجارب سريرية أوسع نطاقاً.
آفاق مستقبلية واعدة في علاج الشيخوخة
تُمثل هذه النتائج خطوة مهمة في مجال علوم الشيخوخة والعلوم الجيرياترية، وهو المجال الذي يستهدف البيولوجيا الجزيئية للشيخوخة لتمديد فترة الصحة الجيدة. تُضيف الدراسة إلى الاهتمام المتزايد باستخدام محاكيات GLP-1 كتدخلات واقية من الشيخوخة.
مع استمرار البحوث والتجارب السريرية الكبيرة، قد يُصبح سيماجلوتايد في المستقبل أحد الأدوية الرائدة في مكافحة الشيخوخة وحماية الدماغ، لكن الأمر يتطلب مزيداً من الأدلة العلمية قبل التوصية باستخدامه على نطاق واسع لهذا الغرض.