رفضت مصممة الأزياء والوجه التجاري فيكتوريا بيكهام طلبات تكرّرت من عملاق التجزئة في مستحضرات التجميل “سيفورا” لبيع منتجات علامتها التجارية “فيكتوريا بيكهام بيوتي” عبر متاجره، وذلك بحسب تقارير صحفية أمريكية نشرتها نشرة “باك” المتخصصة في الأعمال. ويأتي هذا القرار الاستراتيجي في وقت تتجه فيه علامات المشاهير الأخرى نحو سيفورا بحثاً عن الانتشار السريع، فيما اختارت بيكهام مساراً مغايراً يُعدّ نموذجاً حياً على أن بناء المصداقية يفوق الاعتماد على الشهرة وحدها.
استراتيجية التوزيع المحدود تحافظ على الهوية الفاخرة
يعكس رفض بيكهام التعاون مع سيفورا استراتيجية توزيع انتقائية تهدف إلى الحفاظ على هوية العلامة كبيت أزياء فاخر. بدلاً من التوسع السريع عبر آلاف المتاجر، تباع منتجات “فيكتوريا بيكهام بيوتي” حصرياً في قنوات توزيع محدودة تتوافق مع مكانتها الراقية، مثل متجرها الرئيسي في حي مايفير اللندني الفاخر، وموقعها الإلكتروني، إضافة إلى شراكات محددة مع متاجر رفيعة المستوى.
وقد أعلنت العلامة في يوليو 2025 عن دخولها شراكة حصرية مع “سبيس إن كي”، المتخصصة في مستحضرات التجميل الفاخرة، لبيع منتجاتها في عشرين متجراً فقط عبر المملكة المتحدة. كما يتوافر الخط الجمالي في متاجر مثل “سيلفريدجز” و”هارودز” ببريطانيا، و”رينيه” في كندا كشريك حصري، و”ميكا” في أستراليا. وتخطط الشركة لتوسيع نقاط البيع لتتجاوز مائتي موقع عالمياً بحلول نهاية 2025، وهو رقم متواضع مقارنة بالآلاف من المتاجر التي توفرها سيفورا.
تعكس هذه الاستراتيجية مبادئ التوزيع الانتقائي للعلامات الفاخرة، التي تتطلب إدارة دقيقة للندرة والهيبة، وهما من السمات الأساسية للمنتجات الراقية. وأكدت لورين إيدلمان، الرئيسة التنفيذية لعلامة “فيكتوريا بيكهام بيوتي”، هذا التوجه بقولها إن الشراكة مع “سبيس إن كي” تمثل نقطة تحول استراتيجية في التوسع، مع التركيز على شركاء التجزئة الذين يشاركون رؤية العلامة ويقدّرون التميّز.
علامات المشاهير
تكشف الأدلة الحديثة عن الأخطار الجسيمة التي تواجهها العلامات الجمالية الصغيرة أو الناشئة عند الدخول إلى سيفورا بشكل مبكر. وفي تحليل مفصّل عن فشل علامة “آيمي كول”، أشار خبراء إلى أن العلامات الجمالية تعمل بخسارة حتى تحقق مبيعات بالجملة تصل إلى خمسة ملايين دولار سنوياً، أي ما يعادل تسعة ملايين دولار في البيع بالتجزئة. ولا تصل معظم العلامات الناشئة إلى هذا المستوى، حيث تُجبر على التنافس مع شركات عملاقة بينما تعمل بهوامش ربح ضئيلة.
الأخطر من ذلك، أن سيفورا تدفع العلامات لتخفيف هويتها الفريدة من أجل جذب جمهور أوسع. فقد اشتهرت “آيمي كول” بتقديم مستحضرات تجميل خاصة بالبشرة الداكنة، لكن سيفورا ضغطت عليها لإنتاج منتجات للجميع، مما جعلها مجرد علامة عادية تفتقد للتميّز. وهذا ما عبّر عنه خبير تسويق بوضوح أن الاستسلام لمطالب التجزئة الكبرى يعني فقدان العنصر الذي جعل العملاء يختارون علامتك في الأصل.
شهدت السنوات الأخيرة إخفاقات عدة لعلامات المؤثرين والمشاهير في سيفورا، حيث أوقف بيع علامات مثل “سيلفلس” للمؤثر هايرام ياربرو، و”آيتم بيوتي” لنجمة تيك توك أديسون راي في 2023. كما سُحبت منتجات “جاي لو بيوتي” لجينيفر لوبيز من رفوف سيفورا في 2024 بعد أدائها الضعيف. وتجاوزت قائمة الإخفاقات الأخيرة علامات أخرى مثل “ستريبس بيوتي” لناومي واتس، التي أعلنت إفلاسها بعد سنة واحدة من الإطلاق.
بناء مصداقية استمرت خمسة عشر عاماً
يعود نجاح “فيكتوريا بيكهام بيوتي” إلى أساس مختلف تماماً عن معظم علامات المشاهير. فقد أمضت بيكهام خمسة عشر عاماً في بناء مصداقيتها كمرجع للأناقة الهادئة قبل إطلاق خط الجمال في 2019. وخلال هذه الفترة، تحولت من عضوة في فرقة “سبايس غيرلز” إلى مصممة أزياء محترمة، لتصبح رمزاً للفخامة الراقية المتقنة.
وصف محللون استراتيجيتها بأنها بنت معايير حقيقية عبر السنين، حيث لم يعد اسمها يعني الشهرة فحسب، بل أصبح يعني امرأة تفهم الأناقة المتقنة. وعندما أطلقت خط الجمال، لم تكن بحاجة للاعتماد على الشهرة العابرة، بل على رأسمال من المصداقية المتراكمة يدوم طويلاً.
يتجلى هذا الاختلاف في كل قرار استراتيجي تتخذه بيكهام. فبينما تتسابق المنافسات لتحقيق أهداف نمو بدعم من رأس المال المخاطر عبر التوزيع الواسع، جمعت بيكهام خمسة ملايين جنيه إسترليني لفتح ستين نقطة بيع فقط. لم تسعَ إلى التوسع السريع، بل اختارت النمو المستدام الذي يحافظ على قيمة العلامة.
وأكدت بيكهام نفسها هذا النهج بقولها إن مبدأها التوجيهي هو إنشاء منتجات لا تجدها في مكان آخر، مضيفة أن العلامة لا تقدم مئات المنتجات، بل تركز على طرح عناصر تبدو جديدة ومميزة في سوق مزدحم. وشددت على أنهم لا يطلقون منتجاً إلا إذا كان يلبي معايير التميز، لأن العملاء يستحقون هذا المستوى من الجودة.




