سباق السيطرة على مستقبل السيارات الكهربائية: الصين وأمريكا في معركة القرن

الصين وأمريكا تتصارعان استراتيجياً على مستقبل السيارات الكهربائية، بين تفوق صيني في الإنتاج وهيمنة أميركية في التكنولوجيا.

فريق التحرير
فريق التحرير
سيارة كهربائية تشحن في الليل

ملخص المقال

إنتاج AI

في ظل التحول للطاقة النظيفة، تتنافس الصين والولايات المتحدة في سوق السيارات الكهربائية، في صراع جيوسياسي يحدد ملامح الطاقة والاقتصاد والنفوذ العالمي. الصين تتفوق في الإنتاج والبنية التحتية، بينما تتميز أمريكا بالابتكار التكنولوجي.

النقاط الأساسية

  • الصين والولايات المتحدة تتنافسان في سوق السيارات الكهربائية.
  • الصين تتفوق في المبيعات والبنية التحتية وسلسلة التوريد.
  • أمريكا تسعى لتقليل الاعتماد على الصين في المعادن النادرة.

في عالم تتسارع فيه وتيرة التحول نحو الطاقة النظيفة، تأتي السيارات الكهربائية كساحة جديدة للصراع الاستراتيجي بين القوتين العظميين: الصين والولايات المتحدة الأمريكية. لم تعد المنافسة مجرد سباق تجاري بين شركات عملاقة، بل تحولت إلى معركة جيوسياسية شاملة تحدد ملامح النظام العالمي الجديد للطاقة والاقتصاد والنفوذ. فمن يسيطر على مستقبل السيارات الكهربائية سيمتلك مفاتيح القوة الاقتصادية والتكنولوجية في العقود القادمة .

تتجاوز أهمية هذه المعركة مجرد الاستحواذ على حصص سوقية، إذ ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي وسلاسل التوريد العالمية والسيادة التكنولوجية. فالسيارات الكهربائية ليست مجرد وسيلة نقل، بل هي منصات متنقلة للتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وبوابة للهيمنة على اقتصاد المستقبل الأخضر.

كيف بدأت المنافسة؟
بدأت قصة السيارات الكهربائية الحديثة في الولايات المتحدة مع تأسيس شركة تسلا عام 2003، التي غيرت المفاهيم السائدة عن السيارات الكهربائية من مجرد مركبات بيئية محدودة القدرات إلى سيارات فاخرة عالية الأداء. استطاع إيلون ماسك تحويل تسلا من شركة ناشئة مهددة بالإفلاس إلى أكبر شركة سيارات من حيث القيمة السوقية في العالم، متفوقة على عمالقة صناعة السيارات التقليدية.

دعمت الحكومة الأمريكية هذا التوجه من خلال برامج مثل قرض وزارة الطاقة لتسلا بقيمة 465 مليون دولار عام 2010، والإعفاءات الضريبية للمستهلكين، لكن الدعم الحكومي ظل محدوداً مقارنة بالنموذج الصيني. اعتمدت الولايات المتحدة على نموذج السوق الحر والابتكار الخاص، مما أدى إلى تقدم تكنولوجي كبير لكن مع انتشار محدود للسيارات الكهربائية في السوق الأمريكية مقارنة بالصين.

الصين: استراتيجية الدولة الشاملة
في المقابل، اتخذت الصين مساراً مختلفاً تماماً. فمنذ عام 2009، وضعت بكين السيارات الكهربائية ضمن “الصناعات الاستراتيجية الناشئة” في خطتها الخمسية، وخصصت لها دعماً حكومياً هائلاً. لم تكتف الصين بالدعم المالي المباشر للشركات المصنعة، بل أنشأت منظومة متكاملة تشمل البنية التحتية للشحن، والإعفاءات الضريبية، والقيود على السيارات التقليدية في المدن الكبرى، والدعم البحثي للجامعات والشركات.

نتيجة لهذه الاستراتيجية الشاملة، برزت شركات صينية عملاقة مثل BYD التي تحولت من شركة بطاريات صغيرة إلى منافس عالمي يتفوق على تسلا في إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية والهجينة. استثمرت الصين أيضاً بكثافة في سلسلة التوريد بأكملها، من استخراج المعادن النادرة وتصنيع البطاريات إلى تطوير أنظمة القيادة الذاتية، مما منحها ميزة تنافسية هائلة.

الواقع الحالي بالأرقام: من يتصدر السباق؟
تظهر أحدث البيانات تفوقاً صينياً واضحاً في سوق السيارات الكهربائية. ففي عام 2024، بلغت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين 12.9 مليون وحدة، تمثل 40.9% من إجمالي مبيعات السيارات البالغة 31.4 مليون وحدة. في المقابل، سجلت الولايات المتحدة مبيعات بلغت 1.3 مليون سيارة كهربائية في 2024، بزيادة 7.3% فقط عن العام السابق، وبحصة سوقية لا تتجاوز 8.9% من إجمالي سوق السيارات الأمريكي في الربع الثالث من 2024.

على صعيد الإنتاج، تهيمن الصين على أكثر من 70% من الإنتاج العالمي للسيارات الكهربائية في 2024.

‏BYD تتفوق على Tesla

شهد عام 2024 تحولاً تاريخياً في المنافسة بين عملاقي صناعة السيارات الكهربائية: BYD الصينية وTesla الأمريكية. فقد تجاوزت BYD شركة Tesla في إجمالي المبيعات السنوية للمرة الأولى، حيث سجلت إيرادات بلغت 107 مليار دولار مقابل 97.7 مليار دولار لتسلا. كما تفوقت BYD في عدد السيارات المباعة بشكل كبير، حيث باعت 4.27 مليون سيارة (تشمل الكهربائية بالكامل والهجينة) مقابل 1.79 مليون سيارة كهربائية لتسلا.

تمتلك BYD ميزة تنافسية كبيرة تتمثل في التكامل الرأسي، حيث تصنع معظم مكونات سياراتها بنفسها، بما في ذلك البطاريات والرقائق الإلكترونية، مما يقلل تكاليف الإنتاج ويحميها من اضطرابات سلسلة التوريد. كما تتميز بتنوع منتجاتها من السيارات الاقتصادية منخفضة التكلفة إلى السيارات الفاخرة، مما يمكنها من استهداف شرائح سوقية متعددة.

في المقابل، تواجه Tesla تحديات في الحفاظ على حصتها السوقية العالمية، لكنها لا تزال تتفوق في أسواق معينة مثل الولايات المتحدة، حيث تستحوذ على نحو 48.8% من سوق السيارات الكهربائية الأمريكي، رغم أن هذه النسبة انخفضت عن السنوات السابقة.

دور الحكومات: سياسات الدعم المتباينة

تلعب السياسات الحكومية دوراً محورياً في تشكيل سوق السيارات الكهربائية. في الصين، قدمت الحكومة دعماً شاملاً للقطاع منذ أكثر من عقد، بدءاً من الإعفاءات الضريبية والدعم المباشر للمستهلكين، وصولاً إلى فرض حصص إلزامية على الشركات المصنعة لإنتاج نسبة محددة من السيارات الكهربائية. رغم تقليص الدعم المباشر تدريجياً، إلا أن الحكومة الصينية وضعت هدفاً طموحاً بأن تمثل السيارات الكهربائية 40% من مبيعات السيارات بحلول عام 2030.

في الولايات المتحدة، شكل قانون خفض التضخم (IRA) الذي أقره الرئيس بايدن في أغسطس 2022 نقطة تحول في دعم صناعة السيارات الكهربائية الأمريكية. يقدم القانون حوافز ضريبية تصل إلى 7,500 دولار لشراء السيارات الكهربائية، لكن مع شروط صارمة تتعلق بمصدر المكونات والتصنيع. فبدءاً من يناير 2024، يجب أن تكون البطارية مصنوعة بنسبة 40% على الأقل من مواد مصدرها أمريكا الشمالية أو دول لها اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، وترتفع هذه النسبة بمعدل 10% سنوياً حتى تصل إلى 80%.

شبكة الشحن الكهربائي: الصين تتفوق بأرقام مذهلة
تمثل البنية التحتية للشحن أحد العوامل الحاسمة في انتشار السيارات الكهربائية. وهنا أيضاً، تتفوق الصين بفارق هائل. فبنهاية عام 2024، وصل إجمالي عدد نقاط الشحن في الصين إلى 12.82 مليون نقطة، بزيادة 49% عن العام السابق. وتشمل هذه النقاط 830,000 نقطة شحن عامة و3.368 مليون نقطة شحن خاصة أضيفت خلال عام 2024 وحده.

في المقابل، تواجه الولايات المتحدة تحديات كبيرة في توسيع شبكة الشحن. فرغم الاستثمارات الضخمة من خلال برنامج البنية التحتية الوطنية للسيارات الكهربائية (NEVI) الذي خصص 7.5 مليار دولار لبناء شبكة شحن على مستوى البلاد، إلا أن التقدم لا يزال بطيئاً.

تواجه الولايات المتحدة تحديات في سرعة نشر محطات الشحن، حيث يستغرق الأمر وقتاً طويلاً للتخطيط والتصميم والحصول على التصاريح وتركيب المعدات. كما أن توزيع محطات الشحن غير متكافئ بين الولايات، مع تركز معظمها في ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك وفلوريدا وتكساس.

سلسلة توريد البطاريات والمعادن النادرة: الهيمنة الصينية

تمتد الهيمنة الصينية إلى سلسلة توريد البطاريات والمعادن الأساسية للسيارات الكهربائية. تسيطر الصين على أكثر من 70% من القدرة العالمية لتصنيع البطاريات.

وصلت سعة البطاريات المركبة في السيارات الكهربائية في الصين إلى 548.4 جيجاوات ساعة في 2024، بزيادة 41.5% عن العام السابق. وتهيمن بطاريات الليثيوم فوسفات الحديد (LFP) على 74.6% من إجمالي السعة المركبة، بينما تمثل البطاريات الثلاثية 25.3% فقط.

أما على صعيد المعادن النادرة، فتسيطر الصين على نحو 60% من إنتاج الليثيوم العالمي و70% من الكوبالت، وهما عنصران أساسيان في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية. كما تسيطر على 98% من إنتاج الجاليوم الأولي، وهو معدن حيوي للرقائق الإلكترونية المستخدمة في السيارات الكهربائية.

تدرك الولايات المتحدة خطورة هذه الهيمنة الصينية على سلسلة التوريد، وتسعى لتطوير مصادر بديلة للمعادن الأساسية. في مارس 2025، وقع الرئيس الأمريكي أمراً تنفيذياً يهدف إلى زيادة إنتاج المعادن الأمريكية لتعزيز الأمن القومي وتقليل الاعتماد على المعادن الأجنبية وخلق فرص عمل.

السيارات الكهربائية ساحة للحرب التجارية
تتزايد المخاوف الأمريكية من الهيمنة الصينية على صناعة السيارات الكهربائية، ليس فقط لأسباب اقتصادية، بل أيضاً لاعتبارات الأمن القومي. تخشى واشنطن من أن تؤدي سيطرة الصين على سلاسل التوريد الحيوية إلى تعريض الصناعات الاستراتيجية الأمريكية للخطر، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين البلدين.

كما تثير السيارات الصينية المتصلة بالإنترنت مخاوف تتعلق بالخصوصية وأمن البيانات، حيث يمكن استخدامها لجمع معلومات حساسة عن البنية التحتية الأمريكية وعادات المستهلكين. وقد أدت هذه المخاوف إلى تشديد القيود على الاستثمارات الصينية في قطاع التكنولوجيا الأمريكي، بما في ذلك السيارات الكهربائية.

الرد الأمريكي… الرسوم الجمركية والقيود التجارية

ردت الولايات المتحدة على التحدي الصيني بفرض رسوم جمركية مشددة على السيارات الكهربائية الصينية. ففي مايو 2024، أعلنت واشنطن فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على السيارات الكهربائية الصينية، بعد مراجعة أجراها مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة. وتأتي هذه الرسوم في إطار ما وصفته الإدارة الأمريكية بـ”الممارسات التجارية غير العادلة” و”إغراق الأسواق العالمية بصادرات ذات أسعار منخفضة بشكل مصطنع”.

كما فرضت الولايات المتحدة قيوداً على استخدام التكنولوجيا الصينية في السيارات الكهربائية على الطرق الأمريكية، وسنت قوانين تحظر المكونات الصينية في البنية التحتية للشحن الممولة فيدرالياً. وتبعت كندا الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية مماثلة على السيارات الكهربائية الصينية.

الرد الصيني.. تنويع الأسواق والتكيف مع القيود
في مواجهة القيود الأمريكية، تبنت الصين استراتيجية متعددة الأبعاد. فمن ناحية، سعت إلى تنويع أسواقها من خلال التوسع في أوروبا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط. ومن ناحية أخرى، بدأت الشركات الصينية في إنشاء مصانع في الخارج للالتفاف على الرسوم الجمركية، حيث تقوم BYD ببناء منشآت إنتاج في البرازيل والمجر وتركيا، حيث يتم نقل الأجزاء الأساسية من الصين للتجميع النهائي.

كما عززت الصين استثماراتها في البحث والتطوير لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأجنبية. فقد طورت BYD نظام شحن فائق السرعة قادر على إضافة 250 ميلاً من المدى في خمس دقائق فقط، متفوقة على تقنية الشحن من تسلا التي تستغرق 15 دقيقة لشحن 200 ميل.

المنافسة في الأسواق العالمية.. التوسع الصيني والرد الأمريكي

تتوسع الشركات الصينية بسرعة في الأسواق العالمية، مستفيدة من ميزة التكلفة المنخفضة والتكنولوجيا المتقدمة. وفقاً لبيانات من Rho Motion، استحوذت العلامات التجارية الصينية على 62% من مبيعات السيارات الكهربائية العالمية في 2024. وتختلف حصة السوق للسيارات الصينية بشكل كبير بين الدول، حيث تصل إلى 82% في البرازيل و77% في تايلاند و70% في المكسيك، بينما تنخفض إلى 4% فقط في ألمانيا و7% في المملكة المتحدة.

تستهدف BYD مضاعفة مبيعاتها العالمية بحلول عام 2025، مع هدف تجاوز 800,000 وحدة مباعة خارج الصين. وتركز الشركة على أسواق أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا والمملكة المتحدة، مع التركيز بشكل خاص على سيارتها الاقتصادية Dolphin Mini التي تباع بسعر يبدأ من 9,700 دولار فقط.

تحديات التوسع الأمريكي في الأسواق العالمية

في المقابل، تواجه الشركات الأمريكية تحديات في التوسع العالمي. فرغم أن تسلا تمتلك مصانع في الصين وألمانيا إلى جانب مصانعها في الولايات المتحدة، إلا أن حصتها السوقية العالمية آخذة في التراجع. كما تواجه تسلا منافسة شرسة في الصين، أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم، حيث انخفضت مبيعاتها بنسبة 1.1% في عام 2024.

تعاني الشركات الأمريكية من ارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بنظيراتها الصينية، مما يجعل منتجاتها أقل تنافسية من حيث السعر في الأسواق العالمية. كما أن اعتمادها على سلاسل توريد عالمية يجعلها أكثر عرضة لاضطرابات السوق والتوترات الجيوسياسية.

سيناريوهات المنافسة الصينية-الأمريكية

من يملك التفوق التكنولوجي الحقيقي؟
رغم التفوق الصيني الحالي في حجم الإنتاج والمبيعات، إلا أن السؤال عن التفوق التكنولوجي الحقيقي يظل محل نقاش. تتفوق الصين في تكنولوجيا البطاريات، خاصة بطاريات LFP منخفضة التكلفة، وفي تقنيات الشحن فائق السرعة. كما تتقدم بسرعة في تطوير أنظمة القيادة الذاتية، حيث أطلقت BYD نظام “عين الإله” (God’s Eye) في 2024، الذي يوفر مساعدة متقدمة للسائق مجاناً، مقارنة بخدمة القيادة الذاتية الكاملة من تسلا التي تكلف 8,000 دولار أو اشتراك شهري بقيمة 99 دولاراً.

في المقابل، تحتفظ الولايات المتحدة بميزة في بعض المجالات التكنولوجية المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي وتصميم الرقائق المتطورة والبرمجيات. كما تتفوق تسلا في كفاءة استخدام الطاقة وتكامل البرمجيات مع الأجهزة، وتمتلك شبكة شحن Supercharger التي تعد من أكثر شبكات الشحن موثوقية في العالم.

السيناريوهات المستقبلية.. تعاون أم قطيعة؟

يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل المنافسة الصينية-الأمريكية في مجال السيارات الكهربائية:

السيناريو الأول: استمرار المنافسة المحتدمة

في هذا السيناريو، تستمر المنافسة بين البلدين مع تصاعد الحرب التجارية والقيود المتبادلة. ستواصل الصين هيمنتها على الأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، بينما تحافظ الولايات المتحدة على حصتها في الأسواق المتقدمة من خلال الحواجز التجارية والدعم الحكومي. سيؤدي هذا السيناريو إلى تباطؤ انتشار السيارات الكهربائية عالمياً وارتفاع أسعارها، مما يؤخر التحول العالمي نحو النقل المستدام.

السيناريو الثاني: التعاون المحدود

في هذا السيناريو، تدرك كل من الصين والولايات المتحدة أن المنافسة المطلقة تضر بمصالحهما، وتتوصلان إلى اتفاقيات محدودة للتعاون في مجالات معينة مثل المعايير التقنية وشبكات الشحن. ستركز الشركات الصينية على الأسواق منخفضة ومتوسطة التكلفة، بينما تركز الشركات الأمريكية على الشرائح المرتفعة والتكنولوجيا المتقدمة. سيؤدي هذا السيناريو إلى تسريع انتشار السيارات الكهربائية عالمياً، مع الحفاظ على مساحة للمنافسة الإيجابية.

السيناريو الثالث: القطيعة التكنولوجية

في هذا السيناريو الأكثر تشاؤماً، تتصاعد التوترات بين البلدين إلى درجة القطيعة التكنولوجية الكاملة، مع انقسام العالم إلى معسكرين تكنولوجيين متنافسين. ستطور كل دولة معاييرها وتقنياتها الخاصة، مما يؤدي إلى تكرار الجهود وارتفاع التكاليف. سيؤدي هذا السيناريو إلى إبطاء التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية، وسيضر بالمستهلكين والبيئة على حد سواء.

نحو مستقبل مستدام للنقل العالمي
يتجاوز سباق السيطرة على مستقبل السيارات الكهربائية مجرد المنافسة التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ليشكل معركة استراتيجية تحدد ملامح النظام العالمي الجديد للطاقة والاقتصاد. تمتلك الصين حالياً ميزة كبيرة في حجم الإنتاج والبنية التحتية وسلسلة التوريد، بينما تحتفظ الولايات المتحدة بنقاط قوة في الابتكار التكنولوجي والبرمجيات المتقدمة.

لكن المستقبل المستدام للنقل العالمي يتطلب قدراً من التعاون بين القوتين العظميين، خاصة في مجالات مثل المعايير التقنية المشتركة وتطوير تقنيات البطاريات الصديقة للبيئة وبناء شبكات شحن متوافقة عالمياً. فالتحديات البيئية العالمية تتطلب جهوداً مشتركة تتجاوز المنافسة الجيوسياسية.

سيستفيد المستهلكون حول العالم من هذه المنافسة من خلال انخفاض الأسعار وتحسن التكنولوجيا وتوسع خيارات السيارات الكهربائية. لكن التحدي الأكبر يكمن في تحقيق التوازن بين المنافسة الإيجابية التي تدفع الابتكار والتعاون الضروري لمواجهة التحديات المشتركة. فمستقبل النقل المستدام يعتمد على قدرة العالم على إدارة هذه المعركة الاستراتيجية بحكمة، بما يحقق المصالح المشتركة للبشرية والكوكب.