أزمة لورو بيانا تهز عرش العلامات الفاخرة وتفضح الوجه الحقيقي لصناعة الموضة المترفة وتسلط الضوء على الفجوة بين كلفة الإنتاج وسعر البيع. تواجه حالياً العلامة الإيطالية المملوكة لمجموعة LVMH الفرنسية، أزمة أخلاقية وقانونية، حيث كشفت التحقيقات القضائية الإيطالية أن خلف سحر السترات المصنوعة يدوياً والسعر الذي يتجاوز آلاف اليوروهات، عن واقع صادم في سلسلة توريد هذه العلامة المرموقة، يتضمّن استغلالاً ممنهجاً للعمال، وورشاً غير مرخّصة يديرها أصحاب شركات صينية في ضواحي ميلانو.
هذه الفضيحة لا تمس “لورو بيانا” الشهيرة وحدها، بل تسلط الضوء على خلل هيكلي في صناعة الموضة الإيطالية، حيث تساهم آلاف الشركات الصغيرة في أكثر من نصف الإنتاج العالمي للسلع الفاخرة، ضمن نظام معقّد قد يغيب عنه الحد الأدنى من الرقابة والشفافية. فهل يعاد تعريف الفخامة في ضوء هذه الانكشافات؟ وهل يكون هناك فصل حقيقي بين الأناقة والاستغلال؟ هذه الأسئلة تُطرَح اليوم بقوة، وسط دعوات لإصلاح جذري يعيد للموضة قيمتها الإنسانية، قبل قيمتها التجارية.

السترات الفاخرة تُخفي معاناة العمّال
لطالما ارتبط اسم “لورو بيانا” بالجودة الفائقة والترف الصامت، إلا أن التحقيقات قد كشفت أن آلاف السترات المصنوعة من الكشمير الفاخر تم إنتاجها في ورش صينية مملوكة لأطراف ثالثة، حيث عمل العمال لساعات طويلة في ظروف غير إنسانية، مقابل أجور زهيدة لا تتجاوز 4 يورو في الساعة.
أزمة لورو بيانا أمام القضاء
المحكمة الإيطالية اعتبرت أن “لورو بيانا” فشلت في ممارسة الرقابة الكافية على سلاسل التوريد، ما سمح بانتشار ممارسات استغلال العمال، بما في ذلك توظيف مهاجرين غير شرعيين، وسوء المعاملة الجسدية، وعدم توفر شروط السلامة. ورغم توقيع العلامة على بروتوكولات لحماية العمال بالتعاون مع النقابات، فإن هذه الإجراءات لم تكن كافية أو فعّالة.
دعوات لإصلاح يعيد للموضة قيمتها الإنسانية
بدأ التحقيق بعد اعتقال صاحب ورشة صينية في مايو لاعتدائه على عامل طالب بحقوقه، وتلقى العامل إصابة تتطلب 45 يوماً من العلاج الطبي.. وكجزء من الإجراءات التصحيحية، وُضعت الشركة تحت إدارة قضائية لمدة عام، تخضع خلالها للمراقبة الكاملة من السلطات، بما يشمل مراجعة الحسابات، ومتابعة سلوك الموردين، وتطبيق معايير أخلاقية صارمة لضمان عدم تكرار الانتهاكات.

أزمة ثقة في صناعة الرفاهية الإيطالية
قضية “لورو بيانا” ليست الأولى في هذا السياق، فقد سبقتها علامات شهيرة مثل “فالنتينو”، “ديور”، “أرماني” و”ألفييرو مارتيني”، وجميعها خضعت للتحقيق أو المراقبة القضائية بسبب قضايا مشابهة. الخبراء يشيرون إلى أن النموذج المعتمد على التفويض الكامل لعمليات الإنتاج فتح الباب أمام سلاسل توريد غير شفافة، حيث تتحول الكلفة المنخفضة إلى عائق أخلاقي.
هل يتغيّر وجه الفخامة؟
الجدل الحالي يشير إلى ضرورة إعادة تقييم مفهوم “الترف” الذي لا يجب أن يقوم على استغلال البشر. التحدي أمام دور الأزياء الكبرى الآن هو في إعادة بناء الثقة، وتعزيز الشفافية، وتحقيق التوازن بين الجودة العالية والعدالة الاجتماعية. فقد سلطت هذه القضية الضوء على الفجوة بين كلفة الإنتاج وسعر البيع الباهظ.