عارضات زارا يثرن الجدل بسبب نحافتهن المفرطة… أصدرت هيئة المعايير الإعلانية البريطانية (ASA) قراراً بحظر إعلانين لعلامة الأزياء الإسبانية زارا، معتبرة أنهما يعرضان عارضات تبدو “نحيفات بشكل غير صحي” بطريقة “غير مسؤولة”.
وقالت الهيئة في قرارها الصادر في السادس من أغسطس 2025، إن الإعلانين يجب ألا يظهرا مرة أخرى بشكلهما الحالي، مشددة على أنهما ينتهكان المسؤولية الاجتماعية المطلوبة في الإعلان.
تفاصيل الإعلانين المحظورين
تضمن الإعلان الأول صورة لعارضة ترتدي قميصاً بجيوب كبير الحجم، حيث لاحظت هيئة المعايير الإعلانية أن التصميم منخفض الياقة للقميص جذب الانتباه إلى منطقة الصدر العلوية للعارضة، مما خلق نقطة تركيز حول عظام الترقوة البارزة.
كما أشارت الهيئة إلى أن وضعية ذراعي العارضة، أثناء ارتدائها القميص الفضفاض، خلقت انطباعاً بأن ذراعيها وكتفيها وصدرها نحيفان جداً.
وبالنسبة للإعلان الثاني، عرض صورة لعارضة أخرى ترتدي فستاناً قصيراً كثيف الطيات، حيث رأت الهيئة أن الظلال على ساقي العارضة جذبت الانتباه إليهما وجعلتهما تبدوان “نحيفتين بشكل ملحوظ”.
وأوضحت الهيئة أن تسريحة شعر العارضة الململم للخلف وضعت التركيز على رأسها مما جعلها تبدو “منهكة قليلاً”، بينما خلقت وضعية ذراعيها العلويين ومفاصل المرفقين انطباعاً بأن جسدها يبدو “غير متناسق قليلاً”.
رد زارا على الاتهامات
دافعت شركة زارا عن الإعلانين، مؤكدة أن العارضتين عملتا مع علامات أزياء مشهورة ومعروفة، وأن كلتيهما قدمتا شهادات طبية تثبت تمتعهما بصحة جيدة.
وأكدت الشركة أن الصور لم تتعرض لأي تعديل، باستثناء تعديلات طفيفة جداً في الإضاءة والألوان، مشيرة إلى أنها تلتزم بتوصيات تقرير “صياغة مستقبل صحي” الذي نشرته لجنة التحقيق في صحة العارضات البريطانية عام 2007.
وأوضحت زارا أنها تلتزم تحديداً بالتوصية الثالثة من ذلك التقرير، والتي تنص على أن العارضات “يجب أن يقدمن شهادة طبية تشهد بصحتهن الجيدة من أطباء لديهم خبرة في تمييز اضطرابات الأكل”.
وقال متحدث باسم زارا في المملكة المتحدة: “نحن نلاحظ قرار هيئة المعايير الإعلانية بعد شكوى فردية تتعلق بصورتين على موقعنا الإلكتروني قمنا بإزالتهما عندما أبلغتنا الهيئة”.
وأضاف المتحدث: “نحن ملتزمون بالمحتوى المسؤول ونتبع إرشادات ومراقبة صارمة في اختيار وتصوير العارضات، وكذلك في اختيار الصور”.
سياق أوسع من الجدل
لم تكن زارا الشركة الوحيدة التي واجهت هذا النوع من الانتقادات في العام 2025، حيث حظرت هيئة المعايير الإعلانية إعلاناً لمتجر “ماركس آند سبنسر” في يوليو الماضي لنفس الأسباب.
وقالت الهيئة حول إعلان “ماركس آند سبنسر” إن العارضة “بدت نحيفة وارتدت حذاءً مدبباً كبيراً مما أكد نحافة ساقيها”، مضيفة أن زوايا الكاميرا جعلت رأس العارضة يبدو غير متناسب مع باقي جسدها.
كما حظرت الهيئة في فبراير 2025 إعلاناً لمتجر “نكست” لبنطلون جينز، حيث رأت أن زاوية الكاميرا وأسلوب التصوير ووضعية العارضة أكدت نحافة ساقيها بطريقة “غير مسؤولة”.
واعترضت شركة نكست على القرار، مؤكدة أن العارضة، رغم نحافتها، تتمتع بـ”جسد صحي ومتناسق”، وأن الوضعية كانت مقصودة لعرض كيفية ملاءمة البنطلون على الساقين المستقيمة والمثنية.
التحدي المستمر في صناعة الأزياء
تأتي هذه القرارات في إطار تزايد الانتباه إلى تصوير صورة الجسد في إعلانات الأزياء، وسط دعوات أوسع للعلامات التجارية لضمان التمثيل المسؤول والمتنوع.
ويشير الخبراء إلى أن صناعة الأزياء تواجه انتقادات منذ عقود بسبب استخدامها لعارضات نحيفات بشكل مفرط، والتي ربطها الباحثون منذ فترة طويلة باضطرابات الأكل والصورة السلبية للجسد واضطراب تشوه الجسد.
وقد اتخذت عدة دول إجراءات وقائية على مر السنين، حيث حظرت فرنسا العارضات فائقات النحافة دون مذكرة طبيب تشهد بصحتهن بموجب قانون 2015، بينما تعتمد إيطاليا وإسبانيا على قوانين سلوك طوعية.
وتؤكد هيئة المعايير الإعلانية البريطانية أنها لا تعلق على العارضات أنفسهن أو تشير إلى أنهن، أو الأشخاص ذوي النسب المماثلة، غير صحيين، وإنما تنظر في كيفية عرض العارضات في الإعلانات والتأثير الذي يمكن أن يكون له على الجمهور.
الإجراءات المطلوبة
أمرت هيئة المعايير الإعلانية زارا بضمان إعداد الصور في إعلاناتها “بمسؤولية” وعدم تصوير العارضات كما لو كن “نحيفات بشكل غير صحي”.
وأكدت الهيئة أن الإعلانين خرقا القاعدة 1.3 من قانون لجنة ممارسات الإعلان (المسؤولية الاجتماعية)، مشددة على أن جميع الاتصالات التسويقية يجب أن تُعد “بإحساس بالمسؤولية تجاه المستهلكين والمجتمع”.
وتنص إرشادات الهيئة على أن الإعلانات “يجب ألا تشير إلى أن السعادة أو الرفاهية تعتمد على الامتثال لشكل جسد معين أو مظهر جسدي”، كما يجب ألا “تستغل مخاوف الناس حول صورة أجسادهم”.
ولم تتلق زارا أي شكاوى مباشرة حول الإعلانين، حيث جاءت الشكوى من شخص واحد فقط اعتبر أن العارضات يبدون نحيفات بشكل غير صحي.