عرض أزياء فيكتور آند رولف لخريف وشتاء 2025 ليس مجرد عرض تقليدي على منصة الهوت كوتور، بل تجربة حافلة بالجدل البصري والفلسفي، حيث لعب الثنائي الهولندي على ثنائية “الغياب والحضور” عبر خمسة عشر زوجًا من الإطلالات السوداء المتطابقة تقنيًا والمختلفة بصريًا. إحدى النسختين بدت مشحونة بالحياة والدراما من خلال حشوات غزيرة من الريش الصناعي، بينما ظهرت النسخة الأخرى وكأنها ظل صامت لنفسها، خالية من أي زخرف، ناعمة في حركتها، وصامتة في حضورها، ما خلق حوارًا حيًا بين الترف والتقشف، وبين الغزارة والبساطة.



حملت الإطلالات عنوان “Angry Birds”، وكسرت القواعد عبر فكرة جذرية: التحوّل الكامل من المبالغة إلى النقاء، من الفوضى البصرية إلى الصمت المدروس.
حضور وغياب: ثنائية مدهشة على منصة واحدة
العرض تألف من 15 زوجًا من الإطلالات المتطابقة تصميميًا، لكن مختلفة بالكامل في التكوين. الإطلالة الأولى في كل زوج جاءت على شكل فستان ضخم مبالغ فيه، منفوخ بخامات ناعمة تحاكي الريش الملوّن، بينما شقيقتها المقابلة كانت نفس التصميم، ولكن مجردة بالكامل من الريش، لتظهر بحجم انسيابي وهيكل ناعم باللون الأسود الخالص.



هذه المفارقة البصرية أطلقت حوارًا مفتوحًا بين الشكل والمضمون، بين ما نراه وما نغفله، في انعكاس حاد لمفهوم التحوّل. فكما عبّر المصمم فيكتور هورستينغ: “أردنا أن نظهر كيف يمكن لشيء أن يكون نفسه، لكنه مختلف تمامًا.”
الريش… رمز الحرية والترف في عرض أزياء فيكتور آند رولف
ورغم أن العرض حمل اسم “الطيور الغاضبة”، لم يكن هناك طيور حقيقية، بل ريش رمزي ملوّن صنعه الفنان البريطاني الشهير Stephen Jones باستخدام التول وأقمشة شفافة بتقنيات متقدمة تحاكي الريش الطبيعي. دخلت هذه العناصر في تشكيل الياقات، الأكمام، الأحزمة وحتى القبعات التي تزيّنت بها العارضات بأشكال تاجية ساحرة.



أزياء مسرحية، ومشاعر متقابلة في عرض أزياء فيكتور آند رولف
في النسخ المنفوخة من الفساتين، انطلقت الألوان كدوامات من البنفسجي، الأبيض، الأزرق والزهري، تنفجر من بين طيّات القماش الداكن كأنها انفعالات حبيسة تحرّرت فجأة. هذه النماذج ذكّرتنا بإطلالات من أفلام مثل “The Hunger Games”، بينما النسخ الخالية من الريش بدت أشبه بشبح هادئ، ظل متواضع لنفسها السابقة، تتحدّث عن الانسحاب بعد الوهج.



قصّات مستوحاة من القرن التاسع عشر… بروح معاصرة
المجموعة استحضرت جماليات الحقبة الفيكتورية: أكتاف مبالغ فيها، طبقات تول متقاطعة، وخطوط غير متناظرة جعلت من كل فستان عملًا فنّيًا متحركًا. وفي المقابل، جاءت الفساتين “المنكمشة” لتستعرض نفس القصات من دون الزخرفة، لتمنح المشاهدين فرصة تأمل في معنى القالب حين يُفرّغ من زينته.
عرض بلا إجابات… بل أسئلة مفتوحة
هل كانت المجموعة استجابة لواقع عالمي مضطرب؟ هل هي تعليق ساخر على التكلّف في عالم الموضة؟ أم أنها مجرد تمرين بصري على فكرة “ما هو كافٍ وما هو أكثر من اللازم”؟ لم يقدّم المصممان أي إجابة، وفضّلا ترك التفسير للجمهور، تمامًا كما تفعل الأعمال الفنية الحقيقية.