دار فالنتينو تواجه تحديات ضخمة هل سيستطيع المدير الإبداعي الجديد إنقاذها؟ تشهد أسواق الأزياء الفاخرة العالمية تطورات مهمة، حيث تفكر شركة كيرينغ الفرنسية المالكة لعلامة غوتشي وصندوق الاستثمار القطري “مايهولا” في بيع دار الأزياء الإيطالية “فالنتينو” التي يملكانها بشكل مشترك، وذلك وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية.
الاستحواذ الأولي على فالنتينو
استحوذت شركة كيرينغ على حصة 30% في دار فالنتينو الإيطالية خلال عام 2023، مقابل 1.7 مليار دولار أمريكي. تضمنت الصفقة التزاماً من كيرينغ بشراء النسبة المتبقية البالغة 70% من الأسهم بحلول عام 2028.
تأسست هذه الشراكة كجزء من استراتيجية أوسع لكيرينغ لتقليل اعتمادها على علامة غوتشي المتراجعة الأداء، حيث كانت تهدف إلى إنشاء علامة تجارية ثانية رائدة تتجذر في الأزياء الراقية.
تأتي هذه الخطوة في إطار مراجعة أوسع تقوم بها شركة كيرينغ لاستثماراتها، حيث تواجه المجموعة الفرنسية تحديات متزايدة تشمل ارتفاع الديون والتباطؤ العالمي في الطلب على السلع الفاخرة والضغوط في أسواق الأوراق المالية.

أداء فالنتينو المالي
شهدت دار فالنتينو تراجعاً في أدائها المالي خلال عام 2024، حيث انخفضت الإيرادات بنسبة 2% عند أسعار الصرف الثابتة لتصل إلى 1.31 مليار يورو. كما تراجعت الأرباح التشغيلية بنسبة 22% إلى 246 مليون يورو.
وصفت الشركة العام 2024 بأنه “مليء بالتحديات والتعقيدات”. رغم ذلك، نمت المبيعات المباشرة بما في ذلك التجارة الإلكترونية بنسبة 5% وشكلت 70% من إجمالي الإيرادات.
تمر دار فالنتينو بفترة تغييرات قيادية مهمة، حيث أعلنت الشركة في يونيو 2025 أن الرئيس التنفيذي ياكوبو فينتوريني في إجازة مرضية. كان فينتوريني قد انضم إلى فالنتينو في عام 2020 قادماً من غوتشي، وأشرف على عدة تغييرات قيادية وإبداعية مهمة في العلامة التجارية.
تعيين أليساندرو ميشيل
في مارس 2024، عينت دار فالنتينو المصمم أليساندرو ميشيل كمدير إبداعي جديد، خلفاً لبيربولو بيكيولي الذي غادر الشركة بعد 25 عاماً. ميشيل، الذي سبق له العمل مديراً إبداعياً في غوتشي، بدأ مهامه في 2 أبريل 2024.
أطلق ميشيل مجموعته الأولى لربيع وصيف 2025 في سبتمبر 2024، والتي وصلت إلى المتاجر في أكتوبر من نفس العام. تميزت مجموعته بأسلوب يجمع بين الأصالة والحداثة، مع التركيز على التفاصيل الدقيقة والأناقة المتطورة.
التحديات المالية لشركة كيرينغ
تواجه شركة كيرينغ تحديات مالية متنامية، حيث ارتفع صافي الدين إلى 10.5 مليار يورو بنهاية عام 2024، مقارنة بمستويات قريبة من الصفر في عام 2021. يعادل هذا الدين حوالي نصف القيمة السوقية الحالية للشركة.
نسبة الرافعة المالية (الدين إلى الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك) وصلت إلى 3.8 ضعف بحلول أواخر عام 2024، ويتوقع بنك UBS أن تصل إلى 4.1 ضعف بحلول نهاية عام 2025. تجاوز نسبة 4.0 ضعف قد يؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني، مما يرفع تكاليف الاقتراض ويضع ضغوطاً إضافية على السيولة.
استحواذات كيرينغ الأخيرة
ساهمت سلسلة من الاستحواذات في تفاقم الأعباء المالية لكيرينغ، منها:
- شراء حصة 30% في فالنتينو مقابل 1.9 مليار دولار في عام 2023
- الاستحواذ على شركة العطور الفاخرة “كريد” مقابل 3.5 مليار يورو
- استثمارات عقارية بقيمة 4 مليارات يورو
تعيين لوكا دي ميو رئيساً تنفيذياً جديداً
في يونيو 2025، أعلنت شركة كيرينغ عن تعيين لوكا دي ميو كرئيس تنفيذي جديد، خلفاً لفرانسوا أونري بينو الذي سيحتفظ بمنصب رئيس مجلس الإدارة. من المقرر أن يتولى دي ميو منصبه في 15 سبتمبر 2025.
دي ميو، الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة رينو، يتمتع بأكثر من 30 عاماً من الخبرة في قيادة الأعمال الدولية. اختاره بينو لخبرته في إدارة الشركات المدرجة دولياً وفهمه الحاد للعلامات التجارية.
صندوق الاستثمار القطري “مايهولا”
يُعد صندوق “مايهولا” أحد أبرز صناديق الاستثمار في القطاع الفاخر، وهو مملوك ومدار من قبل العائلة المالكة القطرية. يقع مقره في الدور الـ36 من برج التورنادو في الخليج الغربي بالدوحة.
محفظة استثمارات مايهولا
تضم محفظة مايهولا العديد من العلامات التجارية الفاخرة:
- فالنتينو (مستحوذ عليها في 2012 مقابل 850 مليون دولار)
- بالمان (مستحوذ عليها في 2016 مقابل 620 مليون دولار)
- بال زيليري (استحواذ تدريجي بين 2014-2016)
- بيمن (حصة 42.7% في سلسلة المتاجر التركية)
تشير التقديرات إلى أن مايهولا استثمرت حوالي 2 مليار دولار في العلامات التجارية حتى الآن. تقود الشيخة موزة بنت ناصر آل مسند، والدة الأمير القطري الحالي، استراتيجية الاستثمار في القطاع الفاخر.
دار فالنتينو تواجه تحديات ضخمة وتحديات قطاع الأزياء الفاخرة العالمي
يواجه قطاع الأزياء الفاخرة العالمي أول تباطؤ كبير منذ 15 عاماً، باستثناء فترة الجائحة. انكمش القطاع بنسبة 1% عند أسعار الصرف الحالية في عام 2024.
تشمل التحديات الرئيسية:
- التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية
- انخفاض الطلب في الأسواق الرئيسية مثل الصين والولايات المتحدة
- تهديدات الرسوم الجمركية من إدارة ترامب
- أزمة الإبداع وارتفاع الأسعار المفرط
توقعات 2025
بحسب دراسة شركة بين آند كومباني، يتوقع أن تشهد مبيعات السلع الفاخرة الشخصية تراجعاً بنسبة 2% إلى 5% في عام 2025. هذا التراجع يأتي بعد انخفاض المبيعات إلى 364 مليار يورو في عام 2024.
الآثار المحتملة للبيع بالنسبة لكيرينغ
قد يساعد بيع فالنتينو في تخفيف الضغوط المالية على كيرينغ، خاصة مع التزامها بشراء النسبة المتبقية بحلول عام 2028. هذا البيع قد يوفر سيولة نقدية مطلوبة للشركة في ظل ظروف السوق الصعبة.
بالنسبة لمايهولا
تمكن مايهولا من بناء محفظة قوية من العلامات التجارية الفاخرة منذ عام 2012. بيع فالنتينو قد يوفر عائدات استثمارية جيدة، خاصة إذا ما قورنت بسعر الشراء الأولي البالغ 850 مليون دولار.
التطورات الأخيرة في إدارة فالنتينو
شهدت فالنتينو تغييرات كبيرة في الإدارة التنفيذية والإبداعية خلال السنوات الأخيرة. رحيل بيربولو بيكيولي في مارس 2024 بعد 25 عاماً مع الدار، وتعيين أليساندرو ميشيل كمدير إبداعي جديد، يمثل نقطة تحول مهمة في تاريخ الدار.
المجموعة الأولى لميشيل، التي حملت عنوان “Pavillon des Folies”، عُرضت في باريس في سبتمبر 2024. تميزت بأسلوب يجمع بين الحد الأقصى والأناقة، مع التركيز على التفاصيل الدقيقة والحرفية العالية.
الوضع الحالي والتوقعات المستقبلية
يُتوقع أن يتولى لوكا دي ميو، الرئيس التنفيذي الجديد لكيرينغ، قيادة عملية اتخاذ القرار بشأن مستقبل فالنتينو. دي ميو، الذي يتمتع بخبرة واسعة في إدارة الشركات الدولية، سيواجه تحدي إعادة هيكلة محفظة كيرينغ في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
التحديات المقبلة
تواجه كيرينغ التزامات مالية كبيرة في الفترة المقبلة، منها:
- إمكانية الاضطرار لشراء النسبة المتبقية من فالنتينو بحلول مايو 2026
- سداد سندات قابلة للتحويل بقيمة 500 مليون يورو مرتبطة بأداء شركة بوما
- إعادة تمويل الديون المستحقة
دار فالنتينو تواجه تحديات ضخمة
تمثل دراسة بيع فالنتينو خطوة استراتيجية مهمة لكل من كيرينغ ومايهولا في ظل التحديات الاقتصادية الحالية. بينما تسعى كيرينغ إلى تخفيف أعبائها المالية والتركيز على إحياء غوتشي، تواصل مايهولا بناء إمبراطوريتها في قطاع الأزياء الفاخرة.
النجاح في هذه الخطوة سيعتمد على قدرة الطرفين على إيجاد مشترين مناسبين يقدرون قيمة العلامة التجارية ويستطيعون الاستثمار في تطويرها مستقبلاً. كما سيعتمد على تطورات السوق العالمية للأزياء الفاخرة والتعافي من التباطؤ الحالي.
في النهاية، يبقى مستقبل فالنتينو مرهوناً بقدرة إدارتها الجديدة على التكيف مع التغييرات في السوق وتطوير استراتيجيات تضمن النمو المستدام في بيئة أعمال متغيرة باستمرار.