شعار المتحف المصري الكبير: رمز حديث لإرث قديم

شعار المتحف المصري الكبير: يجسد برؤية معمارية وبصرية معاصرة رابطًا بين الماضي العريق والمستقبل، مستلهماً تصميمه من خطوط المتحف

فريق التحرير
فريق التحرير
شعار المتحف المصري الكبير: رمز حديث لإرث قديم

كشفت الجهات المصرية الرسمية عن تفاصيل جديدة حول الفلسفة التصميمية لشعار المتحف المصري الكبير، الذي يُمثل تجسيداً بصرياً لأكبر متحف أثري في العالم. يستمد الشعار إلهامه المباشر من التصميم المعماري الفريد للمتحف، حيث تنعكس في كل خط وزاوية من خطوطه عبقرية التصميم المعماري.

التصميم المعماري والإلهام البصري

أوضح الدكتور طارق توفيق، المشرف العام على المتحف المصري الكبير سابقاً، أن الشعار يجسد التخطيط الأفقي المميز للمتحف الذي تنفرج جوانبه لتطل على أهرامات الجيزة. هذا التصميم يعكس خط الأفق لهضبة الجيزة والهندسة الخالدة للأهرامات، مما يخلق رابطاً بصرياً قوياً بين الحاضر والماضي.

فاز التصميم المعماري للمتحف، المُقدم من شركة هينغهان بنغ للمهندسين المعماريين الأيرلندية، في مسابقة معمارية دولية شاركت فيها 1500 معماري من مختلف أنحاء العالم. اعتمد التصميم على فكرة أن تُمثل أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة عند التقائها كتلة مخروطية هي المتحف المصري الكبير.

الألوان والخطوط: رمزية البيئة المحيطة

يتخذ الشعار اللون البرتقالي الدافئ الذي يعكس اللون الذي تضفيه الشمس على هضبة الأهرامات ساعة المغيب. هذا الاختيار اللوني يحمل دلالة عميقة في الثقافة المصرية القديمة، حيث كانت الشمس رمزاً مهماً في الحضارة المصرية وما زالت تمثل قوة طبيعية مؤثرة في المجتمع المصري المعاصر.

Advertisement

كُتب اسم المتحف بخط عربي انسيابي مستلهم من الكثبان والتلال الرملية للبيئة المحيطة بالمتحف. هذا الخط العربي المعاصر يربط بين التراث اللغوي العربي والتصميم الحديث، مما يعكس الهوية الثقافية المتعددة الطبقات للمنطقة.

عملية التصميم والاختيار

تم تطوير الشعار من قبل شركة “أتيلييه بروكنر” الألمانية المتخصصة في تصميم العرض المتحفي، والتي فازت في طرح عالمي شاركت فيه 12 شركة من 8 دول. عمل على تصميم الشعار المصمم اللبناني-الهولندي طارق عتريسي، الذي يُعتبر من أشهر المصممين في العالم العربي وحائز على جوائز دولية مرموقة.

استغرق إعداد مقترحات الشعار عدة أشهر، حيث قامت لجنة متخصصة تضم قامات جامعية مصرية رفيعة باختيار هذا الشعار من ضمن مقترحات عديدة. تكلفة تصميم الشعار بلغت 800 ألف جنيه مصري، وشملت أعمال تصميم العرض المتحفي التي نفذتها الشركة الألمانية.

الفلسفة التصميمية والمعايير العالمية

أكد المسؤولون أن الشعار يتبع المعايير العالمية المتبعة في تصميم شعارات المتاحف الكبرى في العالم. فالمتاحف العالمية الكبرى مثل اللوفر والمتحف البريطاني ومتحف المتروبوليتان تستخدم شعارات بسيطة وغير معقدة، غالباً ما تكون مطبعية وتعتمد على مفاهيم مجردة.

Advertisement

تم تجنب استخدام العناصر البصرية المباشرة للحضارة المصرية مثل الهيروغليفية أو الأهرامات أو عين حورس، والتي اعتُبرت “رموز من المستوى الثاني” قد تكون مبتذلة أو مستهلكة في صناعة السياحة. بدلاً من ذلك، اختارت اللجنة نهجاً مجرداً يعكس الهوية المعمارية الفريدة للمتحف.

ردود الفعل والجدل المصاحب

أثار الشعار جدلاً واسعاً منذ الكشف عنه في يونيو 2018، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض. البعض رأى في الشعار حداثة وبساطة تتماشى مع الاتجاهات العالمية، بينما انتقده آخرون لعدم تعبيره بوضوح عن عراقة الحضارة المصرية.

أشار المصمم طارق عتريسي إلى أن الجدل حول الشعار كان “أكبر جدل شهده في مسيرته المهنية بالمنطقة”، مؤكداً أن النقاش حول التصميم الجرافيكي على المستوى الوطني أمر إيجابي لصناعة الإبداع في المنطقة.

رمز للمستقبل

يُعتبر شعار المتحف المصري الكبير تجسيداً لرؤية مصر المستقبلية في الحفاظ على التراث وعرضه بأساليب معاصرة. الشعار لا يقتصر على كونه مجرد رمز بصري، بل يمثل جسراً يربط بين ماضي مصر العريق ومستقبلها الطموح.

Advertisement

من خلال تصميمه المستوحى من العمارة المعاصرة والبيئة الطبيعية، يعكس الشعار كيف يمكن للحضارة المصرية أن تتجدد وتستمر في إلهام العالم، ليس فقط من خلال آثارها القديمة، بل أيضاً من خلال رؤيتها المعاصرة للحفاظ على التراث وتقديمه للأجيال القادمة.

يقف المتحف المصري الكبير اليوم كشاهد على قدرة مصر على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث يحتضن أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من الحضارة المصرية القديمة في صرح معماري حديث يطل على الأهرامات الخالدة. هذا الشعار، بخطوطه وألوانه وفلسفته التصميمية، يحكي قصة هذا التوازن الفريد بين العراقة والحداثة.