لندن ـ شهدت بريطانيا في الأيام الماضية موجة حر غير مسبوقة، جعلت درجات الحرارة تتجاوز مستوياتها المعتادة في مناطق عدة من البلاد، بل وتفوقت على درجات الحرارة المسجلة في جزيرة باربادوس الكاريبية، وفق ما أعلنته هيئة الأرصاد الجوية البريطانية (Met Office) عبر موقعها الرسمي ووسائل التواصل الاجتماعي.
سجلت محطات الأرصاد في لندن ومدن جنوب بريطانيا درجات حرارة تجاوزت 34 درجة مئوية خلال النهار، بينما وصلت بعض المناطق الريفية إلى 35 درجة مئوية، وهو ما يعد أمراً نادراً في مناخ المملكة المتحدة المعتدل، وفق ما أكدت هيئة الأرصاد في بيان رسمي يوم 29 يونيو 2025. وأضافت الهيئة أن درجات الحرارة هذه لم تُسجل في بريطانيا إلا في فترات موجات الحر الشديدة القليلة عبر التاريخ.
في المقابل، أظهرت بيانات الأرصاد في باربادوس، وهي جزيرة استوائية معروفة بمناخها الحار والرطب، أن درجات الحرارة خلال نفس الفترة لم تتجاوز 32 درجة مئوية، ما يعني أن بريطانيا أصبحت أكثر حرارة من بعض المناطق الاستوائية، وهو حدث نادر وغير معتاد، بحسب ما ذكرته شبكة “بي بي سي” في تغطية خاصة للحدث.
أصدرت هيئة الأرصاد البريطانية تحذيرات رسمية للسكان، داعية إياهم إلى تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس في أوقات الذروة، وشرب كميات كافية من المياه، وعدم ترك الأطفال أو كبار السن في السيارات، وفق ما نشرته على موقعها الرسمي. كما دعت المدارس في بعض المناطق إلى إلغاء الفعاليات الخارجية، بينما فرضت بعض المستشفيات إجراءات احترازية إضافية لمواجهة تزايد حالات الإجهاد الحراري.
أشارت تقارير صحفية إلى أن موجة الحر أدت إلى زيادة الطلب على المراوح ومكيفات الهواء، ما تسبب في ارتفاع أسعارها في بعض المتاجر، وفق ما رصده مراسلو صحيفة “ذا تلغراف” في العاصمة لندن. كما أعلنت شركات السكك الحديدية عن تباطؤ بعض القطارات وتعطيل بعض الرحلات بسبب تمدد قضبان السكك الحديدية بفعل الحرارة الشديدة.
من جهة أخرى، أكدت جمعيات حماية البيئة أن موجات الحر الشديدة أصبحت أكثر تكراراً وشدة في أوروبا، بسبب تغير المناخ وارتفاع معدلات الاحتباس الحراري، وفق ما أكدته منظمة “غرينبيس” في بيان صحفي يوم 28 يونيو 2025. ودعت المنظمات البيئية الحكومات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وتطوير بنية تحتية قادرة على مواجهة التغيرات المناخية.
أما في باربادوس، فقد أشارت وسائل إعلام محلية إلى أن السكان لاحظوا انخفاضاً نسبياً في درجات الحرارة خلال الأيام الماضية، مقارنة ببريطانيا، وهو أمر لفت انتباه علماء المناخ، الذين يرون أن ظاهرة ارتفاع الحرارة في مناطق معتدلة أكثر من المناطق الاستوائية قد تصبح أكثر شيوعاً في المستقبل، وفق ما ذكرته صحيفة “ذا باربادوس أدفوكيت” في عددها الصادر يوم 30 يونيو 2025.
أدت موجة الحر في بريطانيا إلى زيادة عدد زوار الشواطئ والحدائق العامة، حيث سجلت مناطق مثل برايتون وبورنماوث أعداداً قياسية من المصطافين، بحسب ما رصدته شبكة “سكاي نيوز”. كما انتشرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي للمواطنين وهم يستمتعون بالشمس على ضفاف الأنهار والبحيرات، بينما لجأ آخرون إلى المتنزهات المائية للهروب من الحرارة.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة البريطانية عن تشكيل غرف عمليات طوارئ لمتابعة الحالات الصحية المتعلقة بموجة الحر، وتقديم الدعم الطبي اللازم للمحتاجين، وفق ما أكدته الوزارة في بيان رسمي. كما دعت المواطنين إلى مراجعة أقاربهم من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، والتأكد من سلامتهم في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.
تتوقع هيئة الأرصاد البريطانية استمرار موجة الحر لبضعة أيام إضافية، قبل أن تعود درجات الحرارة إلى مستوياتها الطبيعية مع بداية شهر يوليو، وفق ما أعلنته في آخر تحديث لها يوم 30 يونيو 2025. ودعت الهيئة الجميع إلى اتباع إرشادات السلامة، وعدم الاستهانة بمخاطر التعرض المباشر للشمس لفترات طويلة.
في الختام، تبقى موجة الحر التي تضرب بريطانيا مؤشراً واضحاً على تأثيرات تغير المناخ، وتذكيراً بضرورة الاستعداد لمواجهة التقلبات الجوية غير المسبوقة، التي قد تصبح أكثر شيوعاً في المستقبل، وفق ما تؤكده الدراسات العلمية وتقارير المنظمات الدولية.