موجة صدمة في الأسواق وزيادة العبء على الراغبين في فقدان الوزن
شهدت أسواق أدوية التنحيف عالمياً ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار حقن “مونجارو” (Mounjaro)، مع إعلان شركات رئيسية عن رفع الأسعار بنسبة تصل إلى 170% في بعض الدول الأوروبية والخليجية، وذلك بعد زيادة الطلب بشكل انفجاري ومشاكل سلاسل الإمداد العالمية. هذا القرار الذي أعلنته شركة إيلي ليلي (Eli Lilly) المنتجة للعقار تَسبب في جدل حاد بين المرضى والأطباء وهيئات تنظيم الدواء، نظراً لاعتماد قطاع واسع من مرضى السمنة والسكري على مفعول “مونجارو” في فقدان الوزن بسرعة ودون تدخل جراحي.
تفاصيل الأسعار الجديدة في العالم والمنطقة العربية
ارتفع سعر “مونجارو” في بعض العواصم إلى مستويات قياسية:
- في دبي والإمارات، تجاوز سعر العبوة الواحدة 2,700 درهم إماراتي (4 إبر)، بعد أن كان يتراوح في الأشهر السابقة بين 1,500 و2,300 درهم.
- في مصر، بلغ سعر علبة حقن مونجارو نحو 20,000 جنيه مصري (4 وحدات)، بحسب أحدث بيانات عام 2025.
- بمتوسط خليجي، وصل السعر في عيادات متخصصة إلى أكثر من 1,800 ريال سعودي أو 1,856 ريال قطري.
أما في أوروبا والمملكة المتحدة، فقد شهدت السوق زيادة بنسبة 170% دفعة واحدة كجزء من مشكلة عالمية ناجمة عن الطلب المتزايد على أدوية السمنة مقابل ضعف المخزون والصعوبات اللوجستية لدى الشركات الموردة.
أسباب الزيادة المفاجئة في السعر
يرجع هذا الارتفاع إلى عدة أسباب متداخلة، منها:
- انفجار الطلب العالمي على أدوية السمنة والفقدان السريع للوزن، وسط موجة عالمية من الاهتمام بالصحة والرشاقة.
- مشاكل سلاسل التوريد والتوزيع الناجمة عن تداعيات أزمة المواد الخام، وزيادة تكاليف النقل والتخزين.
- التوسع في الاستخدام ليشمل فئات جديدة: فبعد اعتماده في الأساس لمرضى السكري النوع الثاني، أُقر الدواء من قبل أطباء السمنة للمساعدة في فقدان الوزن لدى المؤهلين طبيًا.
- السياسات التسعيرية للشركات العالمية التي تستغل انفجار الطلب لتحقيق أرباح ضخمة، ما تسبب في مضاعفة أسعار منتجاتها الدوائية المتخصصة إلى مستويات لا يتحملها معظم المرضى والباحثين عن حلول سريعة للسمنة.
تأثيرات موجة الغلاء
أثار الغلاء الجديد حالة من القلق والغضب وسط فئات واسعة من الراغبين في فقدان الوزن، خاصة بعد اعتمادهم خلال الأعوام الأخيرة على الحقن الدوائية بدلاً من العمليات الجراحية أو الحميات الصارمة. كما عبّر عدد من الأطباء وخبراء الصحة عن خوفهم من عزوف المرضى عن استكمال العلاج نتيجة الكلفة الباهظة، أو لجوء البعض إلى بدائل غير آمنة عبر السوق السوداء أو مواقع بلا رقابة.
ويكشف رصد ميداني لعيادات التجميل والأيض في دبي وأبوظبي عن تراجع في أعداد المقبلين الجدد للحصول على “مونجارو”، بالإضافة إلى تردد المرضى الحاليين في استكمال الجرعات لعدم قدرتهم على تحمّل النفقات في ظل غياب تغطية تأمينية واضحة لمعظم أنواع أدوية التخسيس الحديثة.
هل هناك بدائل؟
أوضح الأطباء أن “مونجارو” ليس وحده في سوق أدوية التخسيس، فهناك حقن “أوزيمبيك” و”ويجوفي” التي تحظى بشعبية واسعة، لكنها أيضاً شهدت ارتفاعاً ملحوظاً وإن كان أقل حدة. وأكدت مصادر طبية أن النتائج تتفاوت من مريض لآخر، مشددين على عدم شراء الدواء من مصادر مجهولة أو الإنترنت.
في المقابل، نصحت بعض الهيئات الصحية بالعودة لإجراءات وقائية تقليدية عبر أنماط غذائية صحية وممارسة الرياضة، أو مراجعة الأطباء لاختيار الأفضل لكل حالة مرضية.
مستقبل أسعار أدوية السمنة
توقعت أحدث التقارير البحثية أن سوق عقاقير السمنة سينمو إلى أكثر من 100 مليار دولار بحلول 2030، مع احتمال بقاء الأسعار مرتفعة نتيجة الطلب العالمي الجامح وقلة المنافسة الفورية. ورغم تعهد بعض الدول بمحاربة مظاهر الاحتكار، لا توجد في الوقت الحالي مؤشرات على عودة الأسعار لمستوياتها السابقة.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه الجدل بشأن عدالة التسعير وأحقية شركات الدواء في رفع الأسعار بهذا الشكل، يبقى المرضى والباحثون عن حلول سريعة للسمنة في مرمى تحديات مالية جديدة، وسط دعوات بتبني تنظيمات حكومية وتشريعات عادلة لضمان وصول العلاج لمن يحتاجه دون إرهاق اقتصادي أو البحث عن حلول غير آمنة.