طلق المتحف المصري بالتحرير برنامجًا تدريبيًّا صيفيًّا جديدًا يستهدف طلاب كليات الآثار والإرشاد السياحي وأقسام التاريخ من جامعات مصر المختلفة، بالتوازي مع توفير ج+-ولات إرشادية مجانية للزوار المصريين طوال الموسم. تأتي المبادرة تنفيذًا لتكليفات وزير السياحة والآثار شريف فتحي، الذي أكّد أن الاستثمار في الشباب هو الطريق الأسرع لبناء كوادر قادرة على صون التراث ودعم قطاع السياحة المتنامي.
بيئة تعليمية تفاعلية
أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن التدريب يقدّم بيئة تعليمية تفاعلية تُنمّي الانتماء الوطني وتعزّز المهارات المهنية المطلوبة في سوق العمل. وأضاف أن الوزارة ترى في المتحف منصةً تعليمية لا تقل أهمية عن الجامعات، لأن الطلاب يختبرون القطع الأثرية في موقعها الأصلي ويتعاملون مباشرةً مع تحديات الحفظ والعرض.
محاور التدريب العملية
يشمل البرنامج مهارات التوثيق، وتصنيف الآثار، وأساليب العرض الحديثة، إضافةً إلى أساسيات صيانة القطع داخل معامل الترميم، وذلك تحت إشراف أمناء آثار ومرمّمين ذوي خبرة، ما يضمن تدريبًا عمليًّا عالي الجودة. ويتيح المتحف للطلاب الدوران بين قاعات العرض والمخازن والمعامل لاكتساب خبرة شاملة، بينما يراقب الخبراء تقدم كل متدرِّب ويوجّهونه بشكل دوري.
تفاصيل البرنامج والتنفيذ
صرّح الدكتور علي عبد الحليم، مدير عام المتحف، بأن البرنامج يمتد ستة أسابيع بمتوسط خمسة أيام في الأسبوع، ويستهدف في مرحلته الأولى مئتي طالب تم اختيارهم بعد مقابلات شخصية لقياس الجدارة والحافز. وأشار إلى أن الخطة تدمج محتوى نظريًّا مكثفًا مع تطبيق ميداني مباشر، ما يعزز جاهزية الخريجين للاحتراف فور انتهاء الدراسة.
الجولات المجانية للمصريين
على صعيد المشاركة المجتمعية، يواصل فريق «أصدقاء المتحف المصري» تنظيم جولات مجانية يوميًّا للمصريين، تبدأ في العاشرة صباحًا والثانية ظهرًا، ويتناوب على تقديمها مرشدون متطوعون حصلوا على دورات خاصة في فنون التواصل وقصص القطع الأثرية. وتستهدف الجولات رفع الوعي بقيمة المجموعات المتحفية وتعميق الصلة بين الجمهور وتراثه، في وقت لا تزال فيه رسوم دخول المصريين في متناول الجميع (٣٠ جنيهًا للبالغين و١٠ جنيهات للطلاب)، طبقًا للائحة الأسعار الرسمية.
آفاق التوسع المستقبلية
يؤكد مسؤولو الوزارة أن نجاح التجربة سيقود إلى توسيعها لتشمل متاحف أخرى، مع زيادة عدد المقاعد التدريبية العام المقبل، تنفيذًا لاستراتيجية بناء القدرات البشرية التي اعتمدتها الحكومة مطلع العام. كما يتوقع القائمون على المتحف أن ينعكس البرنامج إيجابًا على تجربة الزوار، إذ يشارك بعض المتدربين في شرح القطع ضمن الجولات المجانية، ما يمنحهم فرصة حقيقية للتفاعل مع الجمهور وتنمية مهارات الإلقاء.
دعم نقابة المرشدين السياحيين
من جهتها، رحّبت نقابة المرشدين السياحيين بالمبادرة، معتبرةً إياها جسرًا مهمًّا بين التعليم وسوق العمل، خاصةً أنّها تمنح الطلاب شهادات خبرة مُعترفًا بها من المجلس الأعلى للآثار، الأمر الذي يُسهّل حصولهم على تراخيص الإرشاد لاحقًا.
خطط تدريب إضافية
أشار فتحي إلى أن الوزارة تدرس إدراج وحدات تدريبية جديدة حول إدارة المخاطر الطارئة داخل المتاحف وأسس التسويق السياحي الرقمي، استجابةً للتغيرات المتسارعة في الصناعة. وشدّد على أنّ البرامج المستقبلية ستتبنّى نهجًا شاملاً يجمع بين الحفاظ على التراث وتنشيط السياحة الداخلية، بهدف مضاعفة عدد الزيارات المحلية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
إجراءات التقديم للدورة الثانية
تستمر إدارة المتحف في استقبال طلبات الدفعة الثانية حتى منتصف أغسطس، عبر بوابة وزارة السياحة والآثار الإلكترونية أو مباشرةً لدى مكتب العلاقات العامة بالمتحف، مع ضرورة إرفاق خطاب قيد جامعي وسيرة ذاتية مختصرة. يحصل المقبولون على زيٍّ ميداني وبطاقات تعريفية، بينما يتحمل المتحف نفقات التأمين ضد الإصابات خلال فترة التدريب.
دور المتحف في حفظ الهوية الثقافية
يُذكر أن المتحف المصري بالتحرير، الذي تأسس عام ١٩٠٢ ويضم أكبر مجموعة من الآثار الفرعونية في العالم، يواصل أداء دورٍ محوريٍّ في حفظ الهوية الثقافية لمصر، ويستقبل سنويًّا مئات الآلاف من الزوار من مختلف الجنسيات. وتأتي المبادرة الحالية لتُذكّر بدوره كمؤسسة تعليمية حيّة، لا تقتصر مهمتها على العرض فقط، بل تمتد إلى بناء جيل جديد من حماة التراث ومروّجيه.
