وافقت محكمة منطقة سول المركزية، أمس الثلاثاء، على طلب المستشار الخاص مين جونغ كي بإصدار مذكرة اعتقال ضد السيدة الأولى السابقة كيم كيون هي بتهم متعددة تشمل التلاعب بأسعار الأسهم والرشوة واستغلال النفوذ. القرار التاريخي يضع كوريا الجنوبية في موقف لم تشهده من قبل، حيث يجد نفسه كل من الرئيس السابق وزوجته خلف القضبان في الوقت ذاته.
تعد كيم، البالغة من العمر 52 عاماً، أول سيدة أولى سابقة في تاريخ كوريا الجنوبية تواجه الاعتقال. السيدة الأولى السابقة تنضم الآن إلى زوجها الرئيس السابق يون سوك يول، الذي يقبع في السجن منذ 10 يوليو الماضي، بعد فشل محاولته فرض الأحكام العرفية في ديسمبر 2024.
تفاصيل التهم الموجهة والأدلة المقدمة
كشفت وثائق المستشار الخاص عن أن كيم حققت أرباحاً قدرها 811 مليون وون (نحو 590 ألف دولار) من خلال التلاعب بأسعار أسهم شركة “دويتش موتورز”، وكيل سيارات BMW في كوريا الجنوبية، بين عامي 2009 و2012. قدم فريق الادعاء مذكرة من 848 صفحة توضح “الأعمال غير القانونية” المنسوبة إلى السيدة الأولى السابقة.
تشمل التهم الأخرى الموجهة إليها التدخل في ترشيحات مرشحين حزب “قوة الشعب” المحافظ للانتخابات البرلمانية التكميلية عام 2022 والانتخابات العامة عام 2024. هذا التدخل تم بناءً على طلب من الوسيط الانتخابي ميونغ تاي كيون، الذي يواجه اتهامات بإجراء استطلاعات رأي مجانية لصالح يون باستخدام بيانات مزيفة.
فضائح الهدايا الفاخرة والمجوهرات
أثارت كيم جدلاً واسعاً عندما ظهرت في قمة الناتو عام 2022 وهي ترتدي قلادة من علامة Van Cleef & Arpels بقيمة تقدر بـ 60 مليون وون (43 ألف دولار). ادعت كيم أمام المحققين أن القطعة مقلدة اشترتها من هونغ كونغ قبل 20 عاماً، لكن التحقيقات أكدت أنها أصلية. القلادة لم تُدرج في الإقرارات المالية الإلزامية للزوجين الرئاسيين.
كما تواجه كيم تهماً بتلقي حقيبتي شانيل بقيمة 20 مليون وون وعقد ماسي من “كنيسة التوحيد” عبر وسيطة روحانية مقابل تقديم امتيازات تجارية للكنيسة. القضية المشهورة بـ”فضيحة حقيبة ديور” في نوفمبر 2022، حين صور قس يساري نفسه وهو يقدم لها حقيبة بقيمة 3200 دولار في منزلها بسول، أعادت إشعال الانتقادات ضدها.
السياق السياسي وإعلان الأحكام العرفية
لعبت الاتهامات المحيطة بكيم دوراً في تراجع شعبية زوجها ووفرت ذخيرة سياسية لخصومه. خلال فترة رئاسته، استخدم يون حق النقض ثلاث مرات ضد مشاريع قوانين أقرها البرلمان المعارض تهدف للتحقيق في الاتهامات الموجهة ضد زوجته، وكان آخر استخدام لحق النقض في أواخر نوفمبر 2024.
بعد أسبوع واحد من النقض الأخير، فاجأ يون البلاد والعالم بإعلان الأحكام العرفية في 3 ديسمبر 2024 الساعة 22:27 بالتوقيت المحلي. اتهم المعارضة بكونها “قوى معادية للدولة” تتعاون مع “الشيوعيين الكوريين الشماليين”. لكن البرلمان سرعان ما رفض الأحكام العرفية بأغلبية 190 نائباً في جلسة طارئة في الساعات الأولى من 4 ديسمبر.
مسار التحقيقات والاعتقال
استجوب فريق المستشار الخاص مين جونغ كي كيم لمدة سبع ساعات في 6 أغسطس قبل أن يطلب مذكرة اعتقالها في اليوم التالي. خلال مثولها أمام المحققين، قالت كيم: “أشعر بأسف شديد لأن شخصاً غير مهم مثلي تسبب بقلق الناس، سأتعاون بإخلاص مع التحقيق”.
حضرت كيم جلسة استماع استمرت أربع ساعات في محكمة منطقة سول المركزية يوم الثلاثاء، حيث أنكرت جميع التهم الموجهة إليها. أقرت المحكمة بالمذكرة قبل منتصف الليل بقليل، مشيرة إلى مخاوف من إتلافها للأدلة والتدخل في التحقيق.
الوضع الحالي والتطورات المتوقعة
تُحتجز كيم حالياً في مركز احتجاز سول الجنوبي في منطقة غورو، منفصلة عن المنشأة التي يُحتجز فيها زوجها في أوي وانغ. طلب فريق المستشار الخاص الاحتجاز في مراكز منفصلة بناءً على طلب من إدارة مركز احتجاز سول.
من المقرر أن تخضع كيم لاستجواب إضافي يوم الخميس في مكاتب المستشار الخاص في مبنى KT غوانغ هوا مون الغربي وسط سول. يمكن للمحققين احتجازها لمدة تصل إلى 20 يوماً قبل تقديم اتهامات رسمية، وقد تبقى محتجزة لمدة تصل إلى ستة أشهر إذا تم توجيه الاتهام.
يحقق فريق المستشار الخاص في 16 قضية جنائية مرتبطة بكيم، بما في ذلك شبهات تغيير نقطة نهاية مشروع طريق سريع لصالح أراضي تملكها العائلة، وحصول العائلة على معاملة تفضيلية في مشاريع إسكان. هذه السابقة التاريخية تضع كوريا الجنوبية أمام تحدٍ جديد في مواجهة الفساد على أعلى مستويات الدولة، في وقت تسعى فيه الحكومة الليبرالية الجديدة بقيادة الرئيس لي جاي ميونغ لإجراء تحقيقات شاملة في إدارة يون السابقة.
