حثّت منظمة أطباء بلا حدود الدول، في نداء عاجل، على فتح أبوابها أمام عشرات الآلاف من سكان قطاع غزة الذين يحتاجون إلى الإجلاء الطبي بشكل ملح، محذّرة من أنّ مئات المرضى توفوا بالفعل أثناء انتظار نقلهم للعلاج خارج القطاع، وذلك في تصريحات صدرت من مقر المنظمة في جنيف مطلع ديسمبر 2025.
أوضح منسق عمليات الإجلاء الطبي من غزة في منظمة أطباء بلا حدود، هاني إسليم، أن عدد الحالات التي استقبلتها الدول حتى الآن لا يمثل سوى نسبة ضئيلة جدا مقارنة بحجم الحاجة الفعلية داخل القطاع.
وتستند المنظمة إلى تقديرات منظمة الصحة العالمية التي تشير إلى إجلاء أكثر من 8 آلاف مريض من غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، في حين لا يزال أكثر من 16,500 مريض مسجّلين على قوائم الانتظار للحصول على علاج خارج القطاع، مع تأكيدات بأن العدد الحقيقي أعلى بكثير من الأرقام الرسمية.
تشير شهادات أطباء بلا حدود إلى أنّ وتيرة الإجلاء الطبي تراجعت بشكل واضح خلال العام الجاري، خاصة بعد إغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر، ما قلّص عدد المرضى الذين يغادرون من نحو 1500 حالة شهريا إلى حوالى 70 حالة فقط في المتوسط.
وتحذّر المنظمة من أن هذا التباطؤ يتزامن مع تدهور مستمر في الوضع الصحي والإنساني في غزة، الأمر الذي يزيد من عدد الحالات الحرجة التي لا يمكن علاجها داخل القطاع بسبب تدمير البنية التحتية الطبية ونقص المعدات والأدوية والتجهيزات المتقدمة.
أنواع الحالات التي تحتاج الإجلاء
تبيّن بيانات أطباء بلا حدود ومنظمة الصحة العالمية أن المرضى الذين ينتظرون الإجلاء يشملون مصابي صدمات شديدة نتيجة القصف وإطلاق النار، إضافة إلى مرضى السرطان وأمراض القلب والفشل الكلوي وغيرهم من أصحاب الأمراض المزمنة والخطرة الذين تتطلب حالاتهم رعاية متخصصة غير متوفرة حاليا في غزة.
وفي إحدى الدفعات الأخيرة، رافق طاقم أطباء بلا حدود مجموعة من الأطفال من غزة إلى سويسرا لتلقي العلاج، بينهم رُضّع وأطفال مصابون بأمراض قلب خلقية وسرطان ويحتاج بعضهم إلى جراحات عظام معقدة، في إشارة إلى خطورة الحالات التي لا يمكن تأجيل علاجها.
تكشف مذكرات المناصرة الصادرة عن أطباء بلا حدود أن مئات المرضى توفوا خلال العامين الأخيرين وهم على قوائم انتظار الإجلاء، إذ تشير بيانات الفترة بين منتصف 2024 وأغسطس 2025 إلى وفاة ما لا يقل عن 740 مريضا، بينهم أكثر من 130 طفلا، قبل تمكنهم من مغادرة القطاع للعلاج.
وتحذّر المنظمة من أن استمرار القيود على الحركة وإغلاق المعابر يعني عملياً الحكم على مزيد من المرضى بالموت البطيء، في ظل عجز المنظومة الصحية المحلية عن توفير الرعاية المتقدمة المطلوبة للحالات المعقدة.
توجّه أطباء بلا حدود نداءً مباشراً إلى الحكومات لزيادة أعداد المرضى الذين تستقبلهم للعلاج، وتدعو إلى تقاسم المسؤولية بين الدول وعدم ترك عبء الإجلاء الطبي محصوراً في عدد محدود من البلدان التي تستقبل الجزء الأكبر من الحالات حاليا.
كما تشدد المنظمة على ضرورة استخدام الدول لنفوذها الدبلوماسي من أجل ضمان عدم عرقلة عمليات الإجلاء من جانب السلطات الإسرائيلية، وتوفير ممرات آمنة ومستدامة لنقل المرضى ومن يرافقهم، باعتبار ذلك شريان حياة لا بديل عنه في ظل الانهيار شبه الكامل للنظام الصحي في غزة.




