الجلوكوما… القاتل الصامت يطفئ نور العيون تحت الحصار

تقارير صادمة عن فقدان البصر بين أطفال غزة وسط القصف وانهيار الرعاية الصحية، مع تفاقم الجلوكوما وسوء التغذية.

فريق التحرير
فريق التحرير

ملخص المقال

إنتاج AI

يسلط المقال الضوء على تفاقم حالات الجلوكوما، أو المياه الزرقاء، بين الأطفال في غزة بسبب الحرب والحصار. تتسبب الإصابات ونقص العلاج وسوء التغذية في ارتفاع حالات فقدان البصر، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا للفحص والعلاج.

النقاط الأساسية

  • الجلوكوما تتفاقم في غزة بسبب الإصابات ونقص العلاج وانهيار الخدمات الصحية.
  • مستشفى العيون في غزة يسجل ارتفاعًا في حالات فقدان البصر بسبب نقص الإمكانيات.
  • يوصي الأطباء بتوفير أجهزة قياس ضغط العين وتفعيل عيادات متنقلة لحماية عيون الأطفال.

لا تقف معاناة أطفال غزة عند حدود الإصابات المباشرة ونقص العلاج الحاد، بل تمتد إلى أمراض عيون مزمنة تتفاقم بصمت مثل الجلوكوما، أو المياه الزرقاء، التي تُعرف طبيًا بالقاتل الصامت للبصر لأنها قد تتطور دون ألم أو أعراض واضحة حتى مراحل متقدمة، خصوصًا عندما تنعدم الفحوص الدورية والقدرة على الوصول إلى العلاج الوقائي والجراحي في بيئة حرب وحصار. وتفيد تقارير طبية محلية بأن موجة الإصابات العينية الحادة ونقص التجهيزات أدت إلى ارتفاع حالات فقدان البصر الكلي والجزئي، ما يجعل اكتشاف الجلوكوما ومتابعتها أكثر صعوبة، إذ تُهمل الحالات المزمنة لصالح إنقاذ الإصابات الحرجة، فتتدهور رؤيا الأطفال تدريجيًا حتى العمى الدائم.

كيف تتفاقم الجلوكوما في بيئة حرب؟

تتداخل عوامل متعددة تزيد خطر الجلوكوما لدى الأطفال في غزة، أهمها إصابات العين بالشظايا والرضوض التي قد ترفع ضغط العين الداخلي، والتهابات ما بعد الجروح التي تُحدث تليفات في زوايا العين ومسارات تصريف السائل، إضافة إلى استخدام أدوية الكورتيزون بشكل عشوائي في ظروف نقص الإرشاد الطبي، وهي جميعًا معروفة طبيًا بأنها ترفع احتمالات الجلوكوما الثانوي عند الصغار. ويؤدي الانهيار شبه الكامل في خدمات العيون الدقيقة إلى غياب القياس الدوري لضغط العين وفحوص العصب البصري والحقول البصرية، وهي أدوات أساسية لتشخيص الجلوكوما مبكرًا قبل فوات الأوان، فيما يقرّ الأطباء بنقص شديد في المواد والأجهزة اللازمة لهذه التقييمات نتيجة الحصار ونقص الوقود وسلاسل الإمداد. يفاقم سوء التغذية الحاد ونقص فيتامين A هشاشة صحة العين عمومًا، ويزيد القابلية لمضاعفات التهابات القرنية والملتحمة التي قد تُربك الصورة السريرية وتؤخر تشخيص الجلوكوما لدى الطفل، ضمن حلقة جوع ومرض تحذر الأمم المتحدة من آثارها طويلة الأمد على البصر والنمو العصبي.

مؤشرات ميدانية وأرقام مقلقة

أبلغ مستشفى العيون في غزة عن قفزات مفاجئة في أعداد من فقدوا البصر كليًا أو جزئيًا خلال أسابيع، مدفوعة بانفجارات وإصابات ونقص أدوات الجراحة الدقيقة، ما يخلق “جبلًا خفيًا” من الحالات المزمنة غير المشخّصة، ومنها الجلوكوما عند الأطفال الذين يحتاجون متابعة متواصلة وقطرات لخفض الضغط أو جراحات تصريف عند اللزوم. وتظهر تغطيات ميدانية ومنصات أممية أرقامًا صادمة لفقدان البصر مع انهيار الرعاية الصحية، فيما تُسجل آلاف الإصابات بين الأطفال نتيجة القصف والشظايا، وتتزايد التحذيرات من إعاقات دائمة و”ندوب خفية” نفسية وعصبية ستلازم هذا الجيل ما لم تتوفر رعاية تخصصية عاجلة، بما في ذلك برامج فحص مبكر للجلوكوما وإعادة التأهيل البصري.

Advertisement

ما الذي يلزم الآن لحماية عيون الأطفال؟

يوصي اختصاصيو العيون بإجراءات واقعية قابلة للتنفيذ في الطوارئ: إدراج قياس ضغط العين ضمن حزم الفحص القياسي في عيادات الطوارئ والمخيمات، وتوفير أجهزة قياس محمولة وقطرات خافضة للضغط ضمن قوائم الإمداد الأساسية للأطفال المعرضين لخطر الجلوكوما ما بعد الرضوض والالتهابات. كما يدعون إلى تفعيل عيادات عيون متنقلة مزودة بأدوات تصوير العصب البصري والقرنية، وتوسيع مسارات الإجلاء الطبي للحالات التي تحتاج جراحات تصريف أو تدخلات ليزر غير متاحة في الداخل، بالتوازي مع تدريب الكوادر الأولية على التعرّف إلى علامات الإنذار، مثل رهاب الضوء، دمعان مستمر، توسع القرنية، أو شكوى الطفل من “ضباب” بصري متصاعد. وتشدد وكالات أممية على أن إنقاذ البصر يتطلب وصولًا غير مقيد للمساعدات الطبية، والكهرباء والوقود لتشغيل غرف العمليات، وإلا فإن ما يمكن إنقاذه اليوم قد يتحول إلى عجز دائم غدًا، مع تزايد وفيات الجوع وسوء التغذية التي تضرب صحة العين أساسًا.

نداء عاجل: أوقفوا العمى الصامت

بين قصف ينهش العيون ومرضٍ مزمن يتسلل بصمت، يقف أطفال غزة على حافة ظلام مزدوج، لا يبدده سوى وقف فوري لإطلاق النار، وممرات إنسانية تضمن الغذاء والدواء والرعاية التخصصية، وبرامج عاجلة للفحص والعلاج المبكر للجلوكوما والإصابات العينية. إن حماية بصر الأطفال ليست ترفًا طبيًا بل حقًا إنسانيًا، وتجاهل “القاتل الصامت” في بيئة حرب يعني خسارة نور العيون إلى الأبد، بينما ما يزال بالإمكان إنقاذه بتدخل سريع ومُنسّق يضع صحة عيون الصغار في صدارة الأولويات الإنسانية.