تستعد دبي لاستقبال مفهوم جديد ثوري في عالم التصوير، يهدف إلى وضع الكاميرا والتحكم الإبداعي بالكامل في أيدي المستخدمين. استوديو “سيلف سبيس” (Self.space) الذي يصفه مؤسساه بأنه أول استوديو في دولة الإمارات العربية المتحدة مدعوم بتقنية الذكاء الاصطناعي للتصوير الذاتي، سيفتح موقعه الرئيسي في منطقة القوز في سبتمبر المقبل.
مفهوم التصوير الذاتي الآمن
يعتمد الاستوديو الجديد على تقنية متطورة تضمن الخصوصية التامة للمستخدمين، حيث يوفر غرفة مختومة ومعزولة صوتياً يمكن للأفراد فيها التقاط صور بجودة الاستوديو دون وجود مصور محترف. يستخدم النظام مرآة ذكية وكاميرا بمواصفات سينمائية مع تقنية الذكاء الاصطناعي لتوجيه الأفراد عبر جلسة تصوير ذاتية، مع تحسين تلقائي للصور وتسليم آمن عبر رابط خاص.
يقول ميتيا مورافيف، مؤسس ورئيس تنفيذي لشركة سيلف سبيس: “غالباً ما يشعر الناس بعدم الراحة في جلسات التصوير التقليدية؛ البيئة، والمصور، والضغط للظهور بطريقة معينة. أردنا إزالة ذلك. هدفنا هو إنشاء مساحة يمكن للناس أن يكونوا فيها على طبيعتهم ويروا ذلك منعكساً عليهم”.
التقنية والأمان
وفقاً لبيتر بوندارينكو، المؤسس المشارك ومدير المنتج الرئيسي، يعتمد النظام على كاميرات مدمجة وتقنية الذكاء الاصطناعي لتمييز ملامح الوجه ولون البشرة، وتطبيق تحسينات دقيقة في الوقت الفعلي مثل تصحيح الألوان وتنعيم البشرة دون تغيير الملامح الطبيعية. يتم تخزين الصور في معارض مشفرة خاصة بكل مستخدم، ويمكن الوصول إليها فقط عبر رموز مرور لمرة واحدة ترسل إلى هاتف المستخدم.
تتم معالجة البيانات بالكامل في بيئة سحابية خاصة، مما يضمن بقاء بيانات المستخدم آمنة ومعزولة. وفقاً للفريق، لا يتم تخزين أي بيانات شخصية عدا آلية الوصول للمعرض.
اختبار المفهوم والنجاح المبكر
تم اختبار المفهوم لأول مرة في قمة الإعلام العربي عام 2024، حيث وقفت مئات النساء في طوابير لتجربة الخدمة وفقاً لتصريحات المؤسسين. يقول مورافيف: “كثيرات قلن إنها المرة الأولى التي استمتعن فيها حقاً بجلسة تصوير”.
منذ ذلك الحين، خدم الاستوديو أكثر من 4000 مستخدم في إطلاقات تجريبية محدودة وفقاً لتقارير الشركة. يركز الاستوديو على مساعدة المستخدمين العاديين على الشعور براحة أكبر أمام الكاميرا، رغم أنه قد يجذب أيضاً المؤثرين والمحترفين الباحثين عن صور شخصية مهنية.
التركيز على الثقافة المحلية
نشأ المفهوم من ملاحظة شائعة مفادها أن الناس غالباً ما يرفضون الصور ليس بسبب المظهر، بل بسبب عدم الراحة أو القلق أثناء الجلسة. يعتقد المؤسسان أن هذا التحدي واضح بشكل خاص في المجتمعات التي تقدر الحياء والخصوصية بعمق.
تستهدف الخدمة بشكل خاص النساء في المنطقة العربية، حيث تعتبر الخصوصية والحياء ليس مجرد تفضيلات بل مبادئ دينية ومعاشة. يشدد الفريق على أن الغرض ليس بيع الصور بل بيع لحظة من “الملكية الذاتية الجذرية”.
الموقع والتوسع المستقبلي
سيقع الاستوديو الرئيسي في منطقة القوز، وهي منطقة صناعية وإبداعية مشهورة في دبي. منطقة القوز معروفة بكونها مركزاً ثقافياً نابضاً، وتضم العديد من صالات الفن المعاصر ومساحات الأداء ومراكز الترفيه العائلي.
يتطلع الفريق إلى توسيع المفهوم عبر منطقة الخليج، مع خطط لفتح استوديوهات في أبوظبي والشارقة والدوحة والرياض العام المقبل. يهدف المؤسسان إلى جعل التصوير الذاتي الآمن والخاص أمراً عادياً مثل زيارة المنتجع الصحي.
الأمان والخصوصية كأولوية
في عصر تزايد المخاوف من انتهاك الخصوصية عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يركز استوديو سيلف سبيس على بناء الثقة من خلال معايير الأمان الصارمة. يعمل النظام على حلقة مغلقة مصممة من الصفر، حيث تتم كتابة كل إطار ملتقط على محرك أقراص مشفر ومختوم برمز مرور لمرة واحدة لا يستطيع حتى الفريق تجاوزه.
تدير الشركة نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها داخلياً بدلاً من الاعتماد على واجهات برمجة تطبيقات خارجية جاهزة. النموذج مدرب حصرياً على الصور الذاتية، مما يمكنه من التعامل بدقة مع التحسينات دون المساس بالخصائص الفريدة لكل وجه.
نموذج الأعمال والهدف
يركز المؤسسان على أن المنتج يهدف إلى تعزيز الثقة بالنفس وليس مجرد التصوير. رغم أن الخدمة قد تجذب المؤثرين والمحترفين، إلا أن التركيز الأساسي يبقى على مساعدة المستخدمين العاديين على الشعور بالراحة أمام الكاميرا.
يمثل هذا المفهوم خطوة مهمة في تطوير تقنيات التصوير التي تحترم الثقافة والخصوصية المحلية، مما يجعل دبي في المقدمة مرة أخرى كمركز للابتكار التقني في المنطقة.