في ربيع عام 2007، وبينما كانت دبي تشهد نهضة عمرانية لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً، اجتمع في مكاتب إعمار العقارية بمنطقة وسط مدينة دبي عدد من كبار المسؤولين لمناقشة مشروع طموح: إنشاء ذراع ضيافة تحمل اسم المجموعة وتعكس فلسفتها في تطوير أنماط حياة متكاملة. لم تكن الفكرة وليدة اللحظة، بل كانت استكمالاً طبيعياً لرؤية محمد العبار في خلق مجمّعات عمرانية لا تقتصر على السكن، بل تشمل الترفيه والضيافة والتجارة.
إن فهم نشأة إعمار للضيافة يستلزم العودة إلى السياق الاقتصادي والسياحي الذي شهدته الإمارات في بداية الألفية الثالثة. كانت دبي تسعى لترسيخ مكانتها كمركز مالي وسياحي عالمي، وكانت الحكومة قد وضعت استراتيجيات طموحة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط. في هذه البيئة المحفّزة، بدت الحاجة ملحّة لعلامات فندقية محلية قادرة على منافسة أرقى العلامات العالمية.
ما ميّز إعمار للضيافة منذ البداية هو الربط الوثيق بين مشاريع التطوير العقاري والخدمات الفندقية. فبدلاً من الاكتفاء ببيع الوحدات السكنية والتجارية، سعت المجموعة إلى خلق نظم بيئية متكاملة تجمع بين السكن والعمل والترفيه والإقامة الفندقية. هذا النهج، الذي أطلق عليه العبار “تطوير بيئة عيش جذابة متكاملة”، سيصبح لاحقاً السمة المميزة لجميع مشاريع إعمار للضيافة.
أكثر من مجرد ضيافة

تقوم فلسفة إعمار للضيافة على مبدأ أساسي يتجاوز تقديم الخدمات الفندقية التقليدية إلى ابتكار “تجارب حياة متكاملة”. هذه الفلسفة تنطلق من فهم عميق لتطلعات المسافر المعاصر، الذي لم يعد يبحث عن مكان للنوم فحسب، بل عن تجربة تثري حياته وتترك أثراً إيجابياً في ذاكرته.
منذ تأسيسها، هدفت المجموعة إلى إطلاق علامات فندقية محلية لا تقلّ نجاحاً عن أكثر نظيراتها العالمية رقياً وتفرّداً.هذا الطموح لم يكن مجرد شعار تسويقي، بل انعكس في كل التفاصيل، من اختيار المواقع الاستراتيجية في أرقى أحياء دبي والمدن العالمية، إلى تصميم المساحات الداخلية والخارجية، وصولاً إلى مستوى الخدمة المقدمة للضيوف.
إن إحدى السمات المميزة لفلسفة إعمار للضيافة هي التركيز على وضع الضيوف في المقام الأول من خلال تقنيات مبتكرة. هذا التوجه دفع المجموعة لتكون رائدة في التحول الرقمي، حيث أطلقت خمسة تطبيقات إلكترونية متخصصة – وهي سابقة في قطاع الضيافة العالمي. هذه التطبيقات تتيح للضيوف تجربة رقمية سلسة من لحظة الحجز حتى المغادرة، ما يعكس التزام المجموعة بالابتكار والتميز.
تدير إعمار للضيافة اليوم خمس علامات تجارية متميزة، كل منها موجهة لشريحة معينة من المسافرين ولكنها جميعاً تحمل طابع التميز والجودة العالية.
العنوان للفنادق والمنتجعات تمثل الذراع الفاخرة للمجموعة، وهي العلامة التي انطلقت بها إعمار للضيافة في مسيرتها. تتميز هذه العلامة بالجمع بين الأسلوب المعاصر ولمسة من الأناقة الكلاسيكية، وتركز على المواقع الاستراتيجية في قلب المدن ووسط المعالم الأيقونية. ففندق العنوان وسط المدينة، على سبيل المثال، يوفر إطلالات مباشرة على برج خليفة ونافورة دبي، بينما يقع العنوان دبي مول على بعد خطوات من أكثر مراكز التسوق زيارة في العالم.
فيدا للفنادق والمنتجعات تستهدف فئة مختلفة، إذ تصف نفسها بـ”مراكز مجمعيّة راقية تتيح لأصحاب العقول الريادية والفنية التواصل والإبداع والاسترخاء واستعادة الطاقة”. هذه العلامة تركز على خلق بيئة محفزة للإبداع والابتكار، وتجذب روّاد الأعمال والفنانين والمفكرين. مواقع فيدا، مثل فيدا دبي مول وفيدا كريك هاربر، تم اختيارها بعناية لتكون قريبة من مراكز الأعمال والمناطق الثقافية.
روڤ للفنادق تمثل نهجاً جديداً في الضيافة المتوسطة، فهي تضيف لمسةً نابضةً وعصريةً على تجربة الفنادق التقليدية. تستهدف هذه العلامة المسافر العصري الذي يبحث عن الأناقة، والراحة، والقيمة. فنادق روڤ تتميز بتصاميمها العصرية النابضة بالحياة ومساحاتها التي تركز على المجمّع، وتقع في مواقع استراتيجية مثل وسط مدينة دبي ومرسى دبي.
أرماني للفنادق والمنتجعات تجمع بين الذوق الاستثنائي لجورجيو أرماني والخبرة التنموية لمجموعة إعمار للضيافة. هذه الشراكة الاستثنائية أنتجت علامة تجارية فريدة تجسد الأناقة الإيطالية في أرقى البيئات.
بالاس للفنادق والمنتجعات تستلهم من البيئة المحيطة، وتقدم تفسيرات رفيعة للثقافات المحلية، ما يخلق تجارب ضيافة أصيلة ومميزة.
معالم تعيد تعريف الضيافة

لعل أبرز ما يميز إعمار للضيافة هو قدرتها على تطوير مشاريع فندقية تتحول إلى معالم سياحية بحد ذاتها. ففندق العنوان وسط المدينة، الذي يقع في قلب منطقة وسط مدينة دبي، ليس مجرد فندق بل جزءاً لا يتجزأ من المشهد الحضري لدبي. موقعه الاستراتيجي وتصميمه المعماري المميز جعلاه وجهة مفضلة للمسافرين الباحثين عن تجربة دبي الأصيلة.
فندق أرماني دبي، الذي يشغل عدة طوابق من برج خليفة، يمثل نموذجاً فريداً في عالم الضيافة الفاخرة. هذا المشروع لا يقتصر على تقديم الإقامة الفندقية، بل يوفر تجربة حياة متكاملة تجمع بين الأناقة الإيطالية والحداثة الإماراتية.
مشروع فيدا تلال الإمارات يعكس فهماً عميقاً لاحتياجات المسافر المعاصر، إذ يقع بالقرب من نادي الإمارات للجولف، ما يجعله مثالياً لعشّاق الجولف وملاذاً هادئاً لمن يبحثون عن الاسترخاء. التصميم الداخلي للفندق يعكس فلسفة فيدا في إيجاد مساحات محفزة للإبداع والتفاعل الاجتماعي.
روڤ وسط المدينة يمثل نهجاً جديداً في الضيافة المتوسطة، حيث يوفر نقطة الانطلاق المثالية للمتطلعين لاستكشاف مدينة دبي الخلابة. موقعه على عتبة وسط مدينة دبي، وعلى بعد خطوات من برج خليفة ودبي مول يجعله خياراً مثالياً للمسافرين الباحثين عن القيمة والموقع المتميز.
نمو مستمر في بيئة تنافسية
شهدت إعمار للضيافة نمواً مطرداً في العامين الماضيين، ما يعكس قوة موقعها في السوق وفعالية استراتيجيتها. في النصف الأول من عام 2025، سجلت قطاعات الضيافة والتسلية والترفيه في إعمار إيرادات بلغت 2.1 مليار درهم، مقارنة بـ1.8 مليار درهم في الفترة نفسها من العام السابق. هذا النمو البالغ أكثر من10% يأتي رغم البيئة التنافسية الشديدة في قطاع الضيافة الإماراتي.
بلغ معدل الإشغال في فنادق إعمار بالدولة 80% في النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ78% في الفترة ذاتها من العام السابق. هذا الأداء يتماشى مع الاتجاه العام لقطاع الضيافة في دبي، حيث بلغ متوسط معدل إشغال الفنادق في الإمارة 80.6% خلال النصف الأول من 2025، مما يعكس قوة العلامات الفندقية لإعمار وقدرتها على مواكبة الأداء القوي للسوق في بيئة شديدة التنافس.
أضافت المجموعة في النصف الأول من عام 2025 فندقين جديدين يضمان أكثر من 600 غرفة، ما يوضح استمرار خطط التوسع رغم تحديات السوق، وهو ما يأتي في إطار استراتيجية المجموعة الرامية إلى الوصول لأكثر من 50 مشروعاً فندقياً قيد التشغيل أو التطوير.
تساهم محفظة مراكز التسوق، والضيافة، والتسلية، والترفيه، والتأجير التجاري بنسبة 40% من إجمالي أرباح إعمار قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك، الأمر الذي يؤكد الأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع في نموذج أعمال المجموعة. هذه المساهمة المستقرة توفر تدفقاً نقدياً منتظماً يدعم أنشطة التطوير الأخرى للمجموعة.
قراءة في المستقبل
تقف إعمار للضيافة اليوم عند مفترق طرق مهم في تاريخها. فمن جهة، نجحت في ترسيخ مكانتها كواحدة من أبرز مجموعات الضيافة في المنطقة، بمحفظة تضم أكثر من 50 مشروعاً وعلامات تجارية معترف بها دولياً. ومن جهة أخرى، تواجه تحديات جديدة تتطلب قدرة على التكيف والابتكار المستمر.
الأرقام المالية للنصف الأول من 2025 تشير إلى نجاح نموذج الأعمال الذي تتبناه المجموعة وقدرتها على تحقيق النمو في بيئة تنافسية. النمو في الإيرادات وارتفاع معدلات الإشغال وإضافة مشاريع جديدة، كلها مؤشرات إيجابية تعكس قوة موقف المجموعة في السوق.
التحول الرقمي والاستدامة سيكونان محورين أساسيين في استراتيجية المجموعة المستقبلية. الاستثمار في التطبيقات الإلكترونية والتقنيات الذكية لا يهدف فقط إلى تحسين تجربة الضيف، بل إلى إعادة تعريف مفهوم الضيافة في العصر الرقمي. وبالمثل، فإن التزام المجموعة بالاستدامة ليس مجرد استجابة لضغوط السوق، بل جزءاً من رؤية طويلة المدى لبناء قطاع ضيافة مسؤول ومستدام.
التوسع الدولي سيكون اختباراً حقيقياً لقدرة المجموعة على نقل نجاحها إلى أسواق جديدة. النجاح في هذا المسعى سيتطلب فهماً عميقاً للثقافات المحلية والقدرة على تكييف النموذج التجاري مع خصوصيات كل سوق، وهما مقوّمان أثبتت المجموعة نجاحها في توظيفهما ضمن أسواقها الحالية.
تبقى إعمار للضيافة قصة نجاح إماراتية تجسد القدرة على بناء علامات تجارية عالمية المستوى انطلاقاً من رؤية محلية واضحة. والسؤال المطروح اليوم ليس عن قدرة المجموعة على المنافسة، بل عن قدرتها على مواصلة الريادة والابتكار في صناعة تشهد تحولات جذرية وسريعة.