كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن طائرة مستأجرة من قبل السلطات الأمريكية غادرت ولاية أريزونا وعلى متنها ما يقارب 50 راكباً من جنسيات مختلفة، معظمهم إيرانيون وعرب، متجهة إلى مصر والكويت كمحطتين ترانزيت قبل وصول بعض المرحّلين إلى إيران.
وقال مسؤولون إيرانيون إن الرحلة تأتي ضمن آلية ترحيل جديدة اتفقت عليها واشنطن وطهران، بعد عقود من غياب العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عام 1979.
اتفاق أمريكي–إيراني نادر
بحسب المصادر نفسها، تم التوصل إلى ترتيب خاص يتيح تسيير رحلات مباشرة أو شبه مباشرة إلى إيران لإعادة مواطنيها غير النظاميين والمحتجزين المهددين بالترحيل، ويبلغ عددهم نحو 2000 شخص.
ويهدف الاتفاق إلى استبدال عمليات الترحيل الفردية على متن رحلات تجارية بعمليات جماعية ومنظمة باستخدام طائرات مستأجرة، وهو ما تعتبره طهران “إنجازاً دبلوماسياً وإنسانياً” بعد انقطاع التنسيق لسنوات طويلة.
طهران: “استقبلنا 55 شخصاً”
أكد مجتبى شاستي كريمي، مدير الخدمات القنصلية في وزارة الخارجية الإيرانية، أن بلاده تتوقع استقبال نحو 55 مرحلاً من الرحلة الأخيرة، مشيراً إلى أن العديد منهم اختار العودة طوعاً بسبب ما وصفه بـ”السياسات العنصرية والمعادية للهجرة” في الولايات المتحدة.
كما أضاف أن الوزارة تلقت شكاوى عن معاملة غير إنسانية أثناء الاحتجاز، وطالبت السلطات الأمريكية بـ”ضمان كرامة المرحلين” في الرحلات المقبلة.
اعتراضات وتحذيرات داخل واشنطن
على الجانب الأمريكي، لم تُصدر وزارة الأمن الداخلي (DHS) أي بيان رسمي حول الرحلة، فيما نقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي قوله إن العملية “روتينية وتشمل أكثر من جنسية”.
لكن النائبة الأمريكية ذات الأصل الإيراني ياسمين أنصاري انتقدت الخطوة، محذّرة من أن “بعض الأفراد المرحلين قد يواجهون الاضطهاد أو الاعتقال في حال إعادتهم إلى إيران”، مطالبة الكونغرس “بتدقيق ظروف كل حالة قبل تنفيذ الترحيل”.
رحلة سابقة ومزاعم سوء معاملة
تُعدّ هذه الرحلة الثانية من نوعها، بعد أولى الرحلات في سبتمبر الماضي التي انطلقت عبر الدوحة، قطر، وأعادت 45 شخصاً إلى إيران.
وأكد ثمانية من المرحلين في تلك الرحلة أنهم رفضوا مغادرة الولايات المتحدة مخافة الملاحقة السياسية، مدّعين أنهم تعرّضوا للضرب والإجبار على الصعود إلى الطائرة، بينما نفت كل من واشنطن والدوحة هذه الاتهامات مؤكدة أن جميع المرحلين “تم التعامل معهم وفق القوانين الدولية”.
أبعاد سياسية وإنسانية
تأتي العملية في ظل سياق سياسي معقّد يربط قضايا الهجرة بسياسات الأمن القومي خلال إدارة ترامب الثانية، حيث تتعرض الحكومة الأمريكية لانتقادات من جماعات حقوقية تتهمها بـ”تسييس ملف المهاجرين” واستخدامه كورقة في التفاوض مع إيران.
ويرى مراقبون أن استمرار هذه الرحلات قد يشير إلى انفتاح محدود في القنوات غير الرسمية بين واشنطن وطهران، فيما يظل الجدل قائماً داخل الولايات المتحدة حول مدى قانونية ترحيل من يُحتمل تعرضهم للاضطهاد في بلدانهم الأصلية.




