يستعد العالم لمشاهدة واحد من أضخم الأحداث الثقافية في القرن الحادي والعشرين، حيث تنطلق فعاليات الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر 2025، في احتفالية دولية تستمر ثلاثة أيام متتالية عند سفح أهرامات الجيزة.
ومن المقرر أن يشهد حفل الافتتاح حضور رؤساء دول وزعماء وشخصيات عامة ودولية بارزة، إلى جانب ممثلين عن المؤسسات الثقافية والمنظمات الأثرية العالمية، احتفاءً بافتتاح أكبر متحف أثري في العالم.
الافتتاح الرسمي والجمهور
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، في أغسطس 2025 أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وافق على تحديد موعد افتتاح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر المقبل، بعد أن كان مقرراً في الثالث من يوليو الماضي لكنه تأجل بسبب التطورات الجيوسياسية في المنطقة.
وسيكون الافتتاح الرسمي في الأول من نوفمبر حصرياً لرؤساء الدول والشخصيات الرسمية وكبار المسؤولين الحكوميين والثقافيين والضيوف المميزين. بينما سيبدأ المتحف استقبال الجمهور رسمياً اعتبارًا من الثلاثاء الرابع من نوفمبر 2025، في ذكرى مرور 103 أعوام على اكتشاف مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون.
ولضمان التحضير الأمثل لهذا الحدث الاستثنائي، سيُغلق المتحف مؤقتاً من 15 أكتوبر حتى 3 نوفمبر 2025 لإنجاز الأعمال التنظيمية واللوجستية النهائية.
الدعوات الرسمية ورؤساء الدول
أعلن رئيس الوزراء المصري أن الدعوات الرسمية أُرسلت إلى زعماء العالم وملوكهم وكبار المسؤولين الحكوميين والشخصيات الثقافية البارزة لحضور حفل الافتتاح. وأكد السفير ياسر شعبان، مساعد وزير الخارجية للعلاقات الثقافية، أن الدعوات وُزعت على مختلف دول العالم، وتتم متابعة الملف عبر سفراء مصر في الخارج، بهدف تأمين حضور أكبر عدد من قادة الدول.
وكان الرئيس السيسي قد وجه دعوات شخصية سابقاً لكل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملك الإسباني فيليبي السادس لحضور الافتتاح. كما أشارت التقارير إلى أن الحدث سيشهد حضوراً عالمياً واسعاً من رؤساء الدول والملوك والمسؤولين الثقافيين.
المساحة والتصميم المعماري
يمتد المتحف المصري الكبير على مساحة 480 ألف متر مربع، ما يجعله أكبر من متحف اللوفر بباريس والمتحف البريطاني في لندن مجتمعين. ويقع على بعد كيلومترين فقط من أهرامات الجيزة، وصممته شركة “هينيغان بينغ” الأيرلندية الفائزة في مسابقة دولية تحت إشراف اليونسكو.
واستوحي التصميم المعماري من أشعة الشمس الممتدة من قمم أهرامات الجيزة الثلاثة، لتتلاقى في الشكل المخروطي للمتحف، ليبدو وكأنه “هرم رابع” عصري يمتزج مع الأهرامات القديمة.
وفي ديسمبر 2024، منحت اليونسكو المتحف المصري الكبير جائزة “بري فيرساي” المرموقة، وصنفته واحداً من أجمل سبعة متاحف في العالم لعام 2024، تقديراً لتصميمه المعماري الاستثنائي وانعكاسه للتراث المحلي والكفاءة البيئية.
كنوز المتحف ومجموعة توت عنخ آمون
يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تمثل مختلف العصور الفرعونية، من عصور ما قبل الأسرات حتى العصرين اليوناني والروماني. ولعل أبرز ما يميز المتحف هو عرض المجموعة الكاملة لكنوز الملك توت عنخ آمون، التي تضم أكثر من 5000 قطعة، وهي تُعرض مجتمعة لأول مرة في مكان واحد منذ اكتشاف المقبرة عام 1922.
وخُصصت لكنوز توت عنخ آمون قاعتان ضخمتان بمساحة 7500 متر مربع، يصل طول كل منهما إلى 180 متراً وارتفاعها 16 متراً، تروي قصة الملك الشاب من خلال معروضات تتناول ثلاثة محاور رئيسية: الحياة، الموت، والحياة الآخروية.
وتشمل المعروضات قناع توت عنخ آمون الذهبي الشهير المصنوع من الذهب عيار 23 قيراطاً، والذي كان معروضاً سابقاً في المتحف المصري بالتحرير. كما تضم المجموعة عربات الملك والمجوهرات والتوابيت والتماثيل والأثاث الجنائزي.
تمثال رمسيس الثاني ومتحف المراكب الشمسية
في قاعة المدخل الرئيسي، يستقبل الزوار تمثال ضخم للفرعون رمسيس الثاني بارتفاع 11 متراً ووزن 83 طناً، مصنوع من الجرانيت الأحمر، ويعود تاريخه إلى 3200 عام. نُقل التمثال عام 2018 من موقع مؤقت في هضبة الجيزة إلى موقعه الحالي في المتحف، في عملية تقنية معقدة استغرق التحضير لها سنوات.
كما يضم المتحف متحف مراكب الشمس، حيث يُعرض مركب خوفو الشمسي الذي يبلغ طوله 42 متراً، ويعود تاريخه إلى 4600 عام. نُقل المركب من متحفه السابق بجوار هرم خوفو إلى المتحف المصري الكبير في أغسطس 2021، في عملية استغرقت 10 ساعات باستخدام مركبة ذكية متطورة.
ويُعرض المركب الآن في متحف منفصل مجهز بأحدث أنظمة التحكم في المناخ والإضاءة لضمان حمايته من عوامل الرطوبة والحرارة.