على غرار مشاهد أفلام هوليوود، نجحت وكالة الفضاء الأميركية في تنفيذ تجربة عملية للدفاع الكوكبي من خلال مهمة مركبة “دارت”، التي اصطدمت بكويكب صغير لتغيير مساره وحماية الأرض من تهديدات فضائية محتملة.
تفاصيل مهمة الاصطدام الفضائي
من مركز التحكم في مدينة تورينو الإيطالية، انطلقت إشارة نحو مركبة “دارت” التابعة لوكالة ناسا، لتبدأ رحلتها التاريخية على بعد أكثر من 8 ملايين كيلومتر من الأرض. اصطدمت المركبة بالقمر الكويكبي “ديمورفوس” بهدف تغيير مساره. وقبل الصدمة، أطلقت “دارت” القمر الصناعي المصغر “ليتشيا كيوب” الذي وثّق الحدث لحظة بلحظة.
عند لحظة الاصطدام تحولت الطاقة الحركية إلى انفجار هائل نتج عنه قذف 16 ألف طن تقريباً من الصخور والغبار في الفضاء، أي ما يعادل وزن نحو مائة طائرة جامبو. هذا الحطام شكّل ذيلاً امتد لأيام شبيهاً بمذنب، رغم أن كتلته لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من كتلة “ديمورفوس”.
الكشف عن بنية الكويكب وأهمية الدفاع الكوكبي
أدى الاصطدام إلى تقليص مدار “ديمورفوس” حول “ديديموس” بمقدار 33 دقيقة، وهو نجاح يثبت أن الاصطدام الحركي تقنية فعالة لتغيير مسارات الأجسام الفضائية. القمر الصناعي “ليتشيا كيوب” التقط صوراً بينت وهجاً ساطعاً تحول تدريجياً إلى توهج أخفت، ما كشف عن جسيمات متنوعة داخل السحابة، وذلك وفقًا لموقع Rudebaguette.
أظهرت النماذج الحاسوبية أن الحطام المطرود تجاوز 16 ألف طن، وأن الجزء الكبير منه لم يكن مرئياً. كما تبين أن “ديمورفوس” ليس صخرة صلبة بل “كومة أنقاض” ضعيفة التماسك، وهو ما يفسر تفككه السريع عند الاصطدام. هذه النتيجة أكدت أن كثيراً من الكويكبات القريبة من الأرض قد تكون ذات تركيبة مماثلة.
آفاق المستقبل لحماية الأرض
تجربة ناسا عبر “دارت” أوضحت أن مركبة صغيرة كفيلة بإحداث تغيير كبير في مسار كويكب، وأن الحطام الناتج يمكن أن يعزز هذا الأثر. ورغم أن معظم الكويكبات لا تشكل خطراً مباشراً، فإن احتمالية التدمير الإقليمي تجعل من تقنيات الدفاع الكوكبي أولوية علمية واستراتيجية.
التحدي المستقبلي يتمثل في اختلاف تركيبة الكويكبات، فبينما تنهار الأجسام الركامية بسهولة، قد تمتص الصخور الصلبة الاصطدام دون تغيير ملموس. ويؤكد الباحثون أن كل تجربة تحمل معها مفاجآت جديدة، ما يعني أن الطريق إلى تطوير حلول شاملة للدفاع الكوكبي ما زال مفتوحاً ويحتاج إلى بحوث وتجارب متواصلة.