أثار ظهور دولفين وردي نادر في مياه نهر كالكاسيو بولاية لويزيانا الأمريكية جدلاً علمياً واسعاً وإعجاباً شعبياً كبيراً. يُعتقد أن الدولفين هو ذاته المعروف باسم “بينكي” الذي رُصد لأول مرة في عام 2007، مما يجعل منه أحد أندر الظواهر البحرية المدونة علمياً.
رصد الصياد تورمان غوستين من هيوستن وصديقته الدولفين الاستثناري أثناء صيدهما في منطقة “أولد ريفر باس” بمقاطعة كاميرون، حيث شاهدا دولفينين ورديين يسبحان معاً. وقال غوستين، الذي يمارس الصيد في المنطقة منذ أكثر من 20 عاماً: “لاحظت شيئاً تحت الماء أعرف أنه ليس طبيعياً، أوقفت القارب وظهر هذا الدولفين الوردي الجميل”.
الطبيعة الوراثية لهذا التميز اللوني
يُصنف الدولفين الوردي علمياً كدولفين قاروري الأنف مصاب بالمهق، وهي حالة وراثية نادرة تؤثر على إنتاج الميلانين، الصبغة المسؤولة عن إعطاء اللون الرمادي المعتاد للدلافين. بحسب الدكتور غريغ بارش، عالم الوراثة في معهد هادسون ألفا للتكنولوجيا الحيوية في ألاباما، فإن العيون الحمراء المميزة للدولفين تُعتبر علامة مؤكدة للإصابة بالمهق.
تظهر الأوعية الدموية بوضوح تحت الجلد الشفاف لـ”بينكي”، مما يمنحها لونها الوردي المميز شبيه العلكة الوردية. وتؤكد الدراسات أن الجينات المسؤولة عن المهق في الدلافين هي ذاتها الموجودة في البشر، حيث يمكن للاختبارات الجينية تحديد النوع الدقيق من المهق.
التحديات البقائية للدلافين المصابة بالمهق
تواجه الدلافين المصابة بالمهق تحديات بقائية كبيرة في البيئة البحرية الطبيعية. يسبب نقص الميلانين مشاكل في تطور العينين والشبكية، مما يؤدي إلى ضعف في البصر وصعوبات في إدراك العمق. كما يفتقر هذا النوع من الدلافين إلى الحماية الطبيعية من الأشعة فوق البنفسجية، مما يزيد من حساسيتها لأشعة الشمس ويجعلها أكثر عرضة للإصابات الجلدية.
وفقاً للدراسات العلمية، فإن حوالي 25% فقط من خلايا الشبكية المركزية تعمل بشكل طبيعي في الحيوانات المصابة بالمهق، مع نقص كبير في خلايا الشبكية المسؤولة عن رصد مستويات الضوء. رغم هذه التحديات، تشير الأبحاث إلى أن الدلافين قد تتأقلم بشكل أفضل من الثدييات البرية الأخرى بسبب اعتمادها الكبير على السونار الطبيعي في التنقل والصيد.
تاريخ “بينكي” ونجاحها التناسلي
تم رصد “بينكي” لأول مرة في يونيو 2007 بواسطة قبطان القارب إريك رو من شركة “كالكاسيو تشارتر سيرفس”. خلال السنوات التي تلت، نجح رو في توثيق أكثر من 50 مشاهدة للدولفين، وفي عام 2015 تمكن من تصوير دليل قاطع على كونها أنثى من خلال مشاهدتها أثناء التزاوج.
أثبتت “بينكي” قدرة استثنائية على البقاء والتناسل، حيث أنجبت على الأقل عجلين خلال حياتها. العجل الأول كان رمادي اللون لكنه تعرض لحادثة مع قارب مما أدى إلى اختفائه، بينما نجا العجل الثاني وأصبح جزءاً من القطيع العائلي. في عام 2018، تم رصد دولفينين ورديين يسبحان معاً في القناة الملاحية، مما أثار تكهنات بأن أحدهما قد يكون نسل “بينكي”.
الندرة العلمية والأهمية البحثية
تُعتبر مشاهدات الدلافين المصابة بالمهق نادرة جداً على مستوى العالم. بحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية، تم رصد دولفينين آخرين فقط مصابين بالمهق في خليج المكسيك، أحدهما في عام 1994 والآخر في عام 2003، وكلاهما كان أبيض اللون بالكامل.
منذ عام 1962، تم توثيق 14 حالة فقط من دلافين قارورية الأنف المصابة بالمهق من قبل الجمهور. هذه الندرة الشديدة تجعل من “بينكي” كنزاً علمياً حقيقياً يوفر للباحثين فرصة فريدة لدراسة تأثيرات المهق على السلوك والبقاء في البيئة البحرية.