كشفت صحيفة الغارديان أن الولايات المتحدة أبلغت الحكومة البريطانية هذا الشهر بقرارها تعليق تنفيذ اتفاق تقني مشترك يشمل تعزيز التعاون في الذكاء الاصطناعي والطاقة النووية، وذلك بعد تقييم أمريكي يفيد بأن لندن لم تحقق تقدماً كافياً في خفض الحواجز التجارية كما كانت قد تعهدت في اتفاق تم توقيعه في مايو الماضي.
ونقلت الصحيفة عن شخصين مطلعين على القرار أن المسؤولين الأمريكيين فقدوا الثقة في التزام بريطانيا ببنود اتفاق “الازدهار الاقتصادي”، وهو الإطار الأوسع الذي يفترض أن يمهّد لتفعيل التعاون التقني والعلمي بين البلدين.
خلفية الاتفاق: “زيارة ترامب واتفاق الازدهار التكنولوجي”
في سبتمبر (أيلول) الماضي، سعت حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لاستمالة إدارة الرئيس دونالد ترامب لتفادي فرض رسوم تجارية أميركية جديدة، حيث دُعي ترامب إلى زيارة دولة رسمية من قبل الملك تشارلز الثالث في مسعى لتوطيد العلاقات الاقتصادية.
وخلال الزيارة، وقّع الجانبان ما سُمّي بـ “اتفاق الازدهار التكنولوجي” (Tech Prosperity Agreement)، الذي شمل التعاون في مجالات:
- تطوير الذكاء الاصطناعي الآمن.
- الطاقة النووية المدنية المتقدمة.
- البحث التقني والابتكار.
- دعم الاستثمارات الرقمية المتبادلة.
كما أعلنت شركات تكنولوجيا أمريكية كبرى، مثل أمازون، مايكروسوفت، وغوغل، عن استثمارات تفوق 40 مليار دولار في بريطانيا في مراكز بيانات وتقنيات ذكاء اصطناعي.
واشنطن: “لندن لم تفِ بوعودها”
بحسب مسؤولين أمريكيين تحدثوا للصحيفة، ترى إدارة ترامب أن الحكومة البريطانية لم تبذل جهوداً كافية لترجمة التعهدات الاقتصادية إلى إجراءات عملية، خصوصاً في:
- خفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات الأمريكية.
- تخفيف القيود على صادرات الغذاء والزراعة.
- إعادة النظر في ضريبة الخدمات الرقمية التي تستهدف شركات أميركية كبرى.
وقال أحد المصادر إن هذه الخطوة تمثل “استخدام السياسة التجارية أداة ضغط لتحقيق تنازلات اقتصادية”، مشيراً إلى أن واشنطن أبقت ملفات مشابهة مفتوحة مع دول أخرى رغم إعلانها في السابق “انتهاء المفاوضات”.
بنود فضفاضة وتباين في الأولويات
أشارت نيويورك تايمز إلى أن بنود الاتفاق البريطاني جاءت فضفاضة في عدة نقاط.
ففي حين تضمّنت التزامات واضحة مثل:
- تقليص الرسوم على السيارات البريطانية المصدّرة إلى الولايات المتحدة ضمن حصص متفق عليها.
- زيادة صادرات لحوم الأبقار الأميركية إلى بريطانيا.
فإنها تركت قضايا حساسة دون تسوية محددة، وأبرزها:
- فتح الأسواق أمام المنتجات الزراعية الأمريكية المعدّلة وراثياً.
- تخفيف معايير السلامة الغذائية الصارمة التي تعارضها لندن حتى الآن.
- إزالة أو تعديل الضرائب الرقمية البريطانية التي ترى واشنطن أنها تستهدف شركات وادي السيليكون.
استمرار الخلاف رغم لغة الشراكة
ورغم صياغة الاتفاق بلغةٍ إيجابية تؤكد “العمل المشترك لتعزيز النفاذ إلى الأسواق الزراعية” و”التفاوض على حزمة طموحة من بنود التجارة الرقمية”، إلا أن الأشهر التالية لم تشهد أي تغييرات جوهرية من جانب لندن، بحسب التقرير.
فبريطانيا لم تُجرِ أي تعديلات على ضريبة الخدمات الرقمية، ولم تُوقّع اتفاقًا جديدًا بشأن استيراد أو تصدير المواد الغذائية الزراعية، ما أدى إلى تجميد واشنطن للتعاون في القطاعات التقنية ذات الحساسية الاستراتيجية.




