أعلنت الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية (SFDA) الموافقة الرسمية على تسجيل دواء “ليكومبي” (Lecanemab) لعلاج مرض ألزهايمر لدى المرضى في مراحله المبكرة. ويُعدّ هذا القرار الأول من نوعه في المملكة، حيث يمثّل أول علاج يركّز على إبطاء تقدم المرض بدلاً من التخفيف المؤقت لأعراضه.
تستهدف جرعات “ليكومبي” البروتينات القشرية بيتا-أميلويد (β-amyloid) في الدماغ، والتي تتجمع على شكل لويحات تسهم في تدهور القدرات الإدراكية. ويُعطى الدواء عن طريق الحقن الوريدي كل أسبوعين، بعد إجراء فحوصات جينية للتأكد من حمل المريض لا أكثر من نسخة واحدة من متغير جين ApoE4 أو خلوّه منه.
تستند موافقة الهيئة إلى نتائج دراسات سريرية أظهرت أن “ليكومبي” يقلل معدل التراجع العقلي بمقاييس قياسية معتمدة، مقارنةً بالدواء الوهمي. وشملت الفحوصات تقييم الذاكرة والقدرات التنفيذية والمهارات اليومية، وقد حقق الدواء نتائج مهمّة في المراحل المبكرة للمرض.
متطلبات وقائية وإشراف صارم
ألزم قرار الهيئة المُصنّع بتقديم خطة لإدارة المخاطر تتضمن:
- إجراء فحوصات تصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) دورية للكشف عن أي اعتلالات مرتبطة بالعلاج مثل التورم الدماغي أو النزف الدقيق (ARIA).
- تقديم تقارير دورية للهيئة حول سلامة وفعالية الدواء بعد طرحه في السوق.
- إلزام الأطباء بإرشادات دقيقة للفحص الجيني والسريري قبل بدء العلاج.
وقد أشارت الهيئة في بيانها إلى أن اشتراطات السلامة تهدف إلى ضمان تقديم العلاج بأعلى معايير الرعاية وضمان متابعة دقيقة لحالة المرضى طوال فترة العلاج.
أبعاد اقتصادية وصحية
يأتي اعتماد “ليكومبي” في إطار رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى توطين التقنيات الطبية المتقدمة وتوسيع الخدمات الصحية المتخصصة. ويُتوقع أن يفتح الدواء مجال التنافس في سوق العلاجات البيولوجية، كما يرفع من مستوى الرعاية المقدمة لمرضى ألزهايمر الذين يشكلون تحدياً صحياً عالمياً متزايد الأهمية.
وتشير تقديرات دولية إلى أن عدد المصابين بألزهايمر يتجاوز 50 مليون شخص عالميّاً، وقد يصل إلى أكثر من 150 مليوناً بحلول عام 2050، ما يبرز الحاجة إلى علاجات فعّالة في المراحل المبكرة للمرض.
تعليقات الخبراء
قالت الدكتورة نورة السبيعي، استشارية الطب العصبي في مستشفى الملك فيصل التخصصي، إن “الموافقة على “ليكومبي” تشكل خطوة نوعية في علاج ألزهايمر بالمملكة، وستسهم في تحسين جودة حياة المرضى وأسرهم عند توفر معايير الإنذار المبكر والفحص الجيني”.
وأوضح الدكتور خالد العنزي، أستاذ علم الأعصاب بجامعة الملك سعود، أن “التحدي يكمن في الانتشار الواسع للفحص الجيني والقدرة على تغطية التكاليف، لكنّ شروط الهيئة تحفّز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لضمان وصول العلاج لمن يحتاجه”.
خارطة الطريق المستقبلية
يمثل تسجيل “ليكومبي” بداية لمرحلة جديدة في رعاية مرضى ألزهايمر في المملكة. وتعكف الهيئة حالياً على متابعة تقارير ما بعد التسويق، وتقييم بيانات الأمان والفعالية لتوسيع نطاق العلاج أو تعديل بروتوكولات الاستخدام حسب الحاجة.
كما تعمل الجهات الصحية على تدريب الكوادر الطبية والفنية على بروتوكولات الفحص الجيني والتصوير الناظم، تمهيداً لإدراج “ليكومبي” ضمن برامج التغطية التأمينية الرسمية ضمن الخطط التكميلية لمعالجة ألزهايمر.
يمثل الاعتماد الرسمي لهذا الدواء علامة فارقة في تاريخ الرعاية الصحية بالمملكة. إذ يفتح آفاقاً جديدة نحو علاج بيولوجي دقيق يعتمد على معطيات جينية وشخصية للمريض، ويعكس حرص المملكة على تبني أحدث الابتكارات الدوائية لعلاج الأمراض المزمنة والمعقدة.