يسعى العراق جاهدا إلى حصر السلاح المنفلت بيد الدولة لاسيما وأن الميليشيات العراقية المرتبطة بإيران تنتشر انتشارا كبيرا في الشارع وتقوم بعمليات أمنية خارج نطاق القانون وهذه الميليشيات تُعد من أبرز الفاعلين والمؤثرين في المشهد الأمني والسياسي في العراق، مع حضور واسع في الشارع العراقي وداخل مؤسسات الدولة، وتخصص في نشر السلاح خارج سلطة الحكومة رغم الجهود الأخيرة لحصر السلاح بيد الدولة.
النفوذ الإيراني في العراق عبر الميليشيات
بدأ نفوذ إيران في العراق بقوة بعد 2003، مستغلة الفراغ الأمني والسياسي، وساهمت في تأسيس ميليشيات محلية تمثل أذرعًا مباشرة لها، أبرزها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وسرايا الخراساني وفصائل أخرى منضوية تحت الحشد الشعبي. وحصلت هذه الجماعات على تمويل ودعم عسكري من إيران، واستفادت من المواجهات مع داعش لتثبت أقدامها وتوسع تسليحها ونفوذها حتى صارت أقوى أحيانًا من الأجهزة الرسمية العراقية، بل امتلكت حضورًا في العملية السياسية عبر أجنحة حزبية وتشغيل المكاتب السياسية والإعلامية المرتبطة بها، وبصورة أو بأخرى ترفض تسليم أسلحتها أو الانضمام للقوى الامنية الرسمية
الانتشار في الشارع العراقي ودور الحشد المدني
تشكل هذه الميليشيات كتلة أمنية وسياسية لها وجود ظاهر في أغلب شوارع بغداد والمحافظات الجنوبية، عبر انتشار الحواجز والمقار العسكرية، ونقاط التفتيش غير الرسمية، فضلاً عن قدرتها على حشد عناصر مدنية ضمن ما يُسمى بـ”الحشد المدني” لأغراض استخبارية واستقطاب ولاءات جديدة وخدمة أجندتها الثقافية والتنظيمية. إضافة إلى ذلك، برزت جماعات جديدة كـ”ربع الله” و”أبناء المهندس” و”ولد الشايب”، تقود عمليات مراقبة وترهيب مستهدفة نشطاء وصحفيين ومكاتب سياسية وتجارية مخالفة لتوجه المحور الإيراني.
العلاقة مع الدولة وملف السلاح
وذكر بيان لوزارة الداخلية تلقته وكالة الانباء العراقية (واع)، أن “وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، ترأس اجتماعًا بحضور قادة الوزارة وعدد من الضباط، للاستماع إلى إيجاز شهر آب الماضي لمعرفة نسب إرتفاع وانخفاض الحوادث في بغداد والمحافظات”.
وأكد الوزير، بحسب البيان، على “ضرورة أن يعمل قادة الشرطة بشكل ميداني للوقوف على أدق التفاصيل في جميع الحوادث”، مشددًا على “الاستثمار الأمثل للموارد البشرية وتوظيفها لخدمة العمل الأمني.” وأكد “المضي بعملية حصر السلاح بيد الدولة”، موجهًا “بتكريم المحافظات المتميزة في هذا المجال”. ورغم تصريحات الجهات الرسمية ومنها وزارة الداخلية عن تكثيف جهود حصر السلاح بيد الدولة، ما زالت الميليشيات تحتفظ بأسلحتها الثقيلة والمتوسطة وتسيطر على جانب من الأمن المحلي في مناطق انتشارها، ما يصعّب مواجهة انتهاكاتها بحق المدنيين وإخضاعها للقانون. الميليشيات تعترض بشكل صريح أحيانًا على قرارات الحكومة، وأدت في سنوات سابقة هجمات على المصالح الأمريكية والغربية داخل العراق، في محاولات لإبقاء ملف السلاح غير قابل للنقاش الجاد على المستوى التشريعي والتنفيذي.
تغيرات في ولاء بعض الفصائل
تشير تقارير حديثة إلى أن بعض الفصائل العراقية بدأت تعيد حساباتها وتسعى لمكاسب داخلية بعيدًا عن المواجهة المباشرة مع إيران، خصوصًا بعد الضغط الدولي والأمريكي المتزايد، وأزمات تراجع الدعم الشعبي لخطاب الفصائل المسلحة، مع استمرار تمسك أغلبية الفصائل الأساسية بأجندات الحرس الثوري الإيراني وأهدافه الإقليمية.
في المجمل، تنتشر الميليشيات المرتبطة بإيران في الشوارع والمناصب وتتحكم جزئيًا في القرار الأمني والسياسي، بينما يبقى ملف حصر السلاح والتصدي لانتهاكاتها أحد تحديات الدولة العراقية في مسار استعادة سيادة القانون وسيطرة مؤسساتها الرسمية