أعلنت القيادة الجنوبية الأمريكية (U.S. Southern Command)، أنها نفذت غارات جوية على ثلاث سفن في المياه الدولية شرق المحيط الهادئ، ما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص، في أحدث تصعيد ضمن العملية العسكرية التي أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمكافحة تهريب المخدرات من أمريكا اللاتينية.
وقالت القيادة في بيان نشرته على منصة “إكس” إن المعلومات الاستخباراتية أكدت أن السفن المستهدفة كانت تسلك ممرات معروفة لتهريب المخدرات، وإنها كانت “متورطة بشكل مباشر في أنشطة تهريب واسعة النطاق” تمتد عبر شرق المحيط الهادئ باتجاه الساحل الغربي للولايات المتحدة.
حملة واسعة
تشكل هذه الغارات جزءًا من عملية عسكرية موسعة تنفذها واشنطن في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي قرب فنزويلا، والتي شملت حتى الآن أكثر من 20 سفينة.
وأسفرت الضربات منذ بدايتها عن مقتل ما لا يقل عن 90 شخصًا يُشتبه في تورطهم بتهريب المخدرات، وفق مصادر عسكرية أمريكية.
وتُعد هذه العمليات أوسع تحرك بحري أمريكي ضد شبكات التهريب منذ الثمانينيات، وتشهد مشاركة وحدات من سلاح الجو والبحرية وخفر السواحل الأمريكي بتنسيق مباشر بين وزارتي الدفاع والأمن الداخلي.
تحول استراتيجي في أسلوب المواجهة
يرى مراقبون أن استخدام الجيش الأمريكي لضرب سفن مدنية مشتبه بها يمثل تحولًا جذريًا في النهج التقليدي المتبع سابقًا، إذ كانت الولايات المتحدة تكتفي بالاعتراض والمصادرة أو التنسيق مع حكومات المنطقة لإجراء توقيفات.
ويقول محللون إن التحوّل من الجهود الشرطية إلى العسكرية المباشرة قد يثير جدلاً حول قانونية استخدام القوة المميتة خارج مناطق النزاع التقليدية.
البنتاغون يدافع: “العمليات قانونية ومبررة”
وفي مواجهة الانتقادات، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية كينغسلي ويلسون أن العمليات “تتفق مع القانونين الأمريكي والدولي”، موضحًا أن جميع الإجراءات تخضع لقواعد صارمة تتماشى مع قانون النزاعات المسلحة.
وأضاف: “عملياتنا تستهدف شبكات تهريب تستخدم البحر كمنصة لنقل المواد المخدرة وتمويل الجماعات المسلحة. هذه تهديدات مباشرة للأمن القومي الأمريكي.”
انتقادات قانونية وحقوقية
عدد من الخبراء القانونيين وصفوا الضربات بأنها عمليات قتل خارج نطاق القضاء، معربين عن مخاوف من غياب الشفافية والمساءلة بشأن معايير تحديد الأهداف.
وأشاروا إلى أن مكان وقوع الغارات — وهو المياه الدولية شرق المحيط الهادئ — يجعل المسألة أكثر تعقيدًا من الناحية القانونية، خاصة في ظل عدم وجود تفويض من مجلس الأمن الدولي أو طلب رسمي من دولة متضررة.
خلفية: حملة “الأفق النظيف” لمكافحة التهريب البحري
تأتي هذه الضربات في إطار مبادرة عسكرية أوسع أطلقها الرئيس دونالد ترامب مطلع عام 2025 تحت اسم “الأفق النظيف” (Operation Clear Horizon)، بهدف قطع خطوط تمويل عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية، التي تعتبرها واشنطن مصدرًا رئيسيًا لتهديد أمنها الداخلي.
وتشير بيانات القيادة الجنوبية إلى أن ما يقرب من 70% من واردات الكوكايين والميثامفيتامين إلى الولايات المتحدة يتم تهريبها عبر البحر من كولومبيا وفنزويلا والمكسيك.




